الـملحمـة النوبية بقلم البروفيسور عبدالرحمن إبراهيم محمد

الأخ هارون مكي النوبي وكل من تداخل بأى أسماء أخرى

لقد وعدتك من قبل ولم أنسى، بأننى سوف أعطيك نماذج محددة لإسهام المثقفين النوبيين فى مجتمعاتهم والعناية بأهلهم وأجيالهم الصغيرة، رغم حرب النظام الممنهج ضدهم. لأنهم مهما بلغوا من مكانة فإنهم لا ينسون أصحاب الفضل عليهم. ولا أعتقد أن هناك إنسان ينكر إسهامهم فى العناية المادية أو الرعاية الصحية لأهلهم من مداخيلهم وإن قلت.

ولكننى أريد هنا أن أنبه إلى خطورة المنطق الذى غمرتم به بداية هذا الموضوع. لأنك إن لم تكن أو تكونوا فى جانب النظام فإنكم تأدون للنظام خدمة لا يمكن أن يقدر عليها. وهى تفتيت ثقة النوبيين فى بعضهم البعض، ودق إسفين فرقة بين المتعلمين وأهلهم، مع تبخيس متعمد لعطائهم الفكرى والإلتزام الجميل بحب الأهل والارض. فمن هم المثقفون الذين جرحتم وأسأتم إليهم؟ فجعلتم منهم ضحايا مرتين بعد أن كانوا ضحايا لهذا النظام الفاسد الذى طاردهم فى لقمة عيشهم وحرم عليهم حتى توفير القليل لأهلهم فى حرب مسعورة وحملة لا هوادة فيها بالفصل بدعوى "الصالح العام". فكم من واحد منهم فصل من عمله بعد أن أعلن النظام الحرب على النوبيين منذ بداياته بإختيار ضحية بريئة من خيرة شبابهم وقام بإعدامه! هل تذكرون الشهيد مجدى محجوب محمد أحمد؟ الذى أعدم فى مال ورثه للمرحوم والدهم، فلفقوا ضده تهمة الإتجار بالعملة، وقتلوه

وصرح أحد المصروعين الذين إنتقم الله منه بأنهم "ما شين نعدمه ما شين نعدمه عشان الرطانة الشيوعيين ديل يعرفوا الله واحد". ولم يكن مجدى شيوعيا ولاعلاقه له بالسياسة، ولكنها النكاية بالنوبيين. ولما أخبروهم بأنه إبن أخ وزير الخارجية المثقف العالمى جمال محمد أحمد، قال لهم ذلك الدعى الهالك: "وكدة أحسن عشان الرطانة يعرفوا إنو ما عندنا كبير أكبر من الثورة!" شفت الحقد قدر شنو؟