|
Re: عود إلى نظرية تطور الإله عند محمود محمد طه (Re: د.أحمد الحسين)
|
أراك يا بروف بهذا الرد على الدكتور قد وقعت أنت في الهلكة لا هو لأن إرجاع الضمير في كلمة (حظه) للعبد، وهو فعلاً مقصد الأستاذ، يزيد الطين بلة بدلاً من يحل المعضلة. فمعنى الآية لا يكتمل إلا بتلاوتها كاملة (يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) أي بنطق أو حال: ما يحتاجون إليه من القوة على العبادة والرزق والمغفرة وغير ذلك «كل يوم» وقت «هو في شأن» أمر يُظهره على وفق ما قدره في الأزل من إحياء و إماتة وإعزاز وإذلال وإغناء وإعدام وإجابة داع وإعطاء سائل وغير ذلك. وهذا التفسير يدفَعُ توهُّمَ كثيرٍ من الناسِ حيثُ يظنونَ أنَّ معناها أنَّ اللهَ تعالى يتطورُ في مشيئتِه أي يشاءُ الشىءَ بعد أن كانَ لا يشاؤهُ ولم يكن لهُ بهِ علمٌ وهذا ضلالٌ مبينٌ؛ لأنَّ اللهَ تباركَ وتعالى لا تطرَأُ لهُ صفةٌ حادثةٌ لم تكن في الأزلِ فكلُّ صفاتِه أزليَّةٌ لا يطرَأُ عليها تغيرٌ ولا تبدُّلٌ، فما عَلِمَ اللهُ تبارك وتعالى في الأزلِ أنَّهُ يكونُ لا بُدَّ أن يكونَ، ولا يجوزُ أن تطغى على اللهِ حادثةٌ تُؤدي إلى تغيرِ علمِه الأزليِّ، ولا تطرَأُ له صفةٌ تؤدي إلى تغيرِ مشيئتهِ الأزليةِ، فهو سبحانَهُ لا يلحقُهُ تغيرٌ في ذاتهِ ولا في صفاتهِ الثابتةِ لهُ من علمِهِ وقدرتهِ ومشيئتِه وغيرِ ذلكَ، إنما هو يُغيرُ المحدَثاتِ على حسبِ علمِهِ الأزليِّ ومشيئتِهِ الأزليةِ، يُغيرُ المحدَثاتِ من غيرِ أن تتغيرَ مشيئتُه ولا علمُهُ، فلا يتصفُ بعلمٍ حادثٍ؛ لأنَّهُ لو جازَ اتصافُهُ بالحوادثِ لانتفى عنه القِدمُ؛ لأنَّ ما كانَ محلاًّ للحوادثِ لا بُدَّ أن يكونَ حادثًا، تعالى اللهُ عن ذلكَ. وفي القرءانِ الكريمِ ءاياتٌ قد يَتوهَّمُ منها من لم يُحَصِّلْ علمَ الاعتقادِ من أهلِ السنةِ والجماعةِ أنَّ اللهَ تعالى يَحدُثُ لهُ علمٌ لم يكنْ له بهِ علمٌ كقولِهِ تعالى: ﴿الئٰنَ خَفَّفَ اللهُ عنكم وعَلِمَ أنَّ فيكم ضَعْفًا﴾ [سورة الأنفال/ءاية:66] وليسَ هذا المرادُ من هذهِ الآيةِ، بل معناها أنَّ اللهَ تباركَ وتعالى خَفَّفَ عنهم في ذلكَ ما كان ثقيلا عليهم، وذلكَ أنَّهُ كان فرضًا عليهم أن لا يفِرَّ الشخصُ منهم من عشرةٍ من الكفارِ في القتالِ، ثم نُسِخَ ذلكَ بأن خَفَّفَ اللهُ تعالى ذلكَ إلى أنْ فَرَضَ عليهم ثبوتَ واحدٍ لاثنين منَ الكفارِ وهذا المرادُ منْ قولِه تعالى: ﴿الئٰنَ خَفَّفَ اللهُ عنكم﴾.
وعليه فإن إيراد النص الذي كتبه الأستاذ هكذا، مع وضوح إرجاع الضمير في كلمة (حظه) للعبد، وفي معرض الحديث عن تطور أحوال العبادة وترقي العبد فيها، مع الإيحاء بتخلق العبد في ذلك بقوله تعالى عن نفسه: (الآية)، لا يمكن إلا أن يفهم منه بإمكانية ترقي العبد في مراقي العبادة حتى يكون (هو الله) تعالى الله أن يكون كمثله شيء من مخلوقاته مهما بلغ من القرب منه تعالى واصطفاه خليلاً أو كليما، فيظل مخلوقاً عبداً لله ولن يبلغ كمال الله تعالى في ذاته وصفاته وإرادته وعلمه وقدرته جل جلاله.
|
|
|
|
|
|
|
تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook
|
|