أحسنت صحيفة (الصيحة) إذ اعتذرت سراعا بعد أن استسهلت نشر خبر فظيع يطعن في ذمة أحد الولاة المعروفين بالنجاح وصفاء الذمة هو الأستاذ محمد طاهر إيلا.كما أسرع مصرف المزارع فنفى أن يكون ابن الوالي قد أخذ منه قرض مرابحة بخمسة ملايين جنيه.ونفي أن يكون قد تقدم ببلاغ إلى نيابة بورتسودان ضد ابن الوالي.واحتج المصرف على نشر الخبر لأنه أوحى بأن المصرف يلاحق عملاءه وهذا مما يضر بهم ويسبب لهم الذعر.وفي الحقيقة فإن الأذى الذي سببه نشر الخبر الكاذب لم يقتصر على السيد الوالي، ولا على ابنه، ولا على عملاء المصرف وحدهم.وإنما لحق بكل من يتلقون الأخبار والمعلومات من صحف الصباح.فقد أضر بنا الخبر جميعا وسبب لنا الذعر البالغ.وكل من تأمل طيات الخبر المفزع تيقن أن الطعن الذي سُدد منه لم يكن تلقاء ذمة ابن الوالي ولكنه تلقاء ذمة الوالي رأسا.فليس للإبن المذكور شأن مذكور في هذه الحياة الدنيا.وما يذكر هذا الابن وما يذكر اسم ابن أي والٍ إلا مع اسم أبيه!ومن قبل أمر سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه بضرب ابن الوالي عمرو بن العاص الذي تجرأ على ضرب ابن القبطي الذي بزَّه في السباق.وكاد الخليفة العادل أن يأمر بضرب الوالي عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه.قال راوي القصة وهو صاحب كتاب (الولاية على البلدان):" فلما حضر الجميع عند أمير المؤمنين عمر ناول عمر الغلام القبطي سوطا وأمره أن يقتصَّ لنفسه من ابن عمرو بن العاص.فضربه حتى رأى أنه قد استوفى حقه وشفى ما في نفسه.ثم قال له أمير المؤمنين: لو ضربت عمرو بن العاص ما منعتك.لأن الغلام إنما ضربك لسلطان أبيه".وما انبثق من قول ابن الخطاب هو فصل الخطاب.فما تجرأ ابن الوالي على ما تجرأ عليه إلا استعصاما بمنصب أبيه.ولهذا لم نر في الخبر الذي أشار إلى تورط ابن الوالي إيلا في تهمة إصدار صك مصرفي بلا رصيد إلا تشهيرا بأبيه.بافتراض أنه تجرأ على إصدار الصك الطائر استنادا إلى مركز أبيه.وإذن فإن أباه هو المقصود الأصلي بالتهمة المشاعة التي يراد لها أن تطيح به من مركزه السياسي.ولو كانت التهمة حقيقية ثابتة فإن الأستاذ إيلا يستحق بالفعل أن يطاح به على الفور.وذلك اقتداء بخطة عمر بن الخطاب القضائية في جناية ابن ابن العاص.ولكن لما لم تكن التهمة صحيحة وكانت مغلوطة وزائفة فدعونا نفتش عن الجاني الحقيقي الذي اصطنع الخبر وروجه.ومن دون أن نتقمص شخصية المدعي القضائي نستطيع أن نشير إلى عدة جبهات محتملة يمكن أن يكون الخبر الشائن قد لفق من طرف إحداها، وهي على الترتيب:أولا: جبهة أعداء النجاح بوجه عام، وهم قوم يكرهون أن ينسب أي نجاح للرجال، والمقصود بالرجال في هذه الحالة رجال الحكم.وهذه شيمة قطاع نشط من قطاعات المعارضة السياسية السودانية.هو قطاعها المتوتر الذي لا نراه إلا سادرا في ضلاله لا يكاد منه يفيق.وهو الضلال الذي يخيل إليه أن نجاح الحكومة يعني بالضرورة بقاءها في الحكم، ويعني بالضرورة استبعاد المعارضة من فرصة الاستيلاء على الحكم.ولهذا يتمنى المعارضون الموتورون من أعماقهم أن يكتمل تدمير الوطن من أجل أن يتقوض نظام الحكم! وفي هذه الحالة يتمنى أمثال هؤلاء ألا يتمكن الأستاذ إيلا من إنقاذ مشروع الجزيرة وألا يقدر على اصلاحه، لأن في ذلك تمديد لعمر الحكام الحاليين.فليس لدى أمثال هؤلاء المعارضين أدنى تفرقة بين الحكام الذين يبغضونهم وبين صالح الوطن ومصالح المواطنين.وما في أمرهم أدنى عجب!ألم يرفض الصادق المهدي وأشباه له من قبل استخراج النفط السوداني بهذه الحجة ذاتها وفضلوا ان يبقى بباطن الأرض! ثانيا: الحساد الشخصيون؛ ولا ندري بكم عدد من الحساد الشخصيين (يتمتع) الأستاذ إيلا، ولكن حساده ربما كانوا كثيرين بما أنه يعيش بمجتمع موبوء بداء الحسد كما يقال.ولم أكن في ماضي دهري أظن أن في السودان حسادا كثيرين.ولذلك انتقدت الدكتور عبد الله الطيب في مقال مادح له ومدافع عنه عندما انتقده في ثمانينيات القرن الماضي الأستاذ عادل الباز نقد (مؤدلجا) غير نزيه.وعلى هامش ذلك الدفاع تعجبت وسخرت من كثرة تضجر الدكتور من حساده وتعالي عقيرته بالشكوى من أفاعيلهم به.وربما كنت مخطئا في سخريتي أو عتابي له حينذاك.وفي العهد الحديث أكد الأستاذ محمد عبد القادر، رئيس تحرير صحيفة (الرأي العام) ظاهرة استفحال ظاهرة الحسد ببلادنا ضاربا لها مثلا من حسد الأستاذ عبد الباقي الظافر له لموت أمه!فقد انزعج الأستاذ الظافر من ضخامة عدد الحضور بسرادق العزاء لآل عبد القادر فكتب يقول: إن هذا العدد الكبير من الناس لم يحضروا من أجل تقديم العزاء للصحفي محمد عبد القادر، وإنما تقاطروا من أجل تعزية أبيه!وإذا كان استفحال الحسد قد بلغ ببلادنا هذا المبلغ فلا يستبعد أن يكون للأستاذ طاهر إيلا من الحساد من لفقوا هذا الخبر المضروب للإضرار بسمعته وسمعة بنيه وسربوه إلى جهات النشر.ثالثا: مرتزقة ما يسمى بالمؤتمر الوطني بولاية الجزيرة ؛ فهنالك من استغنى عنهم الوالي إيلا من قادة الولاية السابقين، وفَصَمهم عن ثدي السلطة الإقليمية الذي أدمنوا رضاعه.وهم قوم مشهورون شهرة ذائعة بالفساد الضارب الأطناب.وقد عجز جميع الولاة الذين تولوا حكم هذا الإقليم عن فصالهم عن الرضاع الذي استمرأوه لأكثر من حولين.ثم تولى الأستاذ إيلا بحزمه المعروف أمر فطامهم وتسريحهم سراحا جميلا.ولذلك لا نستبعد أن يكيدوا له كيدا فيلفقوا له أمثال هذه الفرية بقصد تدميره وإزاحته عن الحكم. رابعا: المرجفون بدار (الصيحة)؛ فلربما كان بهيئة تحرير هذه الصحيفة من لهم غرض في التشهير برجال الدولة، مستندين في ذلك إلى شبهات وإشاعات لا يتبيَّنون جلية أمرها.ومما يعزز الاشتباه بوجودهم بدار (الصيحة) أن لهذه الصحيفة سابقة كريهة في هذا المجلى.إذ استجازت لنفسها أن تشهِّر في صدر عددها الأول بالدكتور نافع علي نافع استنادا إلى شائعة فساد نسبتها إلى شقيقه.وبسبب من وجود هذه السابقة يأتي الاشتباه في عناصر من تحرير (الصيحة) أنها قد تكون ارتكبت هذا الجرم بحق الأستاذ إيلا.وقد زاد إيضاح الأستاذ الطيب مصطفى للأمر الشبهة في وجود من يتعمد نشر هذه الأخبار الكاذبة في دار صحيفته.فقد قال:" عندما أبلغني رئيس التحرير بالخبر بعد منتصف الليل والذي رشحته إدارة الأخبار ليكون (مانشيتا) بالأحمر وجهت بتجاهله لاعتبارات كثيرة شرحتها للرجل في حينه.العجيب أن رئيس التحرير أحمد يوسف التاي قام بعدها بالتوجيه بحذف الخبر. ورغم ذلك حدث الخطأ الفادح ونشر في الصفحة الأولى لكن ليس كمانشيت ".وقد وعد صاحب (الصيحة) بأن يجري تحقيقا صارما وعاجلا وأنذر بأن من اجترحوا ذلك الإثم الفادح لن ينجوا من عقاب أليم.ولقد نرجو حقا أن يحقق الأستاذ ما أطلقه من وعد وأن ينفذ ما جلجل به وعيد.وألا يكون وعده ووعيده كمزاعم الحكومة بالتحقيق مع مفسديها ومحاسبتهم.ثم نفاجأ بعد حين أن مفسديها لا يزالون على مراكزهم وأنهم ما يزالون يصرون على ارتكاب أشد الفساد.ثم نطلب أن يكون التحقيق الذي زعم صاحب (الصيحة) أنه سوف يجريه تحقيقا شفيفا وأن تنشر بيناته على الملأ.ولا نطالب بذلك لأننا من أهل الفضول الذين يستمتعون بمعرفة خبايا الفصول.وإنما لأن الجميع يريد أن يعرف من كان وراء هذا الخبر المشؤوم الذي دُسَّ على الرأي العام.فأمره يهم الكافة من حيث العبرة والعظة.أحدث المقالات
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة