|
|
 قراءة في أوراق التحالف الوطني – قوات التحالف السودانية
|
بسم الله الرحمن الرحيم
ان التكوينات السياسية ليست بالتجمعات الاعتباطية التي تنشأ بمعزل عن
واقعها الموضوعي وكل حركة سياسية تعبر بالضرورة بدرجة من درجات التعبير عن ذلك
الواقع الاجتماعي ، واتجاهات التفكير والتعبير في ذلك الواقع تكون مؤشراً
لقراءة المصالح الاجتماعية وتناقضاتها ومستوى الوعي السائد في التعبير عن تلك
المصالح والتبرير النظري لها ، وبالقراءة السياسية المتعمقة للواقع السياسي
السوداني عند نشأة تنظيم التحالف الوطني السوداني نجد انه كان يعيش اجواءاً
شمولية متسلطة فرضتها حكومة الانقاذ التي شادت بنيانها على انقاض نظام ديمقراطي
حر منتخب بواسطة الشعب واسست اركانها على هدم الشرعية الديمقراطية الحرة ، لذلك
كان لا بد للسؤال الموضوعي التالي ان يطرح نفسه ، ما الدوافع وراء انشاء تنظيم
سياسي في ظل حكم ديكتاتوري قابض ؟
وللاجابة على هذا التساؤل لا بد اولاً من تثبيت الاتي انه وعلى مر التاريخ
السياسي السوداني انتجت الاحزاب العقائدية يميناً ام يساراً مجموعة سياسية
كبيرة العدد صغيرة القاعدة ولكن كلها تشترك في معالم رئيسية اهمها ( الحساء )
الفكري الهزيل وارتكاب التجاوزات في حقوق الاخرين دون وضع اعتبار لاي شئ ،
والتحالف الوطني السوداني ليس بمعزل عن هذه المجموعات اليسارية التي نشأت كنتاج
لمرحلة تاريخية معينة واستمرارها من عدمه هو بلا شك رهين باستدامة هذه المرحلة
من انتهاءها والتجربة السياسية الفطيرة لهذه المجموعة ومحاولة تأسيس مرتكزاتها
الفكرية والسياسية بالاستناد الى ثورة 1924م باعتبار ان جذور مجموعتهم تمتد
اليها هذا لعمري قراءه غير واعيه بالتاريخ السياسي السوداني من مجموعة تتبنى
شعار " السودان الجديد " ولكن تتضاءل درجات الدهشة اذا علم ان كل ادبيات هذه
المجموعة تم انتاجها عن طريق السطو على المشاريع الفكرية للقوى السياسية الأخرى
الا ان كل ذلك السطو لم يجد فتيلاً في خلق ايدولوجية حتى بوصفها " ابناً غير
شرعياً لاب عقيم " ففاقد الشئ لا يعطيه وآل التنظيم الذي كان يدعوا الى ثورة
الحرية والتجديد الى عصابة لنهب السيارات والاختطاف والقتل ثم من بعد ذلك الى
مجموعة من المشردين على طول الحدود الاثيوبية انتهاءاً بالمتبقين منهم في
الاراضي الاريترية الى جنود في جيش الحركة الشعبية وهذه النهاية الدراماتيكية
ليست مثيرة للدهشة او الاستغراب اذا علم ان الحركة العسكرية التي قادها العميد
(عبد العزيز خالد) للانشقاق عن القيادة الشرعية داخل أروقة التجمع الوطني
الديمقراطي تمت بالتنسيق مع القيادة الاريترية والتي لها اجندتها الخفية في ذلك
الامر فهي لا تملك القوات العسكرية الضاربة التي تؤهلها لخوض حرب شاملة ضد
السودان اذا فكر في ذلك كحل لوضع حد نهائي لحركات المعارضة ممثلة في التجمع
الوطني الديمقراطي لذلك فكرت في انه لا بد من وجود قوات عسكرية لحماية حدودها
الغربية فتفتق ذهن القيادة الاريترية عن خطة قيام فصيل عسكري مسلح يقود اعماله
ضد نظام الخرطوم من داخل اراضيها ويشكل في الاساس خط الدفاع الاول عن اراضيها
في حال ان فكرت حكومة الخرطوم في غزو اريتريا ، وهذا ما دعا لقيام قوات التحالف
السودانية اصلاً فكان ان نشات هذه القوات برعاية اريترية كاملة مستندة في
الاساس على قاعدة من الجند يشكل " الجنقو " 90 % منهم " الجنقو هم عمال الزراعة
الموسميين على الحدود الشرقية للسودان " بالاضافة الى مجموعة من العسكريين ،
وحكمت هذه المجموعة العسكرية جملة قوانين صارمة تطلبتها خصوصية المرحلة والعمل
المسلح ولكن ان تتحول هذه القوانين الى سيوف مسلطة على رقاب المقاتلين انفسهم
فهذا مدعاة للعجب " قانون النشاط الهدام " والأكثر اثارة للاستغراب هو انشاء
معسكرات للاعتقال والتعذيب " البيت الابيض " ، " بيوت النمل " واستجلاب خبير
للاستنطاق وهو ضابط سابق وبرتبة كبيرة في امن النظام المايوي وقيادته لعمليات
التعذيب بنفسه ، كذلك الاختطاف والاغتيال الذي تم في حق مجموعة من المعارضين
السودانيين وابشع الامثلة على ذلك ما تم
في 19 / 6 / 1997م من اختطاف في حق المهندس ابن الغرب وقائد فصيل " المجلس
الثوري لغرب السودان " واغتياله بعد ذلك في 5 / 6 / 1998م كتصفية لحسابات
عرقية تاريخية من قبل اجانب اخضعتهم المهدية لحكمها في تمددها الاقليمي
والاستراتيجي يوماً ما .
عليه فان التاسيس لمحاولة تحويل هذه القوات العسكرية الى تنظيم سياسي هي في
الواقع مغامرة يسارية اثبتت الايام فشلها وما دار بين (عبد العزيز دفع الله)
ومن بعده دكتور( تيسير محمد احمد ) من جهة و(عبد العزيز خالد) من جهة اخرى الا
امثلة حية على ذلك وهي اوضح تمثيل لازلية الصراع بين المثقف الانتهازي والعسكري
الطموح ، فلا غرو ان يتحول التحالف الوطني السوداني ابن الصدفة ونتاج المرحلة
الى قلة في الحركة الشعبية وقائد اسير في خرطوم الانقاذ ، فهذا التنظيم لم ياتي
تعبيراً عن واقع اجتماعي وسياسي حتم قيامه وظهوره الى العلن بل كان صنيعة
استخباراتية غذت طموح بعض العسكر ورفدتهم بمجموعة من الانتهازيين فتشكل هذا
الخليط العجيب او ما كان يعرف بالتحالف الوطني السوداني والادهى والامر هو ان
تجد مثل هذه المجموعة ذات البرامج المسروقة موطئ قدم لها في الجامعات السودانية
وان تجد لبضاعتها المسروقة هذه سوقاً لها وسط الطلاب وهم بطبيعة الحال اصحاب
عقول غضة تواقة للتغيير مفتونة بكل ما هو جديد وسيشعر المرء بالحسرة والأسى
عندما يكتشف هؤلاء سرابية الأمل الذي يسيرون خلفه وان تنظيمهم ليس الا مشروع
لطموح شخصي غذته رؤى استخباراتية لدولة اجنبية وحينها سيخسر السودان مجموعة
نيرة من شبابه كان يمكن استيعابها في منظومات سياسية وطنية نابعة من كيان هذا
الشعب الطيب وسارية في اوردته ممثلة لكل اماله وطموحاته .
ولنا عودة
محمد موسى أحمد جمال الدين
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست