|
Re: لا يحدث إلا في السودان بقلم عبد السلام كام (Re: شهاب الفاتح عثمان)
|
لا يختلف اثنان في أن للأطباء في هذا السودان حقوق ومستحقات يجب أن ينالوها بالكامل وبالزيادة .. لأن ذلك الإنسان ( الطبيب ) في لحظة من اللحظات يمثل ذلك الرجاء والأمل بعد الله سبحانه وتعالى ،، تلك اللحظات الحرجة التي فيها الأقارب والأطفال والأمهات والآباء يزرفون دموع الخوف بفقدان العزيز ،، وهي لحظات قاسية مؤلمة بحق وحقيقة ،، وعندها يجب أن يتجرد الطبيب من مستحقات المهنة وينحاز لمتطلبات الإنسانية ,, والشعب السوداني يعلم جيداَ أن الأطباء في هذا السودان لا ينالون ما يستحقون حسب مؤهلاتهم ،، ولكن تلك علل يعاني منها كل الشرائح في المجتمع السوداني .. والكل يعلم أن الشعب السوداني يعاني من الأوجاع والغلاء وظروف الحياة القاسية ،، والأطباء بدورهم يشكلون شريحة من تلك الشرائح ويعانون من تقصير السلطات تجاههم .. إلى هنا والمعادلة قاسية على الجميع ،، ولكن حين يقسو الطبيب السوداني ذلك الابن وذلك الأخ وذلك الأب على إخوانه الكادحين الغلابة فإن الأمر يشكل مرارة وحرقة قاسية للغاية ،، وقد أصبحت تلك المشاهد عادية في مراكز الطوارئ والحوادث ،، حيث يرقد المريض المصاب في حادثة من الحوادث لساعات وساعات دون أن ينال العناية بالسرعة المطلوبة ،، والحجج في ذلك تكون مبهمة للعامة من الناس ،، فيركض أهل المريض هنا وهنالك أملاَ في منقذ يستجيب ،، وفي الغالب الأعم فإن الأخصائيين الكبار لا يتواجدون في عيادات الطوارئ والحوادث ،، مما يعني انتظار وصولهم بعد ساعات طويلة وقد يأتي بعد ذلك وقد لا يأتي ،، وعندها تتجلى مقدرات المريض وأهل المريض المالية والمعرفية ،، إما الخروج بالمريض إلى العيادات الخاصة فوراَ وذلك يعني المقدرات المالية الكافية ،، وإما حالة السواد الأعظم من الشعب السوداني الذي لا يملك تلك المقدرات فيستغيث ويتعذب ،، ثم تحدث المشاجرات والمناكفات من أهل المريض ليتدخل رجال الأمن وطرد الأهالي المشاغبين ،، وفي كل ذلك فإن المريض المصاب في حادثة من الحوادث ينزف ويرقد الساعات والساعات ثم قد يفارق الحياة !! .. وفي تلك اللحظات الحرجة القاتلة يسقط الطبيب السوداني عن أعين الناس ،، كما يسقط الطب السوداني برمته حيث يمثل بؤرة من بؤر الجزارين القتلة .. وتلك الصورة القاتمة لا تحدث إطلاقاَ في أي مكان في العالم . وفي العالم المتحضر فإن أقسام الحوادث والطوارئ العامة والخاصة تجتهد أولا في إنقاذ حياة المصاب دون تسويف أو مماطلة أو تردد ،، ثم بعد ذلك تطالب بمستحقاتها المالية .. أما في السودان فإن أقسام الطوارئ في المستشفيات الخاصة تدخل أولاَ في المساومات المالية قبل الاعتناء بالمصاب الذي يواجه الموت العاجل .. والأعجب أن تلك المستشفيات الخاصة لا تقبل وعود الأهالي الغلابة بتدبير وجمع الأموال حسب الوسائل الممكنة وتقديمها فيما بعد ،، ولكنها تشترط دفع المبلغ عدا ونقدا وفورا ،، وكما نعلم جميعاَ فإن إمكانيات السواد الأعظم من الشعب السوداني لا تمكن من الاستجابة فوراَ ،، فهي إمكانيات قليلة قد يتدخل فيها أهل الخير .. وقد يتطلب الأمر المرور بمساجد المسلمين والوقوف أمام المصلين في مذلة ومهانة ثم تلك الشكوى المعهودة بقلة الحيلة .. تلك هي أحوال الشعب السوداني المكافح المناضل المغلوب على أمره ،، ذلك ( الزول ) الطيب الذي لا يستحق الصفعات من ابنه أو أخيه أو والده الطبيب السوداني .
|
|
|
|
|
|