|
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة (Re: الطيب بشير)
|
.
(7)
سـافر عبد الناصر، الإبن البكر لدفع السيد، إلى ليبيا، فقد باعت نفيسة بقرتين لتمويل سفر ولدها الذي كان المبروك قد هيّأ له عملآ طيّبآ وسـكنآ في سبها. بحث عبد الناصر عن مكان سكن والده، و بعد جهد تعرّف على البيت بمساعدة بعض الشباب، و حين طرق الباب كان دفع السيد مخمورآ جدّآ فـفتح الباب و حملق في الطّارق و أخذ يردّد: قول معاي أنا شايفك ويييين؟؟ شايفك ويييين؟شايفك وييييين؟؟؟ مرّت لحظات عصيبة على الشاب اليافع، و دارت بخلده كلّ ذكريات حكيم القرية الذي كان يتصدّر المجالس مع أعيانها، دلف إلى البيت دامعآ فألفى أخته لأبيه تلهو بعشرات الدمى الباهظة الثمن و تدير جهازي تلفزيون في ذات الآن، فتذكّر علبة الصلصة المخرومة يتدلّى من فتحتها خيط لتمثّل و تحاكي تلفون العمدة و كانت قد أسعدت طفولته لزمن بعيد قبل أن يهديها لشقيقه الأصغر. كان دفع السيد يكثر الدخول للحمام، يبكي حينآ و يستحث القيء بإصبعه السّـبّابة أحيانآ ليتخلّص مما أفرغه في جوفه عساه يصحو لضيف كم تمنّى أن يراه و هاهو يهرب من لقياه. كان كلام عبدالناصر مع أبيه جادّآ في غير قسوة، أخبره بعمله الموفّـق و دعاه هو و الطفلة الصغيرة للعيش معه كأسرة سعيدة بمفاهيم جديدة. لم يجد دفع السيد مفرّآ من القبول، رغم تهيّـبـه من ردود الفعل الغاضبة للسيدة الغائبة، و عاوده مرحه فصار يطلق على إنتصار لقب (بلّـة الغائب). بدخول عبدالناصر في حياة أبيه عادت للرجل بعض معاني الحياة، فهاهو المجتمع الظالم يبتسم بوجهه ثانية و هاهم رفاق الأمس يدعونه للمنادمة ثانية، لكن سكرة دفع السيد التي أنكر فيها إبنه البكر كانت فوق احتمال القروي، فتاب لوجه إبنه الكريم و صار الخمر عنده آخر ما يرد في التفكير. كانت فضيحة القبض على عصابة سودانية للتهريب فوق احتمال الجالية الصغيرة في سبها، و زاد المصيبة أن التلفزيون المصري قام بالتركيز على امرأة تشارك في الجرم بإغواء و تضليل رجال الجمارك، و تناولت الألسـن سيرة إنتصار بكثير قسـوة، لا سيما نساء الجالية اللائي كـنّ بالأمس من أقرب صديقاتها. هنا فقط تذكّـر دفع السيد حال نفيسة حين تزوّج عليها، لم تشمت فيها سيّدة واحدة بالقرية، بل كانت النساء تبكي معها و كـنّ يتحدّثن عن غدر دفع السيد، و أحسّ الرجل بقدميه تخذلانه فتهالك في أقرب مقعد و غامت الرؤيا حوله و انتابته أزمة قلبيّـة حادّة نقل على إثرها للمستشفى. خرج دفع السيد من مشفاه بقائمة من ممنوعات الطعام و سلّـة من الأدوية و رضا عن إبنه الذي كان شديد العناية به و بالطفلة التي أخرجها وجود أخيها في حياتها من غرفة مملوءة بالدّمى إلى رحاب ميادين الأطفال و المنتزهات و برامج الترفيه العائليّـة فصارت تنسب له كل الخير في الأرض دون أن تعي أنها تفعل. كثر الطرق على الباب المفتوح فاضطرّ الأزهري, شقيق عبدالناصر الصغير، أن يصيح بغضب: الباب فاتح ياااخ عالجت نفيسة كلام إبنها الذي تعوزه الخبرة بخطوات وثّابة نحو باب البيت و هي تردّد: مرحب مرحب و فتحت الباب لتجد رجلآ تبدو عليه سيماء الرسميين، بيد أنّه غير متجهّم، و تبدو خلفه لوحة سيّارته صفراء و قد لحق به نصف أهل القرية حين رأوه، أو علموا، بأنه يطرق باب نفيسـة. تحدّث الرجل للجميع كمن يخطب في ليلة سياسية: يا جماعة أنا عبدالجليل الطيّب، مدير الخدمات الإجتماعيّـة بمشروع الجزيرة، و قد جاءنا خطاب رسمي من السفارة الليبية، عبر الخارجيّـة و وزارة الزراعة، أن رجلآ ثريّـآ تبرّع لكم بمستشفى للقرية، و تبرّع لمشروع الجزيرة بجرّارات و معدّات أخرى، و جاء في الخطاب أن أحد العاملين مع هذا الثري هو الذي طلب منه ذلك، و أنّ اسم العامل هو: عبدالناصر دفع السيد و هاج البسطجاء و اختلطت صيحاتهم بزغاريد النسوة و ضاع صوت الرجل الطيب عبدالجليل الطيب و هو يحاول تهدئتهم ليكمل ما لديه، فقام إمام المسجد بالتصفيق عاليآ فصمتوا ليكمل الموظف حديثه بالدارجة هذه المرة: و هسع دايرين نفيسة تمشي معانا بركات لأنو عبدالناصر طالبها في مكالمة ضرورية و مرة أخرى ضجّ القرويون و اختلطت أحاديثهم: نفيسـة نفيسـة، بالصح ماشّـة مدني تقولي هـلـو هـلـو بلا شغلة متل ناس الخرتوم؟ و تصيح عجوز أخرى: صبرك جبر يا نفيسة، يكبروا السّـغار و يزيلوا الغبار و يصيح صبي: عليك الله يا خالتي قولي ليهو دايرين كدّارات و..و لباسـات منـقـرطة و فـمـايـل مشـخّـتة للتّـيم. في بركات، حيث رئاسة مشروع الجزيرة، كان شيخ بكري إمام المسجد و حاج الجمري خال نفيسة يسمعون ردودها على الهاتف فقط و يستنبطون معنى كلام إبنها: ....................... كتّـر خيرك يا ولدي، أنا ما فيني عمر للطيّارت بعد دة، و لا بقدر على عيشة الغربة، أنا بقعد مع أهلي في الحلّة هني، و انتا تجينا زيارة لينا كلّنا ................................ لا لا..شكرآ عليك ..طالما جبتو لينا الازبتالية يا ولدي تاني السفر فوق ام كم؟ ............................. كدي كدي خلاس ..بنوي طـب ..ان شا الله المنادي ينادي، عيلا بعد تعرّس إتّـا ............................... و فجأة تغيّـر وجهها الضاحـك و صمتت تسـمع فقط، ثمّ طفرت دموعها بغزارة و جاء صوتها مشروخآ: عافيالو يا ولدي، عشانك إتّا، هي الدنيا فيها شـنو؟ لا فاتت سيد الكارّو...و لا لحقها اب وشّـآ صارّو.. لا تشيل هم ابوي انا.. عافيالو طب، أنا أمّـك آآ عبدالنّاصـر، ان شاالله ربنا يشفيهو ................................ ودعتك الله و الرسول آآ العشا .................................. خرج موكب نفيسة من مكتب المدير باتجاه السيارة حيث بادر السائق برفع طوبة من الأرض ليؤاخي بها نفيسة، لإعتقاد سائد يفيد بأن ركوب المرأة الواحدة مع الرجال يجلب الشؤم و تتم معالجة ذلك (السّـبر) بوضع طوبة في السيّارة. هنا أسرع شيخ بكري، الذي يحسب تلك الممارسات بقايا وثنية، و رمى الطوبة قائلآ للسائق: لو العربية دي فيها راجل واحد بيكون نفيسة دي، سوق ساي بلا فـلـفـسـة معاك.
ـــــــــ
النهـــاية ـــــــ
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة | الطيب بشير | 08-03-06, 02:24 PM |
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة | الطيب بشير | 08-03-06, 05:43 PM |
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة | ابو جهينة | 08-04-06, 05:45 AM |
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة | الطيب بشير | 08-04-06, 12:56 PM |
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة | الطيب بشير | 08-04-06, 01:04 PM |
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة | الزوول | 08-04-06, 01:09 PM |
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة | الطيب بشير | 08-04-06, 01:19 PM |
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة | معتز تروتسكى | 08-04-06, 09:03 PM |
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة | الطيب بشير | 08-05-06, 01:40 PM |
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة | الطيب بشير | 08-04-06, 02:04 PM |
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة | عبد الله عقيد | 08-05-06, 08:10 AM |
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة | الطيب بشير | 08-05-06, 01:47 PM |
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة | الطاهر ساتي | 08-05-06, 12:08 PM |
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة | الطيب بشير | 08-05-06, 01:51 PM |
سوداني أصيل | ابي عزالدين البشري | 08-05-06, 12:29 PM |
Re: سوداني أصيل | الطيب بشير | 08-05-06, 01:54 PM |
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة | الطيب بشير | 08-05-06, 02:27 PM |
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة | عبد الحي علي موسى | 08-06-06, 06:57 AM |
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة | الطيب بشير | 08-07-06, 01:43 PM |
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة | أبوبكر حامد الأمين | 08-06-06, 03:19 AM |
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة | إسحاق بله الأمين | 08-06-06, 05:37 AM |
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة | الطيب بشير | 08-07-06, 01:39 PM |
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة | الطيب بشير | 08-07-06, 01:30 PM |
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة | الطيب بشير | 08-07-06, 01:45 PM |
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة | عبد الحي علي موسى | 08-08-06, 05:32 AM |
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة | الطيب بشير | 08-08-06, 12:22 PM |
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة | الطيب بشير | 08-08-06, 12:19 PM |
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة | إسحاق بله الأمين | 08-09-06, 04:22 AM |
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة | الطيب بشير | 08-09-06, 05:59 PM |
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة | peace builder | 08-09-06, 05:15 AM |
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة | الطيب بشير | 08-09-06, 06:02 PM |
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة | peace builder | 08-10-06, 04:59 AM |
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة | الطيب بشير | 08-10-06, 03:17 PM |
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة | مصدق مصطفى حسين | 08-09-06, 07:17 AM |
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة | الطيب بشير | 08-09-06, 06:04 PM |
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة | عبد المنعم ابراهيم الحاج | 08-09-06, 06:11 PM |
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة | الطيب بشير | 08-10-06, 03:11 PM |
رمضان كريم | ابي عزالدين البشري | 09-25-06, 05:21 AM |
كل عام وأنتم بخير بمناسبة عيد الفطر المبارك | ابي عزالدين البشري | 10-24-06, 02:03 AM |
|
|
|