كاتب ساخر من الدويم/ الطيب عبد الرحيم خلف الله

والله سرك ده ، بس أسكتي خليه ساهي.
شي نوبة وترجمة وشي جبنة وشي ودع مالك نسيتي الدستور، دستور يا أسياد. ولا أظنك غرقتي في الذكر؟
الجبنة من لوازم الودع . ورغم أن هنالك أوجه كثيرة في لقراءة الحظ؛ مثل قراءة الكف، قراءة الفنجان، الرمل، قراءة اللوح وقراءة الماء الذي يصب في (القرعة) أو (الكورة). إلا أن أهل السودان مغرمون بالودع خاصة دون غيره،ولهم في ذلك حكاوى، تعد شرطا في ممارسة المهنة ولهم أيضا طقوس لا يمكن تجاوزها.
أما الحكاوى، وهي غالبا من صنع الخيال:
أولا:
قد تدعي إحداهن أن زائرا زارها في المنام وأذن لها برمي الودع وهذه تسمى (المحلمة) وهو أدني إذن يخول للوداعية أن تمارس المهنة.
ثانيا:
قد تدعي إحداهن أن زائرا زارها و سلمها سبع ودعات بيض، وأنها لما صحت من نومها، وجدت الودع بجانب السرير. وتشهر نفسها قارئة من درجة أرفع من الأولى.
ثالثا:
قد تدعي إحداهن أن زائرا دخل بتها وبيتها مغلق الأبواب، وناولها الودع وأذن لها. وأن حوارا قد دار بينهما فقالت له إنها لا تعرف قراءة الودع، فقال لها :
" قومي برمي الودع وأنا أفسر لك".
فإذا جلست لقراءة الحظ، كان واقفا أمامها يحدثها بما (قاله) الودع، من حيث لا يراه الحاضرون ولا يسمعونه وهذه درجة عظيمة. لأن القارئة تستطيع أن تسأل الرجل مباشرة.
أما الطقوس:
أولا:
لاتشذ إلا القليل من الوداعيات في أن العدد المصرح به سبع ودعات، أما الودع المجلوب من (أولاد كذا وكذا) فهو تسع ودعات وهن رمز لأبناء الجني الذين ماتوا ولهم قصة أخرى. فإذا قامت صاحبة التسع للعمل لا بد أن تتفل في ودعها تسع تفلات. ولا تعتد الأولى بذلك.
ثانيا:
القارئة التي من الدرجة الثالثة واسمها( الشايلة أو الشايفة) فلابد أن توقد البخور ويشم الجن رائحة البن المقلي، فهو مرتبط بالجبنة ارتباطا كبيرا.
ثالثا:
لا بد من جعل مادي يوضع قبل الشروع في العمل ويسمى ( البياض). ويجب أن يكون من عملة معدنية ولا يجوز التعامل بالورق، ولا الذهب. أما الذي يعطى هدية بعد الانتهاء من العمل أو (الحق) إذا عالجت المريض، أو كشفت مكان المسروق، فلا بأس أن يكون أي نوع من المال، حتى ولو كان ذهبا وفضة.
رابعا:
إذا جلست الوداعية من الطبقة الثالثة، فلا بد من تغطية رأسها، وبعض منهن يشترط أن تبل الأقدام بالماء.
خامسا:
أن يرمي الزائر الذي يراد قراءة الحظ له الودع بنفسه، خاصة الرمية الأولى.
سادسا:
أن يصمت الناس ولا يتحدثون أما الشايلة، إلا إذا أذنت لهم أو يصيب المتحدث ضرر وخيم.
وتسمية الودع نفسها تبدو غريبة ولكن إذا رددناها إلى الوداعة بفتح الواو وهي اللطافة، فلربما لأن النشاط نفسه مرتبط بالإنس وشراب البن. وإن كان من الوداعة بكسر الواو وهي الأمانة فقد يكون المعني أن الجن استودعت الوداعية هذا الودع، فالوداعية من الدرجة الشايلة، حين تهجر هذه المهنة فيجب أن تضع الودع في دار خربة حتى يستلمه صاحبه، أو تذهب إلى النهر وتقول كلاما ثم ترمي به في الماء.
سابعا:
تخصص الوداعية يوما لا تمارس فيه المهنة وفي الغالب الأعم هو يوم الجمعة، ولكن ذلك يعتمد على يوم زيارة الجني، وبعضهن يدعين أن الذي زارهاليس جنيا بل هو ولي صالح، وقد تذكر اسمه.

والوداعية تعتمد في عملها على سيكولوجية الذي تقرأ له الحظ، فهي لا تقول كلامها جملة واحدة. بل تبدأ كلامها كما يلي:
- ووب على النسوان المتشاكلات ديل مالهن؟
وتستدرج المراة الأخرى لتقول لها بكل بساطة:
- ديل أخوات راجلي، أصلهن من يوم عرسني ما دايراتني و.....
تقول الوداعية:
والمرة السمينة دي مالها يا بنات أمي؟
فترد التي يراد قراءة حظها:
دي أم راجلي، هي مرة طيبة لكن بتخاف من بناتها.
تقول الوداعية:
- سجمي البنات ديل ملجمات أم الولد راجلك ده ، خاتات ليها العمل في زريبة الغنم ولا دافناتنو فيها ربك يعلم . كدي أقيفي النشوف الودع قال شنو؟
أو تستعمل مصطلحات أهمها:
الوحيد والوحيدة ومعناها الولد أو البنت التي لا أخ أو أخت لها
ثاني أخوه أو تاني أخواتها
أولاد الصرة وبنات الصرة وهم الأشقاء الذي يزيدون على الاثنين
وهي حيلة للاستداج أيضا، فحينما تقول :
تاني أخوه ده والله بسافر سفرا طويل لكن برجع.
فتبحث التي يقرأ لها الحظ في سيرة العائلة كلها وقد يدور في رأسها أنه فلان ابن فلان، وتحسب أن الوداعية رأته بين حبات الودع.
ونلتقي ياحاجة( في شان نعرف ودعاتك كمهن. محلمة ولا متعلمة الودع ده؟ ودعك أبيض ولا مخازز؟
والنوبة دي موضوع تاني خالص.
الرسول سلمي لي على بنياتك لامن اجيهن