|
|
 لغة الزي وضرورة السفور الرجالي - عبد العزيز حسين الصاوي
|
اشارات استناريه، ثاني مره
لغة الزي وضرورة السفور الرجالي
عبد العزيز حسين الصاوي
في المرة الاولي ( الاضواء) دار الحديث حول تحديث التعليم، لاسيما مرحلة الاساس، كبداية لابداية غيرها للخروج من نفق اللاستنارة المظلم... هذه المره تتعلق الاشاره بالصلة بين المظهر والمخبر فيما خص موضوع التنوير....السيد اسماعيل هنيه رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد ظهر مرتديا ربطة عنق وذاك لاول مرة بالنسبة لاحد القيادات الاسلامية الفلسطينيه. هذا تغيير في المظهر سبقه اليه العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز والرئيس الايراني السابق محمد خاتمي . .. خلال اول زيارة رسمية له الي الخارج بعد توليه ولاية العهد الي اوروبا قبل عدة سنوات نشرت صحيفة الشرق الاوسط مجموعة صور للملك وهو يرتدي قميصا مشجرا وبنطلونا في احد الشوارع... وبحكم صلة الصحيفه بالسعوديه فأن عنصر التعمد كان واضحا لاسيما وان الامر تكرر خلال زيارة الملك الاخيرة الي اسيا عندما نشرت نفس الصحيفة صورا له في الفندق بالزى الافرنجي... في الحالة الثالثه ظهر خاتمي بالبنطلون والقميص مستلقيا علي اريكة مستشفي متبرعا بالدم اثر الزلزال الذي ضرب مدينة بام الايرانيه عام 2003 واودي بحياة 30 الف شخص.
جامع التغيير في الزي هذا نحو العصريه بين الحالات الثلاث وراءه جامع اهم وهو ارتباط الشخصيات المعنية في الاذهان بميول اصلاحيه تتفاوت في درجتها حسب اختلاف الاراء حول معايير الاصلاح ومصادر الدفع نحوه... اقل هذه النماذج عرضة للتشكيك هو الايراني حيث تدخلت المؤسسة الدينية، وهي الحاكمة فعليا في ايران، لمصلحة ممثلها احمدي نجاد بالاجهاز علي الفرص الانتخابية لانصار التيار الاصلاحي عندما منعت المئات من مرشحيه من خوض الانتخابات. ... وفي التصرفات والسياسات الفعلية للرئيس الحالي سنلاحظ مايذكرنا بانظمتنا العربية المحصنة ضد الاصلاح حيث تحل الشعارات التعبوية ضد الخارج محل سياسات بناء القوة الذاتية بالانفتاح الديموقراطي المبرمج.
في فلسطين اجمعت التحليلات التي تبعت الفوز الانتخابي المؤزر لحماس علي ان ترشيح اسماعيل هنيه لرئاسة الوزاره يعود الي مرونته وهي احدي الصفات المميزة لذوي الميول الاصلاحيه الديموقراطيه. غير ان المحك الحقيقي يبقي السياسات العملية التي ستتبعها الحكومة الجديده. و بينما يتعين التساهل كثيرا في تطبيق المعايير المحددة ( بكسر الدال ) لذلك بسبب خصوصية الاوضاع الفلسطينيه واهمها التربص الاسرائيلي اليومي المدعوم امريكيا، فأن ذلك لاينبغي ان يؤدي الي تجاهل قصورات القيادات الفلسطينية نفسها في تسهيل مهمة المتربصين مدعومة من بعض الاوساط العربية القوموية ( بالواو بعد الميم ) والاسلامويه.... في هذا الخصوص يطرح السؤال المشتق من المراجعة النقدية الامينة والصارمة لتجارب الثورية العربية القومية واليسارية عموما نفسه : هل يقدر للفلسطينين المرهقين حد الانسحاق تحت الاعباء الباهظة لعقود من المحاولات الفاشلة لتحقيق تقدم في قضيتهم الوطنيه، ان ينفذوا الي اول الطريق لذلك الهدف علي ايدي هنيه؟... البطولة العديمة النظير في الصراع مع العدو الصهيوني التي ابداها الاسلاميون الفلسطينيون حماسيين وجهاديين مبتكرين اسلوب الاستشهاد الانتحاري، كانت تطغي دوما علي سؤال يحدد مدي جدواها التحريريه : ماهو مصير تحرير الانسان بعد تحرير الارض ؟ فالتحرير الوحيد الذي يستحق هذه الصفه هو الذي يتجاوز طرد الاستعمار الاستيطاني وغير الاستيطاني الي تأهيل المجتمع لتحقيق التقدم المادي والمعنوي عن طريق تنظيم حريته ديموقراطيا....وهذا، كما اثبتت تجربتنا في السودان ضمن العديد من التجارب الاخري، مستحيل دون توجهات فكرية تضمن تحرير ارادة الانسان بتحرير عقله من اثقال التخلف الموروث منذ اقفل باب الاجتهاد الديني وسلم العرب والمسلون راية الفلسفة والفكر والتقدم العلمي للغرب. لقد كانت الثورة الايرانيه نموذجا باهرا للتحرك الشعبي الفعال ضد النفوذ الاجنبي ولكنها بعد ربع قرن من قيامها في بلد غني بالطاقة البترولية والبشريه لاتزال نقيضا للنموذج التركي... فعلي قصر عمر الاسلاميين الاتراك في السلطه الذي لم يتعد بضع سنوات، انتج فهمهم المستنير للدين سياسات مكنت من التعامل الندي مع امريكا ( فرض قبولها القرار الوطني بعدم السماح لقواتها بالعبور الي العراق ) وتحسين الوضع الاقتصادي، ومن اكتشاف المصلحة الوطنية في تطوير العلاقة مع الغرب حد الالتحاق بالاتحاد الاوروبي واستمرار التعاون مع الولايات المتحدة علي اكثر من صعيد.
الاشارة الثالثة للصله بين الزي والتنوير بدء من الميول الاصلاحيه مسرحها قلعة المحافظة والتقليديه الملقبة بالمملكة العربية السعوديه. هنا يتحرك الملك عبد الله في حقل من الالغام بحذر بالغ يثير شك البعض في دوافعه ومدي جديته.... علي ان انكار وجود التحرك في حد ذاته غير ممكن... هناك اول انتخابات للمجالس المحلية علي محدودية صلاحياتها وفتح منابر للحوار الوطني مع تأسيس جمعية لحقوق الانسان وارخاء بعض القيود علي المرأة بالسماح بالترشيح في انتخابات الغرف التجاريه والهندسيه وارتياد المكتبات العامه... اما الاهم حقا فهو انتزاع مسئولية الاشراف علي المناهج التعليمية لمدارس البنات من مؤسسة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر اثر وفاة عشر تلميذات في حريق شب بمدرستهن وتعذر اطفاؤه بسرعه لرفض الهيئة تدخل رجال الاطفاء كونهم ذكورا.
التجربة السودانية راهنا تفيدنا بنفس مغزي تغيير الزي كما تومي اليه بالتجارب الثلاث السابقه ولكن في الاتجاه العكسي. علي سبيل المثال، فان الوحيد الذي بقي صامدا في وجه زحف العوده الي الجلابيه بين زعمائنا السياسيين كبيرهم وصغيرهم هو محمد ابراهيم نقد، اذا استثنينا خصوصية نموذج الصادق المهدي... وهذه العوده تمثل الوجه ( الحجاب ) الذكوري لزحف الحجاب النسائي الكاسح حتي وصل درجة النقاب الكامل الشامل .. وكلاهما غير قابلين للفصم عن ظاهرة التراجع التحديثي، اي انكسار قوة الدفع الاستناري. فالحجج التوفيرية وغير التوفيريه حول ايجابيات ارتداء الجلابيه لاعلاقة لها بالفكرة التي يثيرها هذا المقال لاستناده الي حقيقة لاجدال حولها وهي ان انحسار ارتداء الجلابيه في البيئة الحضريه ارتبط تاريخيا بدخول العقل السوداني رحاب العصرالحديث واصبحت بذلك اوضح الاشارات الخارجية الدالة علي اسلوب حياة ( لايف ستايل ) عصري. يدعم هذه الحقيقه ان عودة الجلابية لاحتلال مكانتها السابقة وبقوة عاتية كما تشير مكملاتها مثل اللحيه وغرة الجبين الخ .. الخ.. تلازمت زمنيا مع انسحاب العقل المديني ( من مدينه ) السوداني الي الماضي السحيق تحت ضغط عوامل داخلية اساسا. يمكن وقوع الانفصام بين الزي وطبيعة العقليه لدي بعض الافراد من قبيل الاستثناء الذي يثبت صحة القاعده ولكن الانفصام لن يصبح ظاهرة عامه الا عندما يستعيد المجتمع السوداني عقله، اي استرداد تيارات العقلانية والتنوير مكانتها.... ففي مجتمعات اخري مثل الهند انفصمت العلاقة بين الزي النسائي والرجالي التقليدي وصدارية درجة التحضر والتمدن لان صحة المجتمع النفسية والذهنيه، ومقياسها الاهم هو قابلية التعامل مع العصر الحديث كأفكار ونظرة تجاه الحياه وليس تكنولوجيا مستورده فقط ، بقيت سليمة بل ومتحسنة بأستمرار بينما تدهورت صحة المجتمع الحضري السوداني بأخطر مما يعنيه انتشار الامراض العضويه مثل الفشل الكلوي والسرطلن التي باتت تحصد الناس حصدا...
في طراز مجتمعاتنا هذا يرتفع المفعول التأثيري للرموز والاشارات الملموسه وللقدوه والمثال وبما ان الرجال لازالوا ( قوامين ) علي النساء فأن العودة بالجلابية الي دائرتها الجغرافية والمناسباتية السابقه يغدو واجبا تنويريا من الدرجة الاولي.... فلان وفلان من اعلام التنوير في مجالات الحياة المختلفه ممن لايعرفهم صاحب المقال شخصيا ، ومعهم حيدر ابراهيم ووراق ومحمد علي جادين وغيرهم ممن يعرفهم من المجال الثقافي ، مدعوون لعدم الاستهانة بالتأثير السلبي لاستخدامهم الحالي للجلابيه... قليلون حد الندره الذين يمكنهم الاستجابة لجهودهم الفكرية والسياسية التنويريه في مجتمعنا الذي يعاني من تغلغل الامية الابجدية وغير الابجديه بينما لغة الزي الصحيح لايستعصي فهمها علي احد.
|
|
 
|
|
|
|
|
| العنوان |
الكاتب |
Date |
| لغة الزي وضرورة السفور الرجالي - عبد العزيز حسين الصاوي | عثمان حسن الزبير | 05-21-06, 09:32 AM |
 Re: لغة الزي وضرورة السفور الرجالي - عبد العزيز حسين الصاوي | الجندرية | 05-21-06, 11:04 AM |
| Re: لغة الزي وضرورة السفور الرجالي - عبد العزيز حسين الصاوي | عشة بت فاطنة | 05-21-06, 11:42 AM |
| Re: لغة الزي وضرورة السفور الرجالي - عبد العزيز حسين الصاوي | الجندرية | 05-21-06, 12:13 PM |
| Re: لغة الزي وضرورة السفور الرجالي - عبد العزيز حسين الصاوي | عثمان حسن الزبير | 05-22-06, 04:21 AM |
| Re: لغة الزي وضرورة السفور الرجالي - عبد العزيز حسين الصاوي | عثمان حسن الزبير | 05-22-06, 03:57 AM |
| Re: لغة الزي وضرورة السفور الرجالي - عبد العزيز حسين الصاوي | عثمان حسن الزبير | 05-22-06, 04:05 AM |
 Re: لغة الزي وضرورة السفور الرجالي - عبد العزيز حسين الصاوي | الجندرية | 05-22-06, 02:42 AM |
| Re: لغة الزي وضرورة السفور الرجالي - عبد العزيز حسين الصاوي | عشة بت فاطنة | 05-22-06, 05:19 AM |
| Re: لغة الزي وضرورة السفور الرجالي - عبد العزيز حسين الصاوي | عثمان حسن الزبير | 05-24-06, 11:06 AM |
 Re: لغة الزي وضرورة السفور الرجالي - عبد العزيز حسين الصاوي | معتز تروتسكى | 05-24-06, 11:20 AM |
| Re: لغة الزي وضرورة السفور الرجالي - عبد العزيز حسين الصاوي | عثمان حسن الزبير | 05-27-06, 02:11 AM |
| Re: لغة الزي وضرورة السفور الرجالي - عبد العزيز حسين الصاوي | عثمان حسن الزبير | 05-29-06, 01:41 AM |
| Re: لغة الزي وضرورة السفور الرجالي - عبد العزيز حسين الصاوي | الجندرية | 06-05-06, 03:09 PM |
| Re: لغة الزي وضرورة السفور الرجالي - عبد العزيز حسين الصاوي | عثمان حسن الزبير | 06-28-06, 10:53 AM |
|
| |
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست