|
Re: العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع / محمد حنفي (Re: Sabri Elshareef)
|
توضيح المفاهيم أولا :
فماذا نقصد بتوضيح المفاهيم؟
وما هي المفاهيم التي تحتاج إلى توضيح؟
وانطلاقا من عنوان هذه الأرضية، ومن تلوينات مكوناته، نستطيع أن نقول: إن توضيح أي مفهوم يقتضي إعطاءه مضمونا معينا، ينسجم مع المنهج المعتمد في التناول، حتى لا يتيه القارئ والمتتبع، وحتى تؤدي هذه الأرضية دورها المنشود. لأنه بدون توضح المفهوم، لا يمكن أن يتحدد المفهوم، نفسه، من وجهة نظر معينة، ولا يمكن أن يؤدي الهدف المتوخى من المعالجة.
و بناء على ما سبق نستطيع أن نتبين أن:
1) العلمانية توجه فكري، علمي، سياسي، يهدف إلى اعتماد القيم الاجتماعية، والسياسية، والفكرية، والمسلكية على أنها من إنتاج الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والعلمي، والمعرفي، والحقوقي، والإنساني، والسياسي، وأن الغيب غير منتج لها، وغير متحكم فيها، أو موجه للقيام بها، إلا من وجهة نظر إيديولوجية تسعى إلى تضليل جميع أفراد المجتمع، حتى لا يقووا على مواجهة ما يمارس عليهم.
وهذا التوجه، يعمل على أن يعي الناس، جميعا، بدورهم في تقرير مصيرهم الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، انطلاقا من مستوى التطور الذي وصلوا إليه، سواء تعلق الأمر بالتشكيلة الاقتصادية الاجتماعية الرأسمالية، أو بالتشكيلة الاقتصادية الاجتماعية الاشتراكية، حتى لا نقول التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية الإقطاعية. لأن هذه التشكيلة، ونظرا لعمق تخلفها، لا يمكن أن تسود فيها العلمانية، لتناقضها مع مصالح الإقطاعيين.
والعلمانية تصير مطروحة كفكر، وكعلم، وكممارسة حياتية، وسياسية، عندما يعرف المجتمع، الذي يصير فيه تحكم قيم الغيب، أو القيم الدينية/السياسية(المؤدلجة للدين)، عاملا من عوامل عرقلة ذلك التطور. مما يؤدي إلى اعتماد الاستبداد، كوسيلة لفرض تحكم ذلك الغيب، بل واعتماد ممارسة إرهاب الدولة، أو إرهاب مؤدلجي الدين الإسلامي: المادي، والمعنوي لفرض تحكم الغيب، الذي لا يوجد إلا في أذهان المستبدين، أو في أذهان من يسعون إلى فرض استبداد بديل.
ولأن المجتمع المتطور لابد أن يعرف صراعا معينا، وأن ذلك الصراع لا يكون منتجا إلا باعتماد الممارسة الديمقراطية الدقيقة، وأن تلك الممارسة لا تؤتي أكلها إلا إذا اعتمدت القيم العلمانية لتحرير الإنسان من أسر الغيب، حتى يستطيع التعبير عن رأيه في كل ما يجري على أرضه، وعلى جميع المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، أي أن العلمانية تعتبر عاملا من عوامل التحرر من القيم المتخلفة، المنبثقة عن سيادة الفكر الخرافي، وتحكم الفكر الإيديولوجي الديني.
والعلمانية تقوم على انتشار العلم، والمعرفة الفلسفية، والفكرية، و ،على انعتاق الدين من أسر الأدلجة، حتى يصير ما لله لله، وما لقيصر لقيصر، كما قالوا منذ القديم، وحتى يكون أمر الناس شورى فيما بينهم، دون تدخل أي جهة، مهما كانت هذه الجهة، حتى وإن كانت هي الدين نفسه، كما جاء في القرءان: "و أمرهم شورى بينهم".
والعلمانية تتيح الفرصة أمام المعتقدات الدينية، في تفاعلها مع الواقع، وفي فعلها فيه، ومن أجل أن تتحول إلى قوة مادية مؤثرة في الاتجاه المساعد على تطور المجتمع في الاتجاه الصحيح، وفي اتجاه جعل قضية العلمانية قضية مسلم بصلاحيتها للواقع، في تجلياته المختلفة.
2) أما الدولة، فمهما قلنا في توضيحها، فإننا لا نتجاوز أن نقول: إنها مجموع الأجهزة القمعية، والإيديولوجية، والسياسية، التي توظفها الطبقة، التي تصير حاكمة بفعل عوامل معينة، من أجل فرض كافة أشكال السيطرة الطبقية القمعية، المدعومة إيديولوجيا، وسياسيا.
وهذا المفهوم ذو البعد المادي / التاريخي، والماركسي، هو الذي يبقى حاضرا في الممارسة اليومية للطبقة الحاكمة، ولأجهزة سيطرتها الطبقية، كيفما كانت المفاهيم المثالية، التي يحاول الدارسون إعطاءها لمفهوم الدولة، من خلال ذلك الركام الهائل من الكتب، والدراسات، التي تزخر بها المكتبات الخاصة، والعامة، تشغل وقتا كبيرا من أجل أن يستوعب طلبة الدراسات الجامعية، تلك المضامين المثالية للدولة، في الوقت نستطيع فيه أن نسجل :
|
|
|
|
|
|
|
|
|