|
إلغاء الشريعة المغمسة..! بقلم يوسف الجلال
|
هبوط اضطراري
بغباء تُحسد عليه، وبسذاجة مُفرطة، منحت احزاب المعارضة، ومن خلفها الحركة الشعبية بقيادة مالك عقار اير، المؤتمر الوطني ما ليس حقاً له، ووشحته بوسام ما كان ينبغي ان يُزّين جيده، او ان يجمّل عنقه، لولا خطل التقديرات السياسية التي وقعت فيها الحركة الشعبية، بعد ان طالبت بإلغاء الشريعة في منطقتي جنوب كردفان والنيل الازرق.
انظر الى مكونات المعارضة بشقيها المدني والمسلح تجد انها جلعت من المؤتمر الوطني حزباً يحرص على تطبيق الشريعة والحكم وفقاً لعدالة السماء، وهو ما ليس حادثا، وفقا للوقائع والادلة الدامغة. اذْ انه طوال ربع قرن من الزمان، لم نسمع او نرى حدودا اُقيمت استنادا الى ما هبط به الوحي، او ما رسخّت له تجربة الرسول صلى الله عليه وسلم. فكيف بعد هذا ياتي من يزعم بان المؤتمر الوطني يقيم شرع الله في الارض، ومن ثم يطالبه بعدم تطبيق الشريعة في منطقتي جنوب كردفان والنيل الازرق، بحجة ان أكثرية سكان تلك المناطق يديون بغير دين الاسلام؟!. صحيح ان احزاب المعارضة التاريخية لم تطالب بالغاء الشريعة، بل انها عارضت رغبة الحركة الشعبية. وهذا تحديدا ما جعلها تُنصِّب الحزب الحاكم في موقع حامي الشريعة، وهذا ليس صحيحا..!
ينبغي ان نتيقن كلنا، بان الحركة الشعبية لم تكن موقفة في هذه المطالبة، لان الشريعة ليست مطبقة في جنوب كردفان او في غيرها. اما من ياتي ليدحض ما سقناه عن انتفاء تطبيق الشريعة، فسنحيله مباشرة الى حديث الرئيس البشير، الذي جهر به في خطاب جماهيري بالقضارف، عقب اجراء الاستفتاء على مصير جنوب السودان، وتحديدا بعدما تأكد ان الجنوب قد انفصل فعليا. ويومها قال الرئيس البشير ما معناه، إنه بعد انفصال الجنوب اصبح السودان دولة ذات دين واحد وهو الاسلام، لذا لن يتم الحكم بشريعة مدغمسة.
حسناً، فحديث الرئيس البشير يعني ان الشريعة لم تكن حاكمة، وحتى اذا افترضنا انها كانت حاضرة خلال السنوات الماضية فانها "مدغمسة". واذا شرعنا في التنقيب عن معنى او اصل كلمة "دغمسة"، سنجد انها تشير الى عدم الوضوح او الغموض، او التخليط، وبالدارجي كدة "ملخبطة". وكل ذلك يجرّم المؤتمر الوطني ويضعه في خانة عدم الحرص على الشريعة، مع انه حينما جاء الى الحكم، اوعز للناس بانه انما اتى لتطبيق شريعة الله، وكلنا نعلم الشعار المشهور "شريعة.. شريعة ولا نموت، الاسلام قبل القوت". وطبعا لست في حاجة الى تأكيد ان الممارسة السياسية اكدت ان القوت عند بعض اهل الانقاذ ثبت انه يتقدم على تطبيق الشريعة..!
الشاهد ان احزاب المعارضة سايرت الامين العام للحركة الشعبية ياسر عرمان، ووقعت في فخ تتويج المؤتمر الوطني بتوصيف الحزب الحادب على تطبيق الشريعة، وذلك بعد ان عقرت بحلاقيم كبيرة جوفاء، بانها ترفض الغاء تطبيق الشريعة، وهي غير مطبقة او في اقل الاحوال "مدغمسة"..!، وكان الاوجب ان تقول اولا ان الشريعة غير مطبقة، ثم ثانيا تقول انها ضد ابعاد الشريعة عن الحكم. وبعدها تُنافح من اجل ارغام المؤتمر الوطني على الاحتكام لشرع الله. اما الحركة الشعبية، فقد منحت الحزب الحاكم تأييد لا يحلم به، لانها صوّرته في ثوب الحزب الحادب على الشريعة، بالمطالبة السمجة بالغاء ما هو غير موجود اصلا. اما نحن فندعو لتطبيق الشريعة لانه اذا كانت مطبقة فعلا، لما رأينا اللصوص ومغتصبي الاطفال وناهبي المال يتم العفو عنهم دون محاسبة حتى بعد ان ثبت جرمهم بالادلة الدامغة.
نُشر بصحيفة (الصيحة)
-- Yousif Aljlal Journalist - Sudan 249912326177+ 249912695061+
|
|
|
|
|
|