· ماذا يستطيع المدافعون عن أن يقولوا في دفوعاتهم بعد حديث هاتين الشخصيتين عن الحرامية و عن الفساد..؟
· الفساد كلمة شاملة تبدأ من أصغر تلميذ يغش في الامتحانات.. و تستمر لتشمل موظفاً مرتشٍ و مجرماً يزوِّر التوقيع على الشيكات.. و حكومة تزوِّر الانتخابات، و تكبر الكلمة.. و تتسع لتشمل العصابات التي تسرق السلطة.. و من خلالها تسرق امكانات و مقدرات الدولة بأكملها..
· إذا أطلقنا كلمة فساد دون تحديد نوعه، نكون قللنا حجم الواقعة أو برنا حجمها بما يحدث ارباكاً في ذهن المتلقي..
· سألت نفسي:- عما إذا كان بالإمكان اطلاق كلمة فساد على ما نعيشه في السودان من اعوجاج حاد في أخلاق الممسكين بمقود القيادة.. و من الخراب العام في مؤسسات الدولة.. و من فساد موظفين، صغارهم و كبارهم.. و الكل يمارس طقوس أكل المال الحرام، و هي ( عقيدة) ملوك زمن السودان الاغبر. الكل يمارسها أمام الملأ، دون حياء!
· و سألت نفسي عما إذا كان بإمكاننا أن ننعت الذين يحكموننا، غصباً عنا، بأنهم فاسدون، فحسب.. و خلصتُ إلى أن أفعالهم و إسقاطاتها على السودان أمر أشد خطراً على وجود السودان من أن يقترن بالفساد فقط، على علات الفساد بالمعيار المعروف عن الفساد.. و التي تعني حدوث واقعة تلاعب محدودة بغرض الكسب الشخصي أو الجماعي.. في بيئة عمل نظيفة يندر حدوث ذلك التلاعب فيها..
· إن أي حديث عن فساد في مؤسسة ما، يعني عدم شموليته في تلك المؤسسة.. و أن الفساد شاذ فيها و ليس قاعدة لتسيير عمل المؤسسة..
· و متى أصبح الفساد ( حالة) سرطانية في أي بيئة عمل نظيفة، سَهُل استئصاله، أما إذا تواجد في بيئة أعمال موبوءة بالموبقات، كما هو الحال في السودان، صار ( ظاهرة) من الصعب استئصاله إلا بالبتر. . لأن الظاهرة تكون حينئذٍ ( خربانة من كبارا!)
· و الفساد، في السودان، لم يعد فساداً بالمعنى المفهوم، بل صار اكبر عملية نهب مسلح في العالم! حيث تقوم به الحكومة تحت حراسة الميليشيات و الجيش و الشرطة و الأمن.. و ترتكب من جرائم نهب الممتلكات و بيع أراضي الدولة بما يجعل وصف أفعالها بأنها أكبر جرائم نهب مسلح عرفها التاريخ الحديث،
· و لا تخشى حكومة البشير العقاب، طالما أمَّن متنفذوها أنفسهم من أي ملاحقة بوضع الحصانات للحؤول دون سريان أحكام القانون على مرتكبي الجرائم من المتنفذين...
· إن نظام البشير نظام مؤسس على ( التمكين) للسلب و النهب و احتكار الأصول العامة و الخاصة.. و حول ذلك تداولت الأسافير تصريحاً مباشراً للعميد/ صلاح كرار و تصريحاً آخر، غير مباشر، من الفريق/ عبدالرحيم محمد حسين، و كلا الرجلين شاركا في انقلاب 30/6/1989..
· و كلا الرجلين يؤكدان، تصريحاً و تلميحاً، أن نظام البشير نظام حرامية.. و نسمع أحدهما يعلن للناس جميعاً عن جرائم الانقاذ، بينما الآخر يتحدث عن الجرائم سراً.. ( قالوا بسويها و داسيها!)
· صحى ضمير العميد/ صلاح كرار فطالب بتنحي المشير/ البشير من سدة الرئاسة و أعلن: " الظروف التي صنعناها في ٢٨ عاماً من الحكم الفاسد ليعمل وهو ليبلغ سن المدرسة بعد، وكل من يقتات من براميل الزبالة ونحن نأكل من أفخم المطاعم ونركب الفارهات وموائد الحفلات الرسمية والرئاسية تكب بقاياها في براميل الزبالة ليأكلها هؤلاء المساكين"..
· و صحوة الضمير جعلته يعترف قائلاً: " نعم (الكيزان حرامية) وانا قطعا منهم لأنني واحد من الذين هيئوا لهم المسرح واوصلوهم الي خزائن المال العام بغض النظر عن المبررات التي قد تساق لتبرير ذلك".
· إنها صحوة ضمير و توبة نقدِّرها، حق قدرها، للعميد صلاح كرار.. و نشكره عليها..
· لكن ما هي الظروف التي ( هيأوها) و أوصلت الحرامية الي خزائن المال العام- كما قال؟!
· إنها مؤسسات القمع و الارهاب، على اختلاف مسمياتها و مهماتها ( القتالية) الشرسة في مواجهة المواطنين الذين يحاولون الوقوف ضد نهب المال العام.. بعد أن تم تحويل القوات المسلحة و الأمن و الشرطة إلى مؤسسات ( رجال آلية/ روبوتات) يحركها النظام عند أي شعور بالخطر على وجوده و ضياع ثروته المغتصبة لتعتقل أو تقتل أي معارض..
· و في مقابل صحوة ضمير العميد/ صلاح كرار، شيَّع الفريق/ عبدالرحيم محمد حسين ضميرَه إلى مثواه الأخير، مؤكداً حقيقة النهب الحكومي المسلح يومَ قال لأحد أقاربه" إننا نعلم الفساد ونعرفه جيداً، بل نعيش وسط الفساد، و لا يمكن أن نحاربه، لأننا بذلك نحارب أنفسنا ونحارب حكومة الانقاذ!!"
· تأملوا ما جاء في جملة: " و لا يمكن أن نحاربه لأننا بذلك نحارب أنفسنا ونحارب حكومة الانقاذ!!" تأملوا اقتران حكومة الانقاذ بالفساد الذي يعيش في وسطه الفريق/ عبدالرحيم.. و غيره من المسلطين على رقابنا..
· أيها الناس، كان ضمير صلاح كرار في غرفة الانعاش، بين يدي الغفور الرحيم، و تعافى، فتاب صلاح، نتمنى أن تكون توبته توبة نصوحة بإذن الله.. و لا تثريب عليه إلا من أصحاب الحق الخاص..
· أما ضمير عبدالرحيم محمد حسين، فقد مات و شبع موتاً و لا راد لقضاء الله سبحانه و تعالى..
· أيها الناس، إن نظام البشير هو النهب المسلح بالميليشيات مدججة الأسلحة الفتاكة.. و لا يوجد في السودان من يحاسبه، لأنه تحت حماية كل تلك المدافع و سيارات الدفع الرباعي و الدبابات و الطائرات و الأسلحة الكيماوية.. و لأن السلطة التشريعية في جيبه.. بينما السلطة القضائية عاطلة عن محاسبته لأنها ، حتى و إن كانت نزيهةً، تحتاج إلى من يقدم المتهم إليها للمحاسبة.. و النيابة لا تستطيع تقديم ( المحصنين) إلى القضاء لأن الحكومة لا تسمح للنيابة أن تفعل ذلك..
· و سؤال قائم أيها السودانيون، هل نترك الحساب ليوم الحساب أم علينا أن نغيِّر المنكر بأيدينا قبل يوم الحساب؟!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة