ألقى (بروفيسور) الجهل المدعو أحمد مصطفى الحسين القلم وولى هاربا على قفاه. غير أن هروبه لن يعفيه من ملاحقتنا إياه. ومحاسبته على ما اقترفت يداه. وقد أنحى (بروفيسور) الجهل - قبيل هروبه المشين - باللائمة على قرائه، وحمَّلهم مسؤولية حَمْلِه على ولوج معترك الفكر. كما حمَّلهم مسؤولية إقناعه بالتولي عن هذا المعترك. فهو لا يتحمل المسؤولية عن أي شئ. فإن دخوله في المعترك الفكري هو من مسؤولية الغير. وكذلك فإن خروجه - أو هروبه - منه هو أيضا من مسؤولية الغير. فكيف يتصرف إنسان من مستوى (بروفيسور) بنمط من التصرف لا يشبه إلا تصرفات الصبية الصغار الذين لا يتحملون مسؤولية أفعالهم ويلقون بالتبعة عنها على الآخرين؟! وقد قال (البروفيسور) وهو يخطرني بقراره هذا:" أرجو أن أعلمك بأننى لن أرد على أى شئ تكتبه بعد الآن، فقد قلت أنت كلما (كلما غلط كدة ياخي!) تريد قوله وفهمتك (واضح إنك ما فهمت حاجة، وبعدين أنا ما قلت كل حاجة!) وقلت أنا كلما (كلما لا تكتب هكذا!) أردت قوله لك وأرجو أن تكون قد فهمته (عجيبة إنك تفهم وأنا ما أفهم!) ولنترك الحكم الأخير للقراء الذين هم السبب الأساسى فى ردى على مقالاتك". وزاد فقال:" وبما أن الموضوع انزلق إلى جدال عقيم كما لاحظ بعض القراء (برضو القراء؟!) وتعاف نفسى مثل هذا الجدال، فقد رجانى هذا البعض من القراء (عبارة: هذا البعض من القراء، تغني عنها كلمة: هؤلاء!) أن أتوقف عن هذا الجدال العقيم". وقال:" وسيكون هذا الرد آخر كتاباتى له (يقصد ردودي عليه!) لأننى لا أملك من الوقت ما يمكننى من متابعة تهافته وترهاته، وكفى بالقراء (برضو القراء؟!) حكما بيننا". ولعل مما يذكره القراء أن (البروفيسور) كان قد ذكر في تعليق وجيز له نشره قبيل مقاله هذا أن له بعض المشغوليات الخاصة الملحة التي تمنعه من الأخذ والرد في موضوع (نظرية تطور الإله في الفكر الجمهوري) ووعد بأن يعود إلى حلْبة الصراع الفكري من جديد. ولكنه لما آب بدا منكسرا وسطر مقالا متهافتا بعنوان (تهافت الدكتور محمد وقيع الله: ليس فى الفكرة الجمهورية نظرية لتطور الإله) حاول فيه عبثا أن ينكر وجود هذه النظرية في فكر الحزب الجمهوري، الذي ينتمي إليه، بدون أن يفهم مقرراته العقدية، ومنها هذه العقيدة التجديفية الخطرة. وفي البيان التالي سأرد عليه بعون الله تعالى وأثبت له أني لم أكن متهافتاعلى إدانة شيخه الذي يؤلهه. وإنما شيخه هو الذي أدان نفسه بتهافته على ادعاء مقام الألوهية العظيم. وتجرأ على الزعم بأن مقام الألوهية يختلط بطبيعته بمقام البشرية ويمتزج به. وادعى أن صاحب المقام أو صاحب الوقت يظل في حالة تطور ذاتي مستمر. أي أن الإله يظل في حالة تطور ذاتي دائم! فهذا هو زعم شيخكم الذي لم يكتب له الدوام. لأن الدوام من صفة الله تعالى وحده الذي قال في محكم تنزيله:(كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ) الرحمن: 26-27. وقد تلخصت حجة (البروفيسور) في رده علي، ومحاولة تملُّصه من نظرية تطور الإله في الفكر الجمهوري، في أني اجتزأت كلام شيخه المتألِّه خارج سياقه المنطقي. والحق أني لم أفعل ذلك، وما ينبغي لي، بل كان الجزء الذي حذفته أشد خطورة في الدِّلالة على ما ذهبت إليه بشأن تأليه شيخه لنفسه. وقد انطوت بقية النص، التي استغنيت عن استصحابها، على معنى آخر يتعلق بنظرية تطور الإله. وهو الأمر الذي يحتاج إلى معالجة أوسع في مقال يختص بها. ولكن ها قد جرنا هذا (البروفيسور) الجمهوري بشدة حمقه وإصراره على نفي وجود هذه النظرية في عقائد حزبه لكي نعود إلى بحثها وإثبات تشبث زعيمه الفاني بها. لقد قال (البروفيسور) في سياق نفيه لوجود