حينما سقطت مباني جامعة الرباط الوطني اضطر وزير الداخلية الفريق عبدالرحيم محمد حسين لتقديم استقالته.. ووقتها تم تكوين لجنة لم تبرز نتائجها لعامة الجمهور.. لكن قياديًا كبيرًا وصف الاستقالة بأنها مجرد استراحة محارب.. بعد أشهر عاد الفريق عبدالرحيم يتقلب في المناصب ما بين وزير ووالٍ إلى يوم الناس هذا.. وزير الصناعة الأسبق عبدالوهاب عثمان قدم استقالته حينما فشل في افتتاح مصنع سكر النيل الأبيض في موعده المعلوم .. الوزيراكتشف أن وزارته اشترت المصنع ونسيت الشفرة عند الأمريكان .. لكن القيادة رفضت الاستقالة حتى في بند استراحة محارب.
قبل أسبوعين سقط سُوَر مدرسة على رؤوس تسع تلميذات .. تم إعلان مقتل ثلاث منهن.. في ضاحية الكلاكلة كاد تلميذ نجيب يقضي نحبه بعد أن لسعته الكهرباء والتي اتقدت بسبب الأمطار.. مدارس أخرى كان حظ طلابها أفضل حيث تهدمت في غير أوقات الدوام الرسمي.. هذا الواقع المزري كافٍ لاستقالة كل الحكومة.. لكن في بلدنا هذا رفض وزير التربية الاستقالة بحجة التفرغ لمعالجة المشكلات القادمة.. لكن المؤلم أن الوزير كشف أن هنالك مئات من المدارس العشوائية وأنه جاء ووجدها تعمل ومازل بعضها يقبل التلاميذ.
لم أكن أتوقع استقالة الوزير بل لم استبعد أن تتم ترقيته إلى منصب أرفع بعد أن تعرض لهجوم من الصحافة والمجلس التشريعي.. ليس في توقع الترفيع مبالغة.. كل الذين ارتكبوا أخطاءً كارثية في حق الإنسان السوداني سموا في المناصب.. قبل أيام هددت حركات مسلحة بالعودة لحمل السلاح إن لم يتم ترشيح البشير لدورة جديدة.. هذا يعني أن الذين قتلوا الآلاف المدنيين في دارفور وغيرها صار لهم صوت محترم في الخرطوم.. حتى غيرهم من الساسة الذين أوردوا بلادنا المهالك يتخيرون المناصب بعد أن أدركوا قواعد اللعبة.
ربما يكون حساب السياسة معقد في إصابة النجاح والفشل.. منذ أشهر وبلادنا تعيش أوضاعًا اقتصادية مأزومة .. صفوف في الوقود تقرن نهارها بليلها في محطات بيع الوقود.. منذ أيام وصلت الندرة لرغيف الخبز.. حتى اللبن الطازج ارتفعت أسعاره .. من يريد أن يتصدق على الفقراء والمساكين تمنعه المصارف من ذلك بفرض قيود على حركة السيولة.. إزاء كل ذلك الفشل هل تقدم أحد أعضاء الفريق الاقتصادي باستقالته .. فقط يكتبون لنا روشتة الصبر حتى يزول الابتلاء وينجلي كيد المتربصين.
في تقديري أن مجرد التماس استقالة الوزير يندرج في باب توسم الخير في من لا رجاء فيه.. لن يستقيل الدكتور فرح مصطفى الذي كان وزيرًا مركزيًا وحينما ازدحمت الصفوف الأمامية قبل بمنصب وزير ولائي.. كل رجائنا من السيد الوزير أن ينعم بكل خيرات المنصب العام.. فقط نطلب منه قائمة بأسماء المدارس العشوائية حتى نختار التضحية بأبنائنا عن بينة.. نضع إعلانًا تحذيريًا مثل الذي يوضع عند منعطفات الطرق" فضلًا أمامك مدرسة عشوائية".. رغم أن هذه الخدمة يسيرة ومستحقة لكن لن تتحرك وزارة التربية في مسار الشفافية.
بصراحة.. نحن نسير عكس عجلة التاريخ.. رغم كل شواهد أننا نمضي في الاتجاه الخاطيء إلا أننا في شغل شاغل.. الربيع الإفريقي يدق الأبواب في أثيوبيا والكونغو وجنوب أفريقيا وربما جنوب السودان ونحن نرقص مع كبشور كوكو.
assayha
العنوان
الكاتب
Date
عفوا أمامك مدرسة عشوائية..!! بقلم عبد الباقي الظافر
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة