الـملحمـة النوبية بقلم البروفيسور عبدالرحمن إبراهيم محمد

نراقب الكتابات هنا , ونحن قد نتفق معك رغم ( بعض التحفظات ) بأن الحكومة تجبر الناس على الرحيل من مناطق النوبة ، وسوف نجاريك في ذلك الكلام بالقدر الذي يوافق كلامك مائة في المائة ، الحكومة ظالمة ، والحكومة غدارة وتتعمد في تشريد أبناء النوبة من مناطق النوبة ، ولكن السؤال الهام الذي يفرض المحك أمام الجميع هو : هل أسلحة النوبة في محاربة تلك الحكومة الظالمة هي فقط تلك الأشعار والقوافي ؟؟؟ ، وتلك صفة أصبحت متأصلة في أبناء النوبة عند مواجهة أية محنة من المحن حيث الاختباء خلف القوافي والشعر ، وحالات التغني بالمفاخر النوبية الهامشية كم وكم شهدناها في الماضي عندما تم تشريد أهل حلفا في أيام حكومة عبود ، فهل نفعت تلك الأشعار والأغاني النوبية في شيء ؟؟ ، وكل مرة يواجه فيها أبناء النوبة مواقف وقضايا ضرورية تستحق المعالجات الجادة يلجأ المثقف النوبي لتلك القوافي والأشعار ، وكأننا بذلك قد كسبنا الجولة الكبرى ، وتلك خدع نخدع بها أنفسنا ، وجاء الوقت لنغيير أسلوب الكفاح النوبي باللقاءات والحوار بين أبناء النوبة ، ثم باستخدام أسلحة أكثر فعالية غير أسلحة الشعر والتغني بالمفاخر ، جاء الوقت لإقامة معسكرات العمل الميداني التي تعني التحرك الإيجابي من أبناء النوبة في الداخل والخارج ، يجب أن لا نكتفي فقط بتلك القوافي المنمقة والأشعار ، فهي لم تنفع القضايا النوبية من قبل ولن تنفعها في الحاضر . ولا يعني ذلك التنصل من مفاخر الأصالة ، وحتى يطمئن قلبك نقول لك سيدي الفاضل : ( مليون ألف تحية وإجلال لتلك الأشعار التي تتناول مفاخر الماضي النوبي ) ، وهي أشعار وأغاني تواكب حيات النوبي منذ المولد وحتى مشارف القبر ، ولكنها مع الأسف الشديد لا تفيد النوبة عند مواجهة المحن والشدائد ، يا ناس !! ، يا عقلاء النوبة لا يطلب أحد منكم التنصل عن الأصالة النوبية ، ولكن تعالوا نتفاعل مع البعض في خصوص القضايا النوبية الهامة العاجلة بعقليات أكبر من عقليات الشعر والأغاني ، تعالوا نستخدم أسلحة أخرى مفيدة في معالجة تلك القضايا . أتركوا إهدار الأوقات فيمن يكتب بأسماء مستعارة أو غير مستعارة ، فالجميع حين يكتب يريد المنفعة العليا للنوبة ، وليس كل من يناقض في الرأي أو لا يتفق في الفكرة هو ذلك الدخيل على النوبة ، وهنا المنبر يسمى منبر ( الآراء الحرة ) وكل إنسان يجتهد بالقدر الذي يعالج قضايا النوبة بالزاوية التي يراها صواباَ قد تختلف . كما أن الكل في الميدان يحارب بطريقته الخاصة من أجل منفعة القضايا النوبية .