نص الورقة التي قدمها د.غازي صلاح الدين العتباني في ندوة هيئة الاعمال الفكرية و أنتقد بها النظام

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-20-2024, 11:09 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-19-2005, 07:12 PM

Kamel mohamad
<aKamel mohamad
تاريخ التسجيل: 01-27-2005
مجموع المشاركات: 3181

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص الورقة التي قدمها د.غازي صلاح الدين العتباني في ندوة هيئة الاعمال الفكرية و أنتقد بها ال (Re: Kamel mohamad)

    بسم الله الرحمن الرحيم


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    في البداية أعتذر عن عدم تمكني من نشرها كاملة لصعوبات فنية و لكن

    هذا هو النص الكامل لورقة الدكتور غازي صلاح الدين العتباني في ندوة هيئة الأعمال الفكرية«عقل الاسلاميين المفكر حاليا بقاعة الشهيد الزبير للمؤتمرات، وحظيت بنقاش ساخن بين اجيال الاسلاميين

    المختلفة داخل القاعة وجدل اسخن وسط صفوف التيار الاسلامي الحاكم والمعارض



    و مصدر

    هذا الخبر هو صحيفة الحركة الإسلامية (المؤتمر الشعبي ):



    ، والورقة عبارة عن تلخيص لاراء مجموعة

    كبيرة من الاسلاميين المطالبين بالاصلاح والديمقراطية الداخلية في حركتهم وحزبهم ودولتهم، قام د. غازي صلاح الدين بصياغة

    هذه الافكار على حد تعبيره في النقاش.

    يمر السودان بمنعطف هام سيحدد مصيره ويملي مستقبل أبنائه مجتمعين وأفراداً. فاتفاقيات السلام تعيد تشكيل البلاد بصورة جذرية,

    والعلاقات والتحالفات التي تنشأ في ظل هذا الواقع الجديد ليست بواضحة المعالم ولا مؤكدة الخواتيم. ويجري هذا في وقت طغت فيه

    رؤية مستفردة للنظام الدولي تنحو باستمرار إلى فرض صيغها ووصفاتها العلاجية بأسلوب يلغي مفاهيم السيادة الوطنية التي سادت

    النظام الدولي القديم. وليس السودان بمفازة من هذه الإرادة الجديدة، ومساحات العمل والمبادرة تتقلص أمام الدولة بسبب تلك

    التحولات الجذرية. ثم إن تجربة العمل السياسي الداخلي تجابهها معضلات حقيقية سواء على صعيد الساحة الوطنية العامة أو الساحة

    الإسلامية الخاصة. في هذا السياق ترمي هذه الورقة إلى المساهمة بابتدار النقاش في مواضيع شتى تتعلق بالعمل الوطني وقضاياه

    وواجباته الملحة مع تركيز خاص على العمل الإسلامي استناداً إلى خصوصية التكليف والمسئولية التي تناط به في هذه المرحلة.
    العمل الإسلامي: الكسب والمنهج
    توفرت للعمل الإسلامي مكتسبات كبرى منذ أن انطلقت دعوته في الثلث الأول من القرن الماضي. وقد جاءت تلك الانطلاقة في

    سياق المدافعة للحملة الاستعمارية وما صاحبها من خطط الهيمنة الثقافية. واختصت المجموعات التي نشطت في هذا المجال

    واستحقت وصف الحركة الإسلامية المعاصرة أو الحديثة برؤية شاملة للإسلام تتجاوز الرؤية التقليدية التي تجعله محصوراً في

    بعض جوانب الحياة. وبذلك تميزت بوصفها ومفاهيمها وتقاليدها عن النماذج التي كرستها التجربة التقليدية جراء تراجع المسلمين

    عن موقع الريادة والأستاذية الحضارية.
    وبرغم أن خصوم الحركة الإسلامية المعاصرة ظلوا يلحون في تلخيص منهجها بتعبير الإسلام السياسي، إلا أن مكتسبات الحركة

