|
Re: الحاج وراق : بين القوات الدولية والسودان أم بين الرئيس ونائبه؟! (Re: مكي النور)
|
شكرا دكتور عادل.
بين القوات الدولية والسودان
الحاج وراق
أم بين الرئيس ونائبه «3-3» * وضع المشير البشير نفسه في مواجهة لا تتوفر له شروط كسبها، مواجهة تتناقض مع مصالح قاعدته الاجتماعية والسياسية، ومع مصالح شركائه في الحكم «الحركة الشعبية» في ظل انقسام حاد في الجبهة الداخلية الى درجة أن البعض، مدفوعاً بحاجاته ومراراته، خصوصاً في دارفور، لا يوافق على التدخل الدولي وحسب، وإنما يستدعيه باعتباره محرراً وحامياً ومحققاً للعدالة. وبالتالي فإنها مواجهة معروفة النتائج مسبقاً، وقليلون أولئك الذين يراهنون على الجياد الخاسرة! وفيما يتعلق بالخلاف بين الرئيس ونائبه، فإن مواجهة المجتمع الدولي، تجرد الرئيس من مصدر هام من مصادر القوة. ورغم إن تأييداً صريحاً من الدول الغربية لقائد في حركة اسلامية قد يضاهي قبلة الموت، الا أن عداء شديداً من هذه الدول ، في المقابل، يتناقض والمواصفات المطلوبة لرجل دولة ناجح، وفي المنتهى، فإن النخبة الاسلامية الحاكمة في البلاد، ورغم بيانات وبيعات الموت، تعرف بأنها تحتاج الى رجل دولة أكثر من حاجتها الى مهيج! * ويحلو للعديد من الإسلاميين التهوين من قدرة المجتمع الدولي على التأثير في مجريات الأحداث في البلاد، فيزعمون بأن المجتمع الدولي إنما هو الاسم الحركي للولايات المتحدة الامريكية، وهذه سبق وحاولت إسقاط الانقاذ، فلما أعيتها السبل مرات ومرات، إنصاعت الى الأمر الواقع وغيرت سياساتها وقبلت التعامل معها!. وما من تضليل للنفس أبلغ من مثل هذه المزاعم، فالمجتمع الدولي أعقد وبكثير من مجرد حاصل إرادة أمريكا، والشواهدعلى ذلك لا يمكن إحصاؤها ، وأبرزها تأييد روسيا والصين، بل وفرنسا، للانقاذ طيلة فترة التسعينات ، مما شكل أحد أسباب قدرتها على الممانعة. ثم إن الولايات المتحدة ، وعلى العكس مما يدعي الكثيرون في الانقاذ، لم تضع أبداً هدف إسقاط الانقاذ في أولوياتها. لو أرادت ذلك لدعمت التجمع عسكرياً ومالياً بالقدر الذي يطيح بالنظام، ولكنها لم تفعل، فقد أرادت التجمع أداة ضغط وليس بديلاً، فلم تغدق عليه دعمها المالي الا بعد التوقيع على اتفاقية السلام، ضمن سقوفها، ولرفع قدراته التفاوضية!!. ولو أرادت لغيرت ميزان القوى العسكري في حرب الجنوب بامداد الحركة الشعبية بصواريخ ستينغر القادرة على تحييد مصدر تفوق الجيش- أى تحييد سلاح الطيران!! * والاسلاميون الذين يلوكون مقولات الإدارة الامريكية لتأكيد العداء الامريكي للانقاذ ، لا يستنتجون منها الاستنتاجات الدقيقة، كمثل مقولة أنتوني ليك- مستشار الأمن القومي السابق- بأنهم سيضغطون على السودان بواسطة جيرانه لتغيير سياساته، فتغيير السياسات يختلف جذرياً عن تغيير النظام!! أو كمقولة مادلين أولبرايت- وزيرة الخارجية السابقة- بأن على التجمع أن يحضر نفسه كبديل للنظام الحاكم في الخرطوم، مما يعني إنها كانت ترى بأن التجمع، وحتى ذلك الحين، لم يكن جاهزاً!! وقد أكد سلوك الانقاذ، لحدود بعيدة، صحة روشتة التعامل الأمريكية معها- أى قابليتها لتغيير سياساتها تحت الضغط- فقد فضت سيرة المؤتمر الشعبي العربي الاسلامي، وطردت بن لادن، بل وعرضت تسليمه، تماماً كما سلمت عبدالله بركات «كارلوس» ، ثم وصلت الى حد الإطاحة بخميرة العكننة، شيخها نفسه! * وفيما يتعلق بالأزمة الحالية، والمتعلقة بدارفور، فإن الانقاذ لا تواجه الولايات وحدها، وإنما معها الاتحاد الاوروبي، ومنظمات الإغاثة وحقوق الانسان، ومجموعات الضغط المختلفة الخيرة والشريرة، والتي نجحت في تعبئة رأي عام عالمي ضاغط، إضطرت معه الادارة الامريكية الى إتخاذ مواقف عدائية معلنة تجاه حلفائهم المستقبليين والمفضلين في الخرطوم. وهو ذات السبب الذي إضطر الصين وروسيا الى إتخاذ موقف الحياد في مجلس الأمن ، رغم علاقاتهما الوثيقة بالانقاذ!. * فاذا استمر المشير البشير في خطه السياسي الداعي الى المواجهة، فحينها سيضع المجتمع الدولي- خصوصاً الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي- هدف تغيير الطاقم الحاكم ضمن أولوياته. وعلى عكس ما يروج البعض فإن الأوضاع في السودان تختلف عن العراق وأفغانستان، فالانقاذ لا تستند على طائفة عرقية واسعة كما طالبان التي كانت تستند على البشتون، ولا تتمتع بالقبضة الآحادية القوية التي كان يتمتع بها حزب البعث في العراق، إنها أقلية، وفي حال سحب تأييد الحركة الشعبية لها ، وهذا الأرجح، فالحركة لن تدخل في مواجهة مع المجتمع الدولي الذي تحتاج موارده لإعادة إعمار الجنوب ، في هذه الحالة ، فإن الانقاذ تواجه أوسع معارضة في تاريخ البلاد يواجهها نظام حاكم!. * وفي مواجهة الانسداد السياسي الناشيء حينها، فان الغزو العسكري ليس الخيار الوحيد، هناك خيارات أخرى، تبدأ بخطوات عديدة، كمثل سيناريو (عمار أبو مازن) حين تم تهميش الرئيس القائم والتعامل مع رئيس الوزراء وكأنه الرئيس الشرعي! وخطوة تفجير الاوضاع في دارفور والشرق، وفرض الانفصال في الجنوب فعلياً بما يطيح بمشروعية النظام والاتفاقية، وفرض عقوبات اقتصادية مع وضع ترتيبات لضمان تدفق الموارد للجنوب المكرس كوحدة مستقلة!! وتندرج جميع هذه الخطوات ضمن ثلاثة سيناريوهات أساسية محتملة: السيناريو الاول تغيير الطاقم الحاكم دون تغيير النظام. ورغم ان هذا ربما يكون السيناريو المفضل امريكياً، للمحافظة على استثمارهم في النظام ككل وفي اتفاقية السلام، الا ان تنفيذه العملي يواجه عقبات اساسية، اهمها توقع هذا السيناريو، وبالتالي، امكان وضع التدابير الكفيلة باعاقته، بما فيها تغييب البدائل المفضلة امريكيا!!. * واما السيناريو المحتمل الثاني فرفع الغطاء السياسي عن الانقاذ، واعطاء الضوء الاخضر للتحرك ضدها، ومن ثم نسج تحالف واسع، يضم الحركة الشعبية ويطمئنها على اتفاقية السلام، وبالتالي استلام السلطة عبر انتفاضة شعبية. واذا كانت الانتفاضة في السابق غير ممكنة، لغياب أحد شروطها الاساسية، وهو انحياز قطاعات مؤثرة في الجيش للتحرك الشعبي، بحكم السيطرة العقائدية على مفاصل الاجهزة العسكرية الامنية، الا ان خروج الترابي من السلطة، والتهميش اللاحق للجناح الاخر في المؤتمر الوطني، سيوفران التأييد العسكري اللازم لتحركات شعبية تحت مظلة سياسية واسعة وموحدة! وفي مواجهة هذا السيناريو لا يملك الطاقم الحاكم سوى ارتكاب مذبحة واسعة ، وتؤكد التجارب المختلفة، ان مثل هذه المذبحة ، في ظل تطور وسائل الاتصال والقنوات الفضائية ، ستقوض مشروعية النظام وتلهب المشاعر أكثر ، وبالتالي تزيد من احتمالات نجاح الانتفاضة! * واما السيناريو الثالث فهو مزيج من السيناريوهين، بمعني تحركات شعبية لا تهدف لتغيير النظام وانما لتغيير الطاقم الحاكم وحده، وفي حال تعذر السيناريو الاول، فهذا السيناريو يأتي الثاني في سلم الافضلية لدى الامريكان، حيث يوفر امكانية تغيير الطاقم الحاكم، مستفيدين من دفع المعارضة، دون فتح الطريق لرموزها غير المرغوبين امريكيا! وسواء بالنسبة للامريكان او شعب السودان، وكما تؤكد تجربة الانتفاضة في 85 م، فان التحركات الشعبية لا يمكن احتواؤها، بعد اندلاعها، في اي تصور جاهز مسبق، ففي انتفاضة ابريل، كان تخطيط الامريكان ان يستلم مجلس عسكري بقيادة اللواء عمر محمد الطيب السلطة بديلا عن نميري، ولكن ديناميات الاحداث تجاوزت ذلك بكثير! وذلك كان ايجابا، ولكن، في الاوضاع الراهنة، وبلادنا تجتاحها قوى الطرد الجهوية والعرقية من كل جانب، فلا احد يمكنه التنبؤ بما ستسفر عنه أي تحولات قادمة! وليحفظ الله السودان!
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الحاج وراق : بين القوات الدولية والسودان أم بين الرئيس ونائبه؟! | مكي النور | 06-29-06, 03:26 AM |
Re: الحاج وراق : بين القوات الدولية والسودان أم بين الرئيس ونائبه؟! | مكي النور | 06-29-06, 08:26 AM |
Re: الحاج وراق : بين القوات الدولية والسودان أم بين الرئيس ونائبه؟! | مكي النور | 07-01-06, 06:13 AM |
Re: الحاج وراق : بين القوات الدولية والسودان أم بين الرئيس ونائبه؟! | Adil Isaac | 07-01-06, 06:44 AM |
Re: الحاج وراق : بين القوات الدولية والسودان أم بين الرئيس ونائبه؟! | مكي النور | 07-02-06, 03:13 AM |
Re: الحاج وراق : بين القوات الدولية والسودان أم بين الرئيس ونائبه؟! | Mohamed Elgadi | 07-02-06, 05:49 PM |
Re: الحاج وراق : بين القوات الدولية والسودان أم بين الرئيس ونائبه؟! | مكي النور | 07-02-06, 03:45 PM |
Re: الحاج وراق : بين القوات الدولية والسودان أم بين الرئيس ونائبه؟! | Sabri Elshareef | 07-02-06, 10:38 PM |
Re: الحاج وراق : بين القوات الدولية والسودان أم بين الرئيس ونائبه؟! | HAYDER GASIM | 07-03-06, 00:33 AM |
Re: الحاج وراق : بين القوات الدولية والسودان أم بين الرئيس ونائبه؟! | مكي النور | 07-04-06, 01:23 AM |
Re: الحاج وراق : بين القوات الدولية والسودان أم بين الرئيس ونائبه؟! | Dr Mahdi Mohammed Kheir | 07-04-06, 04:39 PM |
Re: الحاج وراق : بين القوات الدولية والسودان أم بين الرئيس ونائبه؟! | مكي النور | 07-05-06, 05:56 AM |
Re: الحاج وراق : بين القوات الدولية والسودان أم بين الرئيس ونائبه؟! | Sabri Elshareef | 07-05-06, 08:53 AM |
Re: الحاج وراق : بين القوات الدولية والسودان أم بين الرئيس ونائبه؟! | مكي النور | 07-06-06, 04:15 AM |
|
|
|