هذه النظرية في تراث حزبه:" فى مقال جديد للدكتور محمد وقيع الله بعنوان (نظرية تطور الإله فى الفكرة الجمهورى) تحدث الدكتور (تكرار كلمة الدكتور هنا لغو لا داعي له!) عن ما (يقصد عما!) أسماه (يقصد سماه!) تظرية (الخطأ المطبعي في الأصل!) تطور الإله فى الفكرة الجمهورية استند فيها على نص أورده مبتورا فى مقال سابق، وحتى يخرج من تهمة بتر النص، أورد النص المبتور الذى ينسف حجته التى تزعم أن الأستاذ محمود قال إنه الله، وهو زعم لا يورد له معارضوه نصا واضحا يقول فيه الأستاذ محمود: أنا الله، وأقام على هذا النص المبتور نظريته المذكورة ". ولنا في التعقيب على قول (بروفيسور) الجهالة والمغالطة هذا تعليقان: أولا: ليس يشترط أن يعبِّر الدجال محمود عما قصد إليه من تأليهه لنفسه بعبارة: أنا الله! فحتى الدجال الأكبر الحسين بن منصور الحلاج لم يعبِّر عن مقصده بهذه الجملة البسيطة المباشرة. وإنما قال:" ما في الجبَّة إلا الله"! بمعنى أن الكيان الجسدي الذي احتواه رداؤه هو الله، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. فالمعنى واحد إذن وإن اختلفت العبارة التي أدته. وقد اختار الحلاج عبارة من عبارات لغة الأدب الصافية نقل بها المعنى. واختار الدجال محمود عبارة أطول أصاب بها المعنى ذاته. وقد قال:" ههنا يسجد القلب، وإلى الأبد، بوصيد أول منازل العبودية، فيومئذ لا يكون العبد مسيرا، وإنما هو مخير، ذلك بأن التسيير قد بلغ به منازل التشريف، فأسلمه إلى حرية الاختيار، فهو قد أطاع الله، معاوضة لفعله، فيكون حيا حياة الله، وعالما علم الله، ومريدا إرادة الله، وقادرا قدرة الله، ويكون الله ". وهذا معنى ذاتي الوضوح، لا يحتاج إلى إكمال، ولا إلى شرح. والذي يعنينا منه في هذا المقام هو قوله: إن الإنسان يكون حيا حياة الله، وعالما علم الله، ومريدا إرادة الله، وقادرا قدرة الله، ويكون الله. فلماذا قال الدجال هذا الكلام إن لم يكن يقصد معناه على وجه التحقيق؟! فإن أي إنسان له قدر من الورع والإجلال لقدر الله تعالى لا يمكن أن يتطوح بمثل هذا الكلام التجديفي. ولذا نرجو أن يعود ( بروفيسور) الجهالة بناء على طلبنا - أو طلب القراء! - ليشرح لنا ما كان مقصد شيخه وهو يقول هذا الكلام؟ وإلا سوف نحمل كلامه على مقتضى اللغة التي أُرسل بها وهي كما أسلفنا ذاتية الوضوح. ثانيا: إن بقية النص السالف لا تناقض هذا المعنى الذي قصده الدجال، ولا تعارضه، ولا تنفيه. ونعيد نشر بقيته مرة أخرى لنسأل بعد ذلك (بروفيسور) الحزب الجمهوري من أي عبارة فيه فهم معنى التناقض، أو المعارضة، أو النفي، أو الاستدراك، أو التلطيف ودعك من عبارة (النسف) التي جاء بها؟! وهذه هي بقية النص نوردها، بعد الاعتذار إلى سماحة السادة القراء من التكرار: " وليس لله تعالى صورة فيكونها، ولا نهاية فيبلغها، وإنما يصبح حظه من ذلك أن يكون مستمر التكوين، وذلك بتجديد حياة شعوره وحياة فكره، في كل لحظة، تخلقا بقوله تعالى عن نفسه:(كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) وإلى ذلك تهدف العبادة، وقد أوجزها المعصوم في وصيته حين قال:" تخلقوا بأخلاق الله إن ربي على صراط مستقيم" وقد قال تعالى:(كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ). ثم لنسأل (بروفيسور) الجهالة أيضا ألا يعني قول زعميك إن الله ليس له نهاية فيبلغها أنه ناقص التكوين وإنه في حالة تطور ذاتي مستمر؟! وجواب (البروفيسور) إن كان حصيفا وأمينا ينبغي أن يكون: بلى! لأن شيخه قد قال قبيل قليل في ثنايا النص بمبدأ استمرارية تكوين الإله!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة