قبل أشهر زار قيادي من الحزب الحاكم مولانا الميرغني في مقر إقامته بقاهرة المعز.. كانت من بعض أهداف الزيارة تحسس الحالة الصحية لرئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي بعد أن تكاثر الهمس بأن الرجل لم يعد في كام إدراكه.. لكن مولانا فاجأ ضيوفه بأن باعهم البضاعة التي يرجون تسويقها.. تحدث مولانا بحماس عن ضرورة التجديد لرئيس الجمهورية في دورة جديدة.. بل قدم مولانا اجتهادًا فقهيا حينما ذكّر الحضور أن فكرة تحديد الدورات الرئاسية ليست من الإسلام.. واستدل في ذلك بتفاوت فترات حكم الخلفاء الراشدين والتي امتدت آجال بعضها الى حين مفارقة الحياة الدنيا. أمس الأول أصدر تاج السر الميرغني بيانًا من ألمانيا .. قبل الدخول في ثنايا التصريح حري بِنَا تقديم الرجل باعتباره ابن عّم مرشد الختمية وصهر مساعد رئيس الجمهورية الحسن الميرغني.. وكان مشرفًا للحزب الاتحادي على مناطق البحر الأحمر .. للحقيقة أن للرجل مواقف ضد الشمولية وهو من حداة الإصلاح في حزبه ويعتبر أحد رموز مجموعة أم دوم المعادية لخط التقارب مع الحكومة.. بيان الحسيب النسيب دعا لسد المنافذ أمام الإسلاميين الهاربين من سفينة الإنقاذ الغارقة واستخدم مولانا كلمة الفئران لوصف هؤلاء. بالطبع علينا أن نتحفظ على الوصف غير اللائق بحق مجموعة سياسية مهما بلغ الاختلاف.. الانحدار بالخطاب السياسي لا يدل على صحة الكيان السياسي العام في السودان.. لكن علينا أن نقوم بفحص مواقف التيار الإصلاحي في الحركة الإسلامية أو حتى المؤتمر الوطني.. هنالك الآن قيادات بارزة أفصحت عن موقف معارض للتجديد للرئيس البشير .. وهذا لم يتوفر لمعظم المجموعات الاتحادية التي تختلف في كل شيء وتتفق على دور السيد محمد عثمان الميرغني والذي اقترب من تمام نصف قرن من الزمان في خانة الرئيس. أي تلويح بتخوين جماعي أو عزل سياسي لفصيل في حجم الحركة الاسلامية ربما يعرقل التحول الديمقراطي ويبطئ من الإصلاح السياسي داخل أروقة الحزب الحاكم .. بل أن في هذا المنهج تحفيزًا للمجموعة القابضة على مفاصل الأمر والنهي في الحكومة.. الإحساس بالاستهداف الجماعي يمنح هذه المجموعة مبررًا للاستماتة في القتال ذودًا عن العرش.. ويمكن في هذه الحالة تحشيد جموع الإسلاميين لتحقيق ذاك الغرض. في تقديري ترتكب بعض أطراف المعارضة خطًأ فادحًا في التعامل مع الحركة الإسلامية ككتلة صماء.. أغلب الإسلاميين الآن يجلسون على الرصيف.. بل أن بعضهم لو لا خطاب الاستعداء الجماعي لكانوا في الصفوف الأمامية في مجابهة القتال.. بل من المهم ومن أجل المستقبل استيعاب الأغلبية الصامتة في ترتيبات ما بعد الإنقاذ.. هذا لا يعني التغافل أو تجاهل الجرائم التي ارتكبت في حق المواطن السوداني طوال مسيرة حكم الإنقاذ .. حينما التعامل مع الجرائم او المخالفات لا ينبغي التركيز على البطاقة السياسية. بصراحة.. لو أرادت المعارضة صناعة تحول ديمقراطي حقيقي، لسلكت دروب التسامح وصنعت قوارب نجاة للإنقاذيين.. كل الذين صنعوا التغيير الإيجابي في التاريخ كانت لهم القدرة للتسامي فوق الجراح.
assayha
العنوان
الكاتب
Date
توفير قوارب نجاة للإنقاذيين ..!! بقلم عبد الباقي الظافر
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة