الـملحمـة النوبية بقلم البروفيسور عبدالرحمن إبراهيم محمد

ولو قام ترهاقا من قبره وشاهد أحوال النوبة اليوم حيث الشتات والتشرد في بقاع الأرض ، وحيث الخلافات والاختلافات ، ثم تلك الصور الباهتة للإنسان النوبي الذي تعود أن يمجد الحضارة النوبية بمجرد الأشعار والأغنيات لأعدم شعراء النوبة وفصحاء الثقافة النوبية ، هؤلاء الضعفــاء الذين يشكلون الشائبة الكبرى في أحوال النوبة اليـوم !!.

يا عقلاء النوبة : شاهدوا ونقبوا في قبور النوبة في الماضي حيث عمق التاريخ . فتلك القبور تتزين برفات النوبة الأبرار .. وهي تحتضن أرض النوبة في بلاد النوبة حيث مرقد العز والفخر بانتظار الميعاد .

ثم أبحثوا ونقبوا عن قبور أبناء النوبة اليوم ،، فتلك رفات النوبة في مقابر الآخرين حيث مقابر الكلاكلات والحاج يوسف ومقابر الشقيلاب والمرخيات ومقابر العاصمة المثلثة ، ومقابر المدن السودانية ، وكذلك مقابر المهجر في بلاد العالم !! .

وهو ذلك المثقف النوبي الذي يدعي كذبا الولاء والوفاء للحضارة النوبية ، وفي نفس الوقت هو ذلك الهارب من مناطق النوبة ، وهو لا يفكر إطلاقا في العودة لتلك المناطق لعلمه أن تلك المناطق أصحبت لا تصلح لحياة البشر ،، بل هي تلك المناطق التي تمثل الجحيم الذي لا يطاق .

المثقف النوبي اليوم يريد حضارة نوبية صورية خالية من معالم الحضارة وخالية من ألوان العمران وخالية من ألوان السدود وخالية من ألوان المشاريع ، وهو في أعماقه يتمنى أن يتواجد الآخرون من أبناء النوبة في تلك المناطق القاحلة الخالية من أية علامة من علامات الاستقرار ، بينما هو يتمنى لنفسه أن يعيش بعيدا عن تلك الساحات النوبية الجدباء ،، ثم بعد ذلك يريد أن يساند القضايا النوبية بالأشعار والأغنيات والمفاخر !!.