همس حميم لناعسة العينين...!! (3) (4) و(5) و(6) و(8) و(9) و(10)

همسٌ حميم إلى ناعسة العينين (42)

ابوبكر يوسف إبراهيم

( قد أتاك يعتذر، فلا تسله ما الخبر
وكلما أطلت الحديث له بات يختصرُ)

حبيبتي..،

أنا لا أغضب ولا أعاتب ولكني قد أصمت لبرهة ولربما تكون هي لخظة للتأمل وربما تكون برهة للإستيعاب وربماهنيهات صمتٌ تجبرنا على نسيان ما حدث رغم أنه دون العتاب.. وعلى كل حال فحتى مثل هذه الحالات معك ممتعة لأني أحس فيها لكم أنت رهيفة ورقيقة وأنك أرقّ النسيم اللطيف ، لأننا حين نعاتب بلطف النسيم أحد رقيق نحس بمدى خشونة ذاك اللطيف.. لا عليك حبيبتي من يستحق أن يعتذر فهو أنا لأنني ربما في صمتي عدم ترفق بقارورة عطري التي تضوع أرجاء مشاعري وذاتي وعمري.

حبيبتي ..،

وعدتك أن نتحدث عن بعض شعراء كان لتاء التأنيث ونون النسوة كك دواعي الحب .. والإلهام.. والرقة والرأفة.. والود.. والرفقة.. والصداقة إلى من أحببن تلك الثلة الشعراء ولولاهن لما نال ذاك الشعر بهرجه وأبهته وبديعات التحسين والتجميل حتى إنفرد بمآله إلى تصنيفه ضمن أعذب شعر العاشقين الذين أهلهمتهم حبيباتهن إلى وصول تلك المنازل الراقية وجدانياً والعالية الشفافية..

حبيبتي..،
الفرنسيون أهل أدب وفن وعشاق جمال وإن أحدثك اليوم فلن أجد أرقى من هورنييه . دي. بلزاك الأديب القصصي الشهير ومن أهم أرقى ما كتب ( أوجيني غرانده).. وبلزاك هو من عاش قصة عشقه مع من أطلق عليها ( جنية الشمال).. كانت(إيفيلين هانسكا) تعيش على بعد آلآف الليلومترات فقد كانت تعيش هناك في روسيا البيضاء وهو يعيش هنا في فرنسا.. كانت هي زوجة أحد الأثرياء ، وكان هذا الزوج متقدماً في السن وكانت دائماً تجلس بجوار سريره لتقرأ له ما يحسن أن يقرأ لرجلٍ عجوز!! .. كانت (إيفيلين) تتسلم الصحف اليومية التي تصدر في أوروبا ومن بينها الصحف والمجلات الفرنسية، وبينما كانت تقرأ في أحد المجلات لفتنظرها قصة أعجبتها ثم قرأت إسم مؤلفها وهو ( هورنييه دو بلزاك)!! وتابعت هانسكا القراءة أمام زوجها ، وقد أخذ الإعجاب ببلزاك مداه في نفسها.. فخطر لها ذات يومٍ أن ترسل له رسالة تبدي فيها إعجابها وذلك على عنوان المجلة التي كان ينشر فيها بلزاك قصصه.

حبيبتي ..،
وكما إتفقنا أن الحب الذي تهيأه الصدف هو حب قدري ل تدخل فيه الشباك والأحاييل والمصائد والإعجاب المتصنع أو النفعيات.. إنه حب من أجل الحب .. والحب فقط!!.. فأرسلت له ولكن من بين كل الرسائل التي كانت ترسل إليه كانت هناك رسالة واحدة مختلفة في طريقة الكتابة والترتيب والأناقة والوضوح . صاح بلزاك في تلك اللحظة قائلاً يا للخط الجميل ويا لطلاوة الإنشاء!!) ثم هزّ رأسه ليقول يبدو أن هذه المرأة واسعة الثقافة فنقدها سليم وفي مكانه..).. كان هذا في عام 1833.
لقد كان خط إيفلين متميزاً وإنشاؤها عذباً ونقدها دقيقاً أخذ به بلزاك فيما بعد مما كان له كبير الأثر في كتابته وقصصه وشخصياتها. وقد تبادلا الرسائل بضعة أعوام ولكن أول لقاءٍ بينهما كان في سويسرا في ( نيو شاتيل) وكانت روايته( أوجني غرانده) قد حققت نجاحاُ هاماً.. كانت (إيفيلين ) تصطحب معها زوجها العجوز وإبنتها(آنا).. وقد أمضيا سوياً خمسة أيام .. ثم إلتقيا في عيد الميلاد
في ذات العام في جنيف وفي ربيع عام 1935 إلتقيا في فيينا ثم لم يلتقيا بعد ذلك إلا في عام 1843
تطورت العلاقة الوجدلنية بينهما إلى عشق منقطع النظير وإلى أنها أصبحت ملهمته حتى جاء نعي زوجها الكونت (هانسكا) في 1941.. فجاءت وسكنت في باريس في شارع( ناف دو برنيه).. وكان وضع بلزاك حينذاك قد إزداد سوءً جراء تهديدات خادمته التي وقعت في يدها الرسائل المتبادلة وكانت تغار من علاقة (بلزاك) ( بإيفيلن ) مما سبب له متاعب صحية ونفسية.. ومما زاد من تدهور صحته .. في مارس 1850 إقترن بلزاك بالسيدة (إيفيلين هانسكا) وكان في أسوأ حالاته المرضية.في 21/ مارس وصلا إلى باريس حيث أعدت والدته وأضفت اللمسات الجميلة على منزله في شارع ( فوتينيه).. لقد أعدّ بلزاك هذا المنزل بعناية لإستقبال ( جنية الشمال)!!

حبيبتي.. ،
الجانب المأساوي هو آخر حديث دار بين (بلزاك) و ( جنية الشمال) بعد عودة من رحلة لها في روسيا، وحال وصولها باريس قرعت الباب ودار بينها وبين ( بلزاك) الحديث التالي:

- [ من الطارق؟
- أنا حبيبتك إيفلين!
- وماذا جئت تفعلين.. إني لا أرى طريقي لأفتح لك لأفتح لك الباب، لقد صرت أعمى!!
- جئت من أجلك يا حبيبي، انهض وتحسس طريقك.. لست أريد منك شيئاً!!
- لم يبق مني شيء!!
- لا أريد منك شيئاً أريد فقط أن أموت وأنا أدعى مدام بلزاك.. إنهض وافتح لي سأكون لك نعم العينين!!]

حبيبتي..،

إن الحب لا يختبر إلا عن لحظات الفراق الأخيرة وها هي ( جنية الشمال) تصبح عينا ( بلزاك) إلى مماته.. إلى الملتقى!!

(عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 12-04-2006, 07:44 AM)
(عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 12-05-2006, 02:05 AM)