(5) لقد حز في نفسي و غصَّ في كبدي ككل مرة و تقهقرت بي الذاكرة زهاء ثلاثين سنة عندما زارنا في أرياف الجزيرة و فد رفيع من نظرائنا الفلاحين من مروج براري كندا الخضراء . سلكوا إلينا طريق الخرطوم -مدني . و قد ذهل هؤلاء حقاً لما تجمع أمام ناظرهم من كل الأضاد؛ و هم يشاهدون سليل الفراديس/ النيل العظيم يشق عباب الوهاد وعلى ضفتيه جيف و رمم لبهائم نافقة من الجوع والعطش . توقع هؤلاء الواهمون أن يعثروا على آثار لحضارة كوش و السلطنة البرقاء؛ تكنن ربما شيدت على أطلالها طفرة عمرانية يناطح هامات السحاب؛ و لعلهم منوا النفسبغابات من جنان شِعْبِ بَوُان ، بحيث لو سار فيها نبي الله سليمان ، لسار فيها بِتُرْجُمانَ. تكون ملأى بعناقيد الفاكهة المدارية تحملها قنوان دانية قطوفها على جانبي الطريق. لكنهم صدموا و عادوا أدراجهم محبطين. حالهم حال كل زائر لبلدنا من بلاد عرفت كيف تكرم الضيف على طريقتها الخاصة و كيف تحتحت جيوبه بمحض رضاه، و لو كانت واقعة على مقربة منا في عز فيافي الربع الخالي.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة