|
رغـم انـه منهـم الا انـه يقـول رايـآ موضوعيــآ مختلفــآ
|
الدكنور عبد الوهاب الافندي رغم انه من جماعة الاخوان المسلمين الا انه ينحو في هذا المقال خطآ عقلانيآ وموضوعيآ واضحآ حيث ينأي بنفسه عن غوغائية السلطة وابواقها التي تتحدث بان القوات الدولية التي تسميها بالقوات الاجنبية وراءها اجندة استعمارية طمعآ في ثروات دارفور "!" الافندي يقول هنا صراحة ان التحركات المكثفة للدول الاوربية تجاه دارفور واهتمامها الزائدة بها يعود الي الضغوط الشعبية ومنظمات حقوق الانسان والصحف ووسائل الاعلام عمومآ في نلك الدول
Quote:
2006/10/06 (1) شكلت زيارة رئيس المفوضية الأوروبية السيد خوزيه مانويل باروزو للسودان في الأسبوع الماضي سابقة أخري علي طريق التدخل الدولي في قضية دارفور. فمنذ اندلاع هذه الأزمة في صيف عام 2004 أصبح السودان محجة لكبار الشخصيات الدولية ممن لم يزر أحدهم السودان قط هو ولا أسلافه، أو لم تطأ أقدامهم تراب العاصمة السودانية، ناهيك عن أصقاع السودان النائية منذ عقود. فقد تعاقب علي البلاد كل وزراء خارجية الدول الكبري ومعظم الدول الأوروبية، إضافة إلي رئيس وزراء بريطانيا وأمين عام الأمم المتحدة. وحين يتقاطر كل هؤلاء القوم إلي مكان ما رغم مشاغلهم الكثيرة في هذا العام المضطرب، فلا بد أن هناك شيئاً ما يخيفهم. (2) الذي يحرك هؤلاء القادة هو الرأي العام في بلدانهم. وفي أوروبا تحديداً فإن هذا الرأي العام ظلت تعبر عنه، إضافة إلي أجهزة الإعلام منظمات المجتمع المدني والبرلمانات الوطنية إضافة إلي البرلمان الأوروبي. وفيما يتعلق بالسودان فإن ما يشبه الإجماع قد تبلور منذ وقت طويل في كل هذه الأوساط علي اتخاذ موقف العداء من الحكومة السودانية، ويرجع هذا إلي التقاء أجندة اليمين التقليدي مع أجندة اليسار والليبراليين لأول مرة حول قضية واحدة. فنظرة اليمين وتحالف الكنائس لقضايا السودان تنطلق من منظور اضطهاد المسيحيين وتمرد حكومة الخرطوم علي سلطان الغرب، بينما كان اليسار والليبراليون وتحالف جماعات حقوق الإنسان يرون القضية من منظور العداء لحكومة قمعية ذات توجه ديني تضطهد الأقليات والمستضعفين، وتتبع سياسات اقتصادية تضر بالفقراء. (3) حينما تفجرت قضية دارفور كان الرأي العام معبأ أصلاً ضد الحكومة، وقد قضي حجم الكارثة وكونها هذه المرة استهدفت مسلمين، علي ما بقي من جيوب المقاومة لهذا التحالف بين الجاليات المسلمين والقلة من المتمردين علي الهيمنة الغربية، فلم يعد هناك مجال لموقف وسط. (4) في حقبة ما قبل دارفور كان هناك خلاف حول أساليب التصدي للوضع في السودان بين محورين، تقود الأول دول مثل هولندا والنرويج وإلي حد أقل إيطاليا، ويدعو إلي معالجة القضية بالحوار دون استبعاد وسائل الضغط الأخري. أما المحور الآخر فيضم بريطانيا والولايات المتحدة ودولا أخري متحالفة معهما، ويري إعطاء الأولوية للضغط والعقوبات والعمل علي إسقاط الحكومة. عبر المحور الأول عن نفسه في إنشاء مجموعة أصدقاء الإيغاد (شركاء الإيغاد فيما بعد) التي كان المحرك الأساسي وراءها يان برونك وزير التعاون الدولي الهولندي وقتها (ممثل الأمم المتحدة في السودان حالياً) وعملت بالتعاون مع دول المنطقة لدفع عملية السلام. وقد انضمت إليها فيما بعد أمريكا وبريطانيا بعد أن تخلت هذه الأطراف عن فكرة إسقاط الحكومة فكانت النتيجة اتفاق نيفاشا. وقد أدت نفس قوة الدفع إلي اتفاق أبوجا حول دارفور. (5) اتفاق نيفاشا أرضي أطراف التحالف المعادي للخرطوم لأنهم اقتنعوا بأنه برنامج تصفية طوعي للحكومة الإسلامية في السودان، يقيدها بتحالفات ومؤسسات لا تسمح لها بمتابعة أجندتها المناهضة للغرب ويؤدي في النهاية إلي استبدالها بحكومة منتخبة. ولكن تفجر أوضاع دارفور حرك هذا التحالف من جديد وزاد من قوة الدفع من خلفه، بحيث لم يعد أمام السياسيين مخرج من التحرك، وهم يواجهون الضغوط الإعلامية والشعبية حتي بعد ما اتخذوه من قرارات ضد السودان. (6) ليس هناك إذن مجال لحل وسط ينقذ السياسيين الغربيين من ورطتهم إلا باتخاذ خطوات فعالة لاحتواء الأزمة داخل دارفور نفسها. فلن توجد دون ذلك صفقة مقبولة يمكن لهؤلاء أن يقبلوا بها وترفع الضغط عنهم. ولا عبرة هنا بحجة الحكومة بأن ما يقال عن دارفور تضخيم إعلامي، لأن الإشكال هو أن هذه الأطراف موجودة في دارفور عبر منظماتها الإغاثية وبعثاتها الإعلامية والدبلوماسية والمخابراتية وأجهزة تجسسها. ولعل وجودها داخل دارفور أقوي من وجود الحكومة نفسها. (7) المبادرة الأممية التي ظهرت ملامحها أخيراً، والمتمثلة في الحل الثالث (تقوية البعثة الإفريقية بدعم أممي وعربي) ربما تمثل المخرج الأمثل، إن لم يكن الوحيد، أمام كافة الأطراف. ولعله من الحكمة أن تبدي الحكومة أقصي مرونة ممكنة في هذا الصدد لكي تتجنب ثنائي الضغوط الخارجية والتصدع الداخلي. وهناك حافز آخر كان يجب أن يكون هو الأهم، ألا وهو الإسراع في إنهاء معاناة المسلمين الأبرياء الذين أهل عليهم شهر رمضان ثالث وهم في معسكرات النزوح والتشرد، والحكومة عاجزة عن إنقاذهم ولا تريد أن تسمح لمن يقدر بأن يتصدي لذلك. |
|
|
|
|
|
|
|
|
|