الـملحمـة النوبية بقلم البروفيسور عبدالرحمن إبراهيم محمد

ما كل من يبكي على الأحوال النوبية هو ذلك الواقف في خندق ( الإنقاذ ) ، ولا كل من يبكي على شتات النوبة هو ذلك الذي ينادي بإقامة السدود في مناطق النوبة ، وحتى يفيق هؤلاء المتوهمين الغارقين في متاهات السياسة ننادي ونقول ( فليسقط ذلك النظام وليسقط ذلك البشير ، ولتسقط مناورات السدود ) ، وقبل ذلك ننادي ونقول : ( فليسقط هؤلاء المثقفين النوبيين الذي يهدرون الأوقات الثمينة في المناكفات , كما يهدرون أوقات وقضايا النوبة في الفارغة حيث تلك الأشعار والقوافي التي سادت ساحات النوبة لقرون وقرون ) ، وهؤلاء لا يملكون مثقال ذرة من الأعمال والخدمات الجليلة التي تمجد مواقفهم القومية ، ولا نجد لهم أعمال عالجت قضية من قضايا النوبة بطريقة علمية وعملية فعالة ، غير تلك الحماسة العنصرية النوبية حيث المفاخر والمآثر . في الوقت الذي فيه مناطق النوبة تشهد ظاهرة الهجرة المكثفة ، وتشتكي من كثرة الشتات والتشرد ، وتلك هي مناطق النوبة القاحلة تعاني من أحوال الجدب والرمضاء ، وكل مدخرات أبناء النوبة في بلاد الغربة يتم استثمارها في خارج مناطق النوبة ، حيث أبناء النوبة الذين يعمرون مناطق العاصمة السودانية بالعمارات الشاهقة والمساكن الفاخرة ، وكل بيت من بيوت الشعر النوبي يقابله الابن النوبي ببيت من الطوب في مشارف الخرطوم وضواحيها .