|
Re: سرد قصصي القاص محمدخلف الله سليمان (Re: Sabri Elshareef)
|
نزوات صاحب السبيل
محمد خلف الله سليمان
أهمس لأصدقائي زاعماً أني أعكف – الآن – على كتابة حكاية حول رجل عادي جداً ظل لوقت طويل مهووساً بالأمر والنهي ، ولكي ما أفسد سبر الكتابة شرعت أروي لهم مباشرة خبر هذا الرجل الذي حاول إشباع نزواته الصغيرة عبر إصداره لتوجيهات محددة صار يحكم بها صغاره في البيت ، وتطورت هذه النزوات ، واجتازت عتبة داره لتطال أطفال الجيران ، وأولاد الحارة ، ثم أخذ يمارسها في الحافِلات ، ويحدد للركاب أماكن جلوسهم .... النساء .... الرجال .... الأطفال .... وتصاعد هذا السلوك لتسيطر أوامره على رؤسائه ومرؤوسيه داخل المكتب الحكومي ... ولأن الناس - هنا – غالباً ما يقابلون مثل هذه الشهوات بدهشة صامته ، مما اتاح له إحكام قبضته على الحبل والغارب معاً .
ولأن الناس هنا .... غالباً ما ..... فإن الرجل الجالس بجانبي والذي يتحدث عن القبعات ، لم ينتبه لوجودي كما أن وجودي نفسه لم يكن لينتبه إلى الرجل الذي يجلس بجانبي . فجأة التمعت النياشين (والقادمون من الممالك القديمة يحثون الخطى ، ويحملون على الظهور أمتعتهم ، ويقتفون آثار أسلافهم ، وقيل إن الملوك يهجعون بالنهار وبالليل هم ساهرون) . ربما جلسنا يومـاً قرب رجل يمكن أن يرفع علماً لدولته قرب (سبيل) يقيمـه للعابريـن .... وبالفعل هذا ما حدث ، فقد وضع أمام منزله حجر الأساس لسبيل يحمل أسمه .... وجعل زيراً للنساء .... وآخـر للرجـال .... واقتصر الثالث على رعاياه من المثليين ... وعادة ما يشير لكل فئة إلى زيرها ... ولكي ما تتسع إمبراطوريته غرس ثلاث شُجيرات لم يطرحن شيئاً .... هناك – بالطبع – أحداث طريفة من الواجب أن تحدث في هذا السياق ، ولكني لا أرى داعياً لسردها وإقحامها ، لأن الخيال الخصب للمتلقي قادر على ابتداع حكايات تفتح بوابات للضحك وأنهاراً من المتعة الصافية ... أيضاً يمكن القول بأنه مغرم بالطريقة التي يلفُّ بها الحجاج بن يوسف الثقفي عمامته ، ولا يخفي إعجابه بالقائد الروماني ديديوس الذي استدرج قبائل بأسرها ، بدعوى توزيع أراضي زراعية لهم ، وذبحهم عن آخرهم . لقد دارت رحى الحروب في خلد الرجل صاحب السبيل ، منذ حرب البسوس والعلمين وأم دبيكرات وخاضت مخيلته حروباُ لم تنشب قط . صار الجميع رهن إشارته ، وتحت طاعته وغدوا يلجأون له كلما نشب خـلاف بين أبن وأبيه أو زوجة وبعلها أو جارٍ وجاره أو دائنٍ ودائنه وأضحى يصدر (فرماناته) ، ويقضي بين الناس ، ولولعه بالعظمة أطلق على سبيله اسم (سبيل الساقي العظيم) . لقـد تبـدل الحـال وفي غمرة سطوته وانشغاله بسبيله نسى اسم أخيه الذي قُتل عن طريق الخطأ في إحدى الأحداث الدامية التي جرت بالعاصمة لقلب نظام الحكم فـي البلاد ، ولم يجرؤ على سؤال أحـد ، وبينما يحاول إيقاظ ذاكرته ، ويعيد تكرار الأسماء التي يعرفها في سره ، يسأل الأطفال الصغار عن أسمائهم ، لعل اسم أخيه يسقط فجأة .... وبدأ يستحي من نفسه وهكذا لاحقه وخز الضمير ، وهو يحاسب نفسه بعدم الوفاء لذكرى شقيقه الذي مات ظلماً .... وطارت أوامره ونواهيه من رأسه واجتاحت الروح مشاعر القنوط فانكسـر زيـر النسـاء وتدثر زير الرجال بالصمت وبقيّ زير المثليين ساهماً ...و"متمحناً" والرجل الذي كان يتحدث عن القبعات انزوى بعيداً . وما يزعج صاحب السبيل أنه لن يستطيع أن يطرح السؤال على أحد ... ماذا عساه أن يقول ؟ .... نسيت أسم أخي ..... إلى هنا يمكن أن نترك صاحب السبيل يواجه أكثر الأسئلة صعوبة .... لمعرفة أسماء من فقد . وبقيّ على هذا الحال إلى أن تفشت في المدينة ظاهرة السلام وأوردت الصحف العناوين التالية : (على أثر بلاغات تلقتها شرطة الولاية في عدد من أقسامها من مواطنين ادعوا أن هنالك أشخاصاً يتسببون في فقدانهم لأجهزتهم التناسلية بعد مصافحتهم مباشرة) (كشفت رئيسة قسم الطب النفسي بجامعة الرباط الوطني أن مجموعة الشباب الذين تقدموا بشكوى ضد بعض الأشخاص متهمه إياهم بتسببهم في فقدانهم لأجزاء حساسة من أجسامهم لديهم القابلية الإيحائية وغير المتوازنة) وشاع الأمر في المدينة ، وما لم تورده الصحف هو أن هؤلاء الناس بدأوا يفقدون أعضائهم ، بالفعل العضو تلو الآخر وتضيع ملامحهم ويتلاشون تماماً وتهيم أرواحهم في البرية . وقيل إن الرجل صاحب السبيل صار ينسى الأشياء ، أسماء المدن التي زارها ، أسماء الشوارع ، أسماء المعارف والأصدقاء ، أسماء الكائنات ، حتى نسى أسمه ، لقد نسى كل شيء وأصبح بلا ذاكرة ... كما أن ذوي المفقودين قد ظلوا يتتبعون آثار المختفين فتضّيعهم الطرقات ويغيبون .... ولا يعودون إطلاقاً . أفرغت المدينة قاطنيها ، وصارت ساكنة ، صامته ، وهنا أنا أكتب بذاكرة جديدة ولكني بدأت أتلاشى ...أتلاشى ....أتلاشى .... أتلا ..... v v v
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
سرد قصصي القاص محمدخلف الله سليمان | Sabri Elshareef | 05-07-05, 04:22 PM |
Re: سرد قصصي القاص محمدخلف الله سليمان | Sabri Elshareef | 05-07-05, 04:24 PM |
Re: سرد قصصي القاص محمدخلف الله سليمان | Sabri Elshareef | 05-07-05, 04:26 PM |
Re: سرد قصصي القاص محمدخلف الله سليمان | Sabri Elshareef | 05-07-05, 04:28 PM |
Re: سرد قصصي القاص محمدخلف الله سليمان | Sabri Elshareef | 05-07-05, 04:30 PM |
Re: سرد قصصي القاص محمدخلف الله سليمان | Sabri Elshareef | 05-07-05, 04:52 PM |
Re: سرد قصصي القاص محمدخلف الله سليمان | Sabri Elshareef | 05-07-05, 05:10 PM |
Re: سرد قصصي القاص محمدخلف الله سليمان | Sabri Elshareef | 05-07-05, 05:18 PM |
Re: سرد قصصي القاص محمدخلف الله سليمان | Sabri Elshareef | 05-07-05, 05:36 PM |
Re: سرد قصصي القاص محمدخلف الله سليمان | Sabri Elshareef | 05-07-05, 05:36 PM |
Re: سرد قصصي القاص محمدخلف الله سليمان | Sabri Elshareef | 05-07-05, 05:36 PM |
Re: سرد قصصي القاص محمدخلف الله سليمان | Sabri Elshareef | 05-07-05, 05:46 PM |
Re: سرد قصصي القاص محمدخلف الله سليمان | Sabri Elshareef | 05-07-05, 05:50 PM |
Re: سرد قصصي القاص محمدخلف الله سليمان | Sabri Elshareef | 05-08-05, 08:48 AM |
Re: سرد قصصي القاص محمدخلف الله سليمان | Sabri Elshareef | 05-11-05, 01:51 PM |
|
|
|