    تجاوزت بعيداً محض السياسة. صحيح أن الرؤية السياسية والمدافعة بمقتضاها ظلت مكوناً جوهريا في فكر الحركة، لكن كسبها

    طرز رقعة كبيرة ومتوسعة من نسيج الحياة المعاصرة، تمتد من مسائل العقيدة والمفاهيم إلى مسائل السلوك والعبادات. وقد أثمر

    جهدها تثبيت مبدأ شمول الإسلام وإحاطته بجوانب الحياة اتباعاً لدعوة الدين في أن يكون مستغرقاً لأفعال الإنسان في كل ما يأتي أو

    يدع من شئون المعاش. هذه الرجعى إلى صحيح العقيدة والمفاهيم أحدثت بدورها تحولات كثيرة في المسلك العام للمجتمع نحو

    التدين، خاصة من حيث التزام الشعائر وأداء المناسك. وشيئاً فشيئاً تعمقت هذه التحولات الاجتماعية حتى غدت طابعاً ثقافياً ملازماً

    للمجتمعات الإسلامية المعاصرة. وظلت الحركة الإسلامية تغذي تلك التحولات من خلال نشاط فكري متعمق ومثابر. كما أنها مضت

    في نهجها سباقة ومبادرة نحو تجديد المفاهيم والفقه لمقابلة الحوادث والأقضية. وقدمت في هذا الصدد بدائل مقنعة لأساليب الحياة

    المعاصرة في السياسة والاقتصاد وحركة المجتمع نافحت بها الأساليب والمناهج الغربية الحديثة والماركسية.
    واستطاعت الحركة أيضاً أن تشكل حضوراً في الساحة العالمية بالدعوة إلى النصرة وتعميق التضامن بين المسلمين، خاصة في

    قضية فلسطين والقضايا الإسلامية الأخرى المجمع عليها. كما أنها ظلت واعية ومتصلة ومناصرة لقضايا التحرر في إفريقيا وآسيا،

    وناشطة منذ نشأتها في الدعوة إلى التحرر من كافة أشكال الاستعمار وإلى تصحيح النظام الدولي لتقوم العلاقات بداخله على أسس

    الحق والعدل.
    هذا الفهم التجديدي، الذي أحدث تحولاً متنامياً في مفاهيم المجتمع وسلوكه ومصطلحه، جعل السمة الإسلامية طابعاً تصطبغ به معظم

    الفلسفات السياسية والاجتماعية المعاصرة في العالم الإسلامي. حتى أعداء المنهج الإسلامي المعاصر أسسوا رؤيتهم على أسانيد

    تراثية ودينية. هم لم يفلحوا في مصادمة الفكرة الإسلامية مباشرة بنسخها وإلغائها، فسعوا إلى استخدامها هي نفسها حجة لرؤيتهم،

    فصار هذا مكسباً في حد ذاته.
    معظم هذه المكاسب كانت قد تكرست قبل قيام الانقاذ. لكن فترة الإنقاذ أيضا اتسمت بمكتسبات كبيرة لا يمكن تجاوزها. حدث ذلك

    برغم أزمتها التنظيمية الداخلية الصامتة لتي جعلتها تمضي نحو غاياتها بأقل من طاقاتها القصوى. ومهما أسرف المنتقدون في

    الحديث عمّا رافق تجربة الإسلاميين من إخفاقات، بل حتّى من خيبات، لا يمكن لأحد أن ينكر ما في حقيبة التجربة من حصاد وفير

    من المكاسب والإنجازات. فبعث فكرة إسلام الحياة العامّة، دولة ومجتمعا، جنبا إلى جنب إسلام الفرد، وتحويل هذه الفكرة إلى

    مشروع توفّرت له أسباب التحقّق، هو في حدّ ذاته إنجاز مهم.
    والتجريب في حدّ ذاته كسب آخر ليس أقل أهميّة من سابقه، يُضاف إلى رصيد تجربة الإسلاميين الإنقاذية. فالأفكار لا تصنع

    نموذجا في الهواء، بل على الأرض. وصناعة النموذج على الأرض عملية اجتهادية لا تتأتّى إلا بالخروج إليها والعمل عليها واقعا.

    ونماذج العُمران البشري والحضارة تُصنع في الزمان والمكان، كدحا ومكابدة وعملاً بصيراً. وقد أفاض التطبيق على تجربة

    الإسلاميين، وعلى البلاد كافة، بناء قدرات بشرية يُعتدّ بها، يصلح غالبها لأن يهب البلاد والأمّة قيادات من شأنها أن ترفد أيّ

    مشروع وطني للنهضة والتقدّم بزاده من ذوي الكفاءة والأهلية وسعة الأفق والنُضج.
    وقد تدافعت التجربة مع واقعها ومحيطها فصنعت مثالاً في المثابرة والصمود والتصميم على النجاح. وبحكم ملابسات الحالة الدولية

    التي جاءت إلى الوجود بين أكنافها، كانت الأجواء مسمومة، شديدة العداء، فتفتّق حيال ذلك المشروع الجهادي الذي تصدّت له بفلذات

    أكبادها من بين أكثر أبناء السودان نُضجا، وأميزهم عطاء، وأفضلهم استعدادا للفداء والتضحية. فما انثنى عود الإنقاذ أمام حرب

    الأهل والقوى الدولية، وقاتلت حتّى أوصل ميزان القُوّة المتقاتلين حدّ التراضي على الدخول في السلم. وقد قدمت الإنقاذ ههنا تجربة

    حية في تعبئة المجتمع وتعبيره عن استقلاله، فكراً وخطاباً وسياسة عملية؛ واستفرغت طاقتها وطاقة أبنائها في المدافعة عن أرض

    السودان ومصالحه من خلال مسيرة جهادية متميزة تجاوب معها السودانيون جميعاً وأبرزوا استعدادات مذهلة للتضحية بالنفس

    والمال والولد.
    وبغير الفداء، عملت التجربة القائمة في البناء، ضد ضغوط الحرب، فقادت نهضة في البناء والنماء أثبتت بها صحة رؤاها

    الاقتصادية، وفتّقت موارد البلاد الماديّة الكامنة ممّا استعصى على مختلف حقب الحُكم الوطني السابقة فعله. ما تركت حجراُ حسبت

    أنّ أسفله نعمة من ثروة إلا قلبته، ثم توجت ذلك بإنتاج البترول في ظل ظروف داخلية وعالمية معوقة.
    ولقد تضافرت تلك التحولات لتحدث تغييراً جوهرياً في رؤية الدول والقوى المؤثرة إلى السودان ومستقبله. وتجاوبت التجربة مع

    ذلك بصمود بناء لتثمر أوّل عملية تحوّل سلمي من الطابع الشُمولي إلى الطابع التعدّدي دون أن تنقطع التجربة بثورة أو انقلاب أو

    انتفاضة، على نحو ما ظلّ يحدث في كل التجارب السابقة.
    لا يعدو أن يكون هذا الملخص لمحة عجلى تصف طرفاً محدوداً من مكاسب الحركة بشمول مسعاها ورحابة نظرتها. وهي في

    منهجها لتحصيل تلك الثمرات سلكت مسلكاً حديثاً، فاعلاً ومتميزاً. مسلكاً متجذراً في تقاليد الشورى وحفز المبادرة الفردية والجماعية

    في إطار صلب من تقاليد العمل الجماعي المؤسسي. لهذا يجب دائما تأكيد أن ما أنجز لا يحق أن ينسب إلى أفراد بعينهم أو فئة

    بذاتها، إذ هو مكتسبات جماعية مشتركة تعاضدت عليها مواكب لا متناهية من الأفذاذ والفئات الذين يمتد صفهم عبر أجيال

    وانتماءات مهنية وعرقية مختلفة.
    العمل الإسلامي وأزمات الواقع
    يعد الحدث الأهم في تطور الحركة الإسلامية هو قيام ثورة الإنقاذ. فهو قد مثّل المنتهى المنطقي لرؤيتها حول مركزية السلطان

    السياسي في مشروع النهضة. فالحركة في طرحها وبلاغها عن أهدافها لم تكن تراوغ في التسليم بأن السلطة السياسية تمثل غاية

    مطلوبة لها، بل غاية مشروعة للحركة بجملتها، من حيث هي جماعة وليس من حيث هي أفراد يسعون إلى أهداف دنيوية أو ذاتية

    محدودة؛ فالسلطة السياسية ظلت وستبقى أداة فاعلة في إحداث التحولات الضرورية لنهضة المجتمع لا يمكن لحركة سياسية تروم

    التغيير أن تتجاهلها.
    لكن، من ناحية أخرى، صاحبت قيام الثورة مشكلات تنظيمية أساسية أحدثت أزمات لاحقة. وقد غطت المكتسبات الكبيرة التي

    صاحبت الثورة على تلك الأزمات زمناً طويلاً، لكن لم يحل دون بروزها سوى الوقت.
    ففي مطلع الإنقاذ حلت الحركة بصورتها القديمة والمبرر الذي سيق لذلك كان هو المعطيات الجديدة الواردة مع قيام الثورة بكل

    حقائقها الشاخصة السافرة. فما كان للمهمات الجديدة التي جلبتها الدولة بكل تعقيداتها أن تتصدى لها الآليات والمؤسسات الحركية

    القديمة. بتلك النقلة انقطع التواتر التاريخي للحركة ومؤسساتها وحلت محلها تماماً الدولة بجميع همومها وحاجاتها العاجلة والملحة.
    ومن الإنصاف القول بأن عديدين من أبناء الحركة وقياداتها قد انتقدوا الانتقال بتلك الصورة التي ألغت المؤسسات بينما استبقت

    الأفذاذ بكل ثقلهم المعنوي وسلطانهم الأدبي، سواءً منهم من استند إلى سابقة عظيمة في العمل أو ممن دفعت به إلى المقدمة أحداث

    الثورة. ونبه هؤلاء، قياساً إلى تجارب إنسانية عديدة، إلى احتمالات الخلل التي يمكن أن تنشأ. وقد استعر الجدال حول تلك النقلة

    واستبهمت حقيقة المسئولية عنها، خاصة بعد أن تنازع الشركاء التاريخيون للحركة وتحاربوا فيما بينهم.
    كان الحدث التالي زماناً لقيام الإنقاذ، لكنه الأبعد أثراً في تطور الحركة، هو انشقاقها واحترابها حول السلطة. وهناك من يرى أن ذلك

    التطور قد جاء مصدقاً لتحذيرات أولئك الذين نبهوا قديماً إلى خطورة فض رابطة الجماعة في مبدء الثورة. لقد تضافرت فتنة

    الانشقاق، والارتباك في الرؤية إلى دور الحركة ووظائفها بين من يرى بقاءها ولو لأداء وظائف مرجعية محدودة ومن يرى ذوبانها

    في المؤسسات التي أنشأتها المرحلة الجديدة، وقد توافقت تلك العوامل لتحدث أكبر عملية تعرية وإضعاف في بنائها. لقد أفقدتها

    الصدمات المتتابعة تماسكها ووحدة صفها وفاعلية قيادتها ومقدرتها على المبادرة. ومن ثم فقدت التكافل التاريخي المتين بين أفرادها،

    الذي قام على الإخاء في الدين. وفي أحيان كثيرة انقلب التكافل مقاطعة وتحارباً بين أخلاء الأمس.
    وعندما أدرك كثيرون انكشاف ظهورهم وزوال الحصن المتين من جدار الإخاء، ورابطة الجماعة، وحصانة الفكرة الرفيعة، مما كان

    يمنحهم أقوى مبررات الوجود وأجدى وسائل التضامن والحماية، هربوا إلى قبائلهم وتفرقوا إلى جهاتهم نجاة وطلباً للنصرة والعدالة.

    وبلغ ذلك أحياناً الخروج الصريح بالقوة المسلحة وإلى موالاة المحاربين الناصبين من أعداء البلاد. وألجأتهم بذلك الفتنة إلى كل

    نكارة منهي عنها طمعاً في انتصار زائف أو مكسب قصير الأجل.
    وعندما ضعفت الثقة بالنفس وبالجماعة، وانبهم النظر إلى طرائق الخلاص، ذوت المبادرة إلى العمل، وتراجع روح المدافعة

    والمناجزة، وتخلخلت الإرادة الجماعية والذهنية الموحدة، فتفرقت بالناس السبل بين باحث عن نجاة في مذهب جديد يأوي إلى فيئه،

    أو آبق إلى جماعة أخرى تحتضنه وتهبه نصرتها.
    لكن أشد الأدواء مضاضة وأبلغها أثراً كان إحساساً مداخلاً بتآكل المشروعية، وفقدان المصداقية الذاتية، ذلك الإحساس الذي يضعف

    الإيمان بالنفس وبأحقية المطلب الذي اجتمع عليه من اجتمعوا وتواثقوا على نصرته. ومعلوم أنه عندما يضيع إيمان صاحب الحق

    بحقه فمن المحال أن ينيب عنه من يقتضيه له مجاناً.
    وكان من نتائج أزمات العمل الإسلامي ضموره في التيارات الحية والمتجددة التي كانت له فيها الصدارة على من عداه. وهذه حقيقة

    تشهد بصحتها انتخابات الاتحادات الجامعية ونسب العضوية في القطاعات الطلابية والشبابية عامة.
    أما الخطاب الإسلامي، والطروح، والإنتاج الفكري، مما كان للحركة فيه السبق والمبادرة على الآخرين، فقد تخلف بصورة مزعجة.

    لقد تراجع الإنتاج الفكري كماً وكيفاً، فلا تكاد تجد كتاباً أو بحثاً طيلة السنوات الماضية ترك أثراً يذكر في الواعية الثقافية للمجتمع.
    كان طبيعياً أن تعدي أدواء الجماعة تلك المؤسسات الأخرى. فضعُفَ التيار الشعبي الذي رآه الناس من قبل لججاً تمضي إلى أهدافها

    بثقة وتعطي سندها بغير ضن. لقد تآكل الرصيد ونكص النصير، لا بل تحولت أفواج منه إلى موقع العداء. ولم تعد الحركة السياسية

    قادرة على مواكبة التطورات المتلاحقة، فضلاً عن أن تطلق مبادرات تعيد تماسك المجتمع وتنمي الولاء فيه. وبضعف السند الشعبي

    ضعفت الاستجابات لنداءات النصرة وتعرى ظهر البلاد أمام العدوان العسكري الصريح من داخلها وخارجها.
    وتأثرت كذلك استجابات الدولة للمصاعب والأزمات التي تجابهها. يتبدّى ذلك في تصديها لوظائفها وواجباتها، ويتعدّى أثره إلى أشد

    المؤسسات حساسية مثل القوات المسلحة التي تجد نفسها في محيط متلاطم من المهام الأمنية والمصاعب التي يولدها تكاثر حركات

    المعارضة المسلحة وتنامي وجود القوات الأجنبية في البلاد. ومن جراء تلك الفتن والمواجهات تهاوت أطراف من البلاد، وتمرد من

    كان بالأمس القريب أقوى الموالين في نواح مختلفة من البلاد، وخيمت ظلال البلوى حتى على العاصمة.
    في هذه الأجواء تنامى سوء الظن وتعمقت الجفوة بين كثيرين من أعضاء الحركة الذين وجدوا أنفسهم متفرجين من ناحية، وبين

    الحكومة التي ما تنفك تدافع وحيدة مشكلاتها وأزماتها من ناحية أخرى. وتعاظم الشعور لدى هؤلاء أن العلاقة مع الحكومة مؤسسة

    على شروط اختيارية يمليها طرف واحد هو الحكومة وليس على شروط تعاقد مستمدة من مشروعية مشتركة داخل جماعة موحدة.

    رأى هؤلاء أن الحكومة عندما تحتاجهم تستدعيهم وتستنفرهم، لكنها عندما تأمن تهملهم. فزهد أكثرهم في علاقة كتلك ونأوا بأنفسهم

    يبحثون عن غيرها.
    لقد تضررت صورة العمل الإسلامي كثيراً بسبب المشكلات الموصوفة ووهنت وحدته وأصبح تأثيره محدوداً فيما يجري. ويتنامى

    لدى أبناء الصف الإسلامي عامة الإحساس بتراجع العمل الإسلامي، ومحاصرته مضموناً ومظهراً وخطاباً، وظهور الجرأة على

    الدولة، وعلى قيم المجتمع، بل وعلى الإسلام في أصله، وتمادي الوصاية من الأجنبي، واستقواء المؤسسات والمنظمات المشبوهة.

    كما يزداد إحساسهم بأن الدولة تقصر عن واجبات التضامن في قضايا المسلمين الجامعة، فاهترأت جراء ذلك تحالفاتها الخارجية

    التاريخية، وتقوقعت في ذاتها، وبعدت من أن تحسب كماً ذا مغزى في أي تشكيل إقليمي أو عالمي فاعل. بدلاً من ذلك أصبح السودان

    هو الحالة النموذجية للأزمة يسعى كل من يؤبه له ومن لا يؤبه له من الدول والمنظمات للتدخل في شئونه بدعوى الوساطة والمبادرة

    لحل أزماته.
    في ذلك السياق أيضاً تجنب أعضاء الحركة ممارسة حقوقهم في النقد الذاتي والسعي في الإصلاح، وتلجلجت في صدورهم الرغبة

    في المبادرة والسعي لتدارك الأمور، خوفاً من انشقاق متوهم، وجزعاً من التصنيف إلى هؤلاء أو إلى هؤلاء. فضمر الوجدان

    الجماعي، والإرادة المشتركة، وتوهن النسيج الموحد الذي كان فيما مضى من أقوى آليات الإصلاح الداخلي للجماعة عندما تتغشاها

    المصاعب.
    هذه المشكلات كان حرياً أن تستدرك لو أنها جاءت في ظروف عادية. لكنها تأتي في ظروف استثنائية للغاية. فالسودان يعاد تشكيله

    الآن بصورة جذرية. ولا مهرب من القلق من نتائج هذا التشكل على علاقات المجتمع الداخلية وعلاقات السودان الخارجية في ظل

    منحى متنام لوضع البلاد تحت الوصاية الدولية. فاتفاقيات السلام تفتح مجالا للرقابة الدولية من خلال وحدات نظامية تتجاوز عشرة

    الآلاف ومئات من الشرطة المدنية والموظفين الدوليين ومراقبي حقوق الإنسان. ويقيم بالخرطوم ممثل للأمين العام يخدمه جيش من

    الموظفين ويرفع تقاريره لمجلس الأمن مباشرة. ومجلس الأمن قد أصدر فعلا من القرارات ما يقيد به الإرادة الوطنية وهو الآن

    بصدد النظر في مشروع قرار يشكل به لجنة دولية من أعضائه لمتابعة تنفيذ اتفاقية السلام والأوضاع في دارفور، مع احتمال توقيع

    عقوبات جديدة على الحكومة والمطالبة بمثول مواطنين سودانيين وربما بعض المسئولين أمام المساءلة الدولية. وهذه هي

    الاعتبارات التي تبرر الدعوة إلى النقاش الحر البناء لمشكلات الساعة وتحدياتها وصولاً إلى صيغة قومية لمواجهتها.
    أحوال الساحة السياسية الوطنية
    بمقابل ما يجري في الساحة الإسلامية الخاصة فإن الساحة الوطنية العامة تتعرض لاختبارات عسيرة. فهي لم تكن متنازعة ومنقسمة

    كما هي اليوم، وهي بذلك تفسح الطريق باستمرار لتنامي الخلافات داخلها، خاصة ما ينشأ على خطوط الصدع الجهوية والعرقية،

    وتغري في ذات الوقت المشروع الأجنبي بإطلاق يده في البلاد.
    إن المجتمعات الناجحة تقوم على مبدأ هام هو مبدأ التعايش والتساند، كالبنيان يشد بعضه بعضاً. فإذا أصاب الخلل جانباً من البنيان

    تصدّعت لذلك جوانبه الأخرى. لهذا فإنه لمن قصر النظر أن تسعى المجموعات التي تشكل الساحة السياسية الوطنية إلى إضعاف

    بعضها بعضا، إما باحتكار السلطة والمراوغة بقضية الديمقراطية والحريات والاعتراف بالآخر لمن كان في الحكم، أو بالغلو في

    معاداة من بالحكم والاستنصار عليه بعدو خارجي مشترك بغية لنصر عاجل وهزيمة حتمية آجلة. إن الصراع الموهن لبنية المجتمع

    ليس رديفاً للتنافس النزيه المشروع، وما لم تتواضع الحركة السياسية الوطنية على تلك القيم فإن مصير البلاد إلى الإنقسام

    والانكشاف أمام كل طامع.
    إن الحركة السياسية الوطنية قدمت الكثير في تاريخ السودان، وكان أكبر انجازاتها استقلال البلاد دون إراقة الدماء، ومن ثم مد

    الجسور مع المحيط الإفريقي والعربي والإسلامي وتشكيل علاقات السودان المصيرية. واستطاعت الحركة الوطنية أن تفعل ذلك

    بامتدادها في كلا القطاعين التقليدي والحديث، وبنجاحها في الارتفاع بالولاء من الانتماءات الأولية إلى القبيلة والجهة إلى الانتماء

    الأرفع إلى الفكرة والجماعة. وقد قادت الحراك الفكري من خلال الحركتين الاستقلالية والاتحادية.
    لكنها اليوم كغيرها مرهونة للصدوع والتصنيفات الجهوية التي تعمل بداخلها بأقوى مما تعمل الأفكار وبأفعل مما يعمل الولاء

    الجماعي. وقد عمق المشكلة أن الممارسة الديمقراطية داخلها، إذا تجاوزنا التعهدات اللفظية، قد تعرضت لضربات موجعة. وبغياب

    الممارسة الديمقراطية الداخلية خمد الحراك الفكري والمقدرة على انتاج المبادرات، وضعفت التقاليد المؤسسية، وتناقصت موارد

    التمويل الذاتي الذي كان يضمن استقلال قرارها، وانطفأت جذوتها لدى الشباب والتيارات الأخرى الحية فأضربوا عنها وهجروها.
    في ظل هذه الأوضاع تتعرض الوحدة الوطنية، التي هي العاصم الأقوى من المطامع الأجنبية، لامتحان عسير. وربما لم تمر البلاد

    بأوضاع أجدر بالتوقف والاعتبار، ثم بإجهاد الفكر طلباً للرأي والحكمة المنقذة، مما نحن بصدده تناصراً نحو عمل وطني شامل

    يتعاضد فيه السودانيون جميعاً.
    