|
الحاج وراق : بين القوات الدولية والسودان أم بين الرئيس ونائبه؟!
|
بين القوات الدولية والسودان أم بين الرئيس ونائبه؟! (1ـ2)
الحاج وراق
* ما من عاقل يمكن ان يصدق بأن رموز البلاد السياسية التي وافقت على القوات الدولية (الصادق المهدي، علي محمود حسنين، الترابي، محمد ابراهيم نقد، مني اركوي، عبد الواحد محمد نور، خليل ابراهيم) هؤلاء جميعا من العملاء! فإذا اضفنا الىهم رموز الحركة الشعبية ، ونائب رئيس الجمهورية علي عثمان، فأي بلاد هذه، يرجى الدفاع عن سيادتها الوطنية، اذا كانت رموزها السياسية الاساسية جميعها من العملاء؟! * الاجدر، بدلا من اطلاق الاتهامات الساذجة، مقاربة الامر بعقلانية، فاختلاف الموقف من القوات الدولية، سواء رفضها او قبولها، انما يعكس التباس الوضعية المراد التعامل معها، فهي وضعية ذات بعدين اساسيين ومتناقضين، وكلاهما صحيحان، وواجب التعامل معهما في ذات الان، البعد الاول حاجة المدنيين في دارفور الى الحماية ـ الى انهاء الفظائع التي يندي لها جبين كل انساني، من حرق للقرى وقتل بالهوية واغتصاب للنساء، ومن ثم الحاجة الى نزع اسلحة ميلشيا الجنجويد، والى ايصال الاغاثة الانسانية وتأمين ممراتها، ولان التدخل الدولي يجد مشروعيته في تلبية هذه الحاجات الاساسية، فإن قطع الطريق عليه يستوجب تلبيتها بالآليات الوطنية والداخلية، ولان هذا لم يحدث، ولا يلوح في الافق ان الانقاذ راغبة او قادرة على احداثه، فإن القوى السياسية التي تضع حماية المدنيين في اولوياتها، قد وافقت على التدخل الخارجي. * واما البعد الثاني فهو القلق المشروع والمبرر من القوات الدولية، خصوصا القادمة من حلف الناتو، فخلاف المخاوف من الاجندة غير المعلنة ـ الجيواستراتيجية، والنفطية، والمتعلقة بوحدة البلاد ـ، فهناك كذلك مخاوف احتمال تحول البلاد، ودارفور خصوصا، الى احد مسارح تصفية الحسابات بين الولايات المتحدة والجماعات الارهابية، وهي مواجهة في حال حدوثها سيدفع ثمنها الاساسي الشعب السوداني. ومثل هذه المخاوف المشروعة ليست وقفا على الاسلاميين، وانما يشاركهم فيها الذين وافقوا على دخول القوات الدولية، ولهذا السبب، فقد اتخذ الاخيرون موقفهم مع كثير من الحرج والتردد، وبعد ان دفعوا دفعا الى ذلك بغياب البديل الوطني. وبالنتيجة، فإن موقف الاسلاميين (الصادقين) المعارض للقوات الدولية له كذلك وجاهته، واعني بالصادقين اولئك الذين يعارضون القوات الدولية لاسباب مبدئية واخلاقية، وهم خلاف الوالغين في الفساد والذين تلوثت اياديهم وارواحهم بدماء الابرياء في دارفور، لا يعارضونها فزعا من المحاسبة الجنائية على ما جرى من فظائع وجرائم في دارفور، وانما لاسباب ايديولوجية ودينية، قد نختلف مع منطلقاتها وحيثياتها، ولكن تراكب الصراعات في البلاد مع الصراعات الاقليمية والدولية، وتراكب مصالح الولايات المتحدة مع حليفتها الاستراتيجية اسرائيل، يجعل هذه المخاوف مشروعة وان اختلفنا مع المنطلقات والحيثيات. * وهكذا، كان الاجدر بالمشير البشير، بحكم مسؤولياته كرئيس للبلاد، في هذه اللحظة الفاصلة من تاريخها، أن يدعو الى حوار وطني حقيقي وشامل، ينفذ الى أبعاد الوضعية المتعددة، ويفجر عبقرية أهل السودان وقواهم السياسية والمدنية، بما يحمي مدنيي دارفور ويحقق مطالبهم المشروعة بما فيها محاسبة المجرمين ورؤية العدالة تتحقق، هذا من جانب، ومن الجانب الآخر إبتداع البدائل الوطنية التي تقطع الطريق على القوات الأجنبية، ولكن المشير البشير لم يفعل ذلك، بل واندفع في الاتجاه الخاطئ، قدم نفسه كزعيم لحزب محدود، وفاقم من حالة الاستقطاب القائمة في البلاد، ثم وضع نفسه في مواجهة كل القوى السياسية الأساسية في البلاد، فهاجم رموزها واتهمها بالعمالة والإستخذاء! فلماذا اختار هذا الاتجاه الخاطئ؟ * صحيح أن للمشير البشير محازبيه من التنظيم الحاكم، من بينهم فاشست على إستعداد لإغراق البلاد في الفوضى والدماء على الا يمس احتكارهم المقيت للسلطة والامتيازات، ومن بينهم هتيفة عقولهم في حلاقيمهم يريدون ابتسار القضايا المعقدة في كليشيهات الوطنية والعمالة، ومن بينهم منتفعو الكوارث الذين يفضلون امتلاء جيوبهم بفوائض تعهدات المسيرات والنفرات على سلامة الوطن، وكذلك من بينهم متوترون من مجرمي الحرب في دارفور الذين يخشون لاهاي ويريدون الاحتفاظ بالبلاد رهينة بما يوحد بين مصائرها ومصائرهم الشخصية- وكل هؤلاء ينقلون هواجسهم وتوتراتهم الى المشير البشير، مما يمكن أن يفسر جزئياً اختياره الاتجاه الخاطئ، ولكن ذلك وحده غير كافٍ في التفسير، لأن المشير البشير ظل مقبولاً لدى القوى السياسية كرمز للقوات المسلحة، وكجسر لانتقال سلمى وآمن نحو الديمقراطية، ولذات الأسباب، مقبولاً من القوى الاقليمية والدولية، ولذا فمن الغريب الا يختار مصالحه السياسية فيندفع بهذه الحماسة الى الاتجاه الخاطئ، ليدخل نفسه وحزبه ونظامه في هذا المأزق الحالي!. * الحدة التي تحدث بها المشير البشير عن رموز القوى السياسية الأساسية، لا يمكن فهمها اذا كان الأمر يقف عند القوات الدولية، ذلك أن من شروط تحسين موقعه التفاوضي حول هذه القوات تنمية الإرادة الوطنية بما يوازن تكاثف التدخل الدولي في البلاد، ولا سبيل الى مثل هذه التنمية الا بإجماع القوى السياسية، خصوصاً الاحزاب الممثلة لغالبية الشعب السوداني، والتي هاجم وخوّن المشير البشير رموزها الأساسيين!. وفي تقديري إن التفسير المنطقي لهذه الحدة هوأن موضوع القوات الدولية بالنسبة للمشير البشير، قد خرج من كونه قضية تتعلق بالسيادة الوطنية، الى كونه أحد موضوعات الصراع حول السلطة بينه وبين نائبه، وهذا مما يعطي الأمر طابعه الملتهب الذي أخذه، على قاعدة (إياك أعني فاسمعى يا جارة)!. * والخلاف بين الرئيس ونائبه، لم يعد سراً، ولم يعد ممكناً السكوت عنه، وهو يطال بآثاره أهم قضايا البلاد، كمثل الموقف من القوات الدولية، وقضية الاجماع الوطني، فما آفاق هذا الخلاف وما هى احتمالاته، هذا ما سأتناوله في الحلقة القادمة بإذنه تعالى. www.alsahafa.info
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الحاج وراق : بين القوات الدولية والسودان أم بين الرئيس ونائبه؟! | مكي النور | 06-29-06, 03:26 AM |
Re: الحاج وراق : بين القوات الدولية والسودان أم بين الرئيس ونائبه؟! | مكي النور | 06-29-06, 08:26 AM |
Re: الحاج وراق : بين القوات الدولية والسودان أم بين الرئيس ونائبه؟! | مكي النور | 07-01-06, 06:13 AM |
Re: الحاج وراق : بين القوات الدولية والسودان أم بين الرئيس ونائبه؟! | Adil Isaac | 07-01-06, 06:44 AM |
Re: الحاج وراق : بين القوات الدولية والسودان أم بين الرئيس ونائبه؟! | مكي النور | 07-02-06, 03:13 AM |
Re: الحاج وراق : بين القوات الدولية والسودان أم بين الرئيس ونائبه؟! | Mohamed Elgadi | 07-02-06, 05:49 PM |
Re: الحاج وراق : بين القوات الدولية والسودان أم بين الرئيس ونائبه؟! | مكي النور | 07-02-06, 03:45 PM |
Re: الحاج وراق : بين القوات الدولية والسودان أم بين الرئيس ونائبه؟! | Sabri Elshareef | 07-02-06, 10:38 PM |
Re: الحاج وراق : بين القوات الدولية والسودان أم بين الرئيس ونائبه؟! | HAYDER GASIM | 07-03-06, 00:33 AM |
Re: الحاج وراق : بين القوات الدولية والسودان أم بين الرئيس ونائبه؟! | مكي النور | 07-04-06, 01:23 AM |
Re: الحاج وراق : بين القوات الدولية والسودان أم بين الرئيس ونائبه؟! | Dr Mahdi Mohammed Kheir | 07-04-06, 04:39 PM |
Re: الحاج وراق : بين القوات الدولية والسودان أم بين الرئيس ونائبه؟! | مكي النور | 07-05-06, 05:56 AM |
Re: الحاج وراق : بين القوات الدولية والسودان أم بين الرئيس ونائبه؟! | Sabri Elshareef | 07-05-06, 08:53 AM |
Re: الحاج وراق : بين القوات الدولية والسودان أم بين الرئيس ونائبه؟! | مكي النور | 07-06-06, 04:15 AM |
|
|
|