تنص المادة الثامنة عشر من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في فقرتها الرابعة على الآتي: (تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد باحترام حرية الآباء، أو الأوصياء عند وجودهم، في تأمين تربية أولادهم دينيا وخلقيا وفقا لقناعاتهم الخاصة).
تعتبر هذه المادة انتكاسة كبيرة في الاقرار الدولي بالحرية الانسانية وبحق الطفل في الا ينشأ تحت ضغط ذهني يستلب حقه في عقل قادر على النقد والتحليل المستقبلي لكل ما هو معروض من معتقدات ومفاهيم ليتخير منها بارادته الكاملة وبعد دراسته بحرية كاملة ما يراه مناسبا. لا أعرف كيف مثلا نعطي الأب حق تلويث عقل الطفل بفكر نازي او داعشي أو عنصري ، ونقول بأن ذلك حماية لحق الاب.. في الواقع ان الحق في خلو الذهن هو حق يحمي مصلحة الطفل وليس مصلحة الأب ، وأن المجتمع الدولي يجب ان يحمي عدم ضخ اي معتقدات في عقل الطفل بحيث ينشأ في حالة صدام مع جميع المجتمعات المخالفة له . ان خلو ذهن الطفل من المعتقدات هو حماية لحرية ارادة الطفل المستقبلية التي لن تتأثر بأي تنشأة قمعية تستلب الرؤية الواضحة عندما يصبح بالغا راشدا ، ان حماية الطفل هي حماية للانسان وحماية للمجتمع الانساني ، فمن المفترض -وفي أدنى الفروض- أن يتم تدريس المعتقدات كحقائق نسبية ، وان يتم ذلك بتدريس نظامي يوفر الأطر العامة لكل عقيدة وفلسفتها ، حتى اذا وصل الانسان مرحلة النضج الكافي اختار منها ما يشاء او لا يختر منها شيئا ... للأسف نحن نشاهد تربية دينية خطيرة جدا ليس على الطفل فقط بل حتى على الانسانية جمعاء بل هي تربية ضد كل مكتسباتنا الانسانية كالديموقراطية وحرية التعبير والمساواة امام القانون والعدالة وحظر العنف ضد المرأة والطفل وتجريم الاسترقاق والاستعباد.... الخ... هناك عقائد تعمل ضد كل هذه المكتسبات الانسانية التي شكلت مجتمعاتنا الحديثة ، عندما تؤدي التربية العقيدية الى اخضاع الطفل لغسيل دماغ يستمر لسنوات طويلة حتى مرحلة البلوغ . فلا يتمتع بعدها بمكنة النقد المنطقي ولا لاختيار بإرادة حرة ووعي كاف . ان الشيء الوحيد المطلوب هو تربية الطفل على القيم الأخلاقية الانسانية المجردة والتي انتجها تطورنا البشري العالمي ، لأنها اسس حراكنا المستقبلي وصيرورة تطورنا وحماية انفسنا وكوكبنا من الانهيار.
العنوان
الكاتب
Date
نحو حماية حق الطفل في الخلو الذهني من المعتقد بقلم د.أمل الكردفاني
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
أمل الكردفاني
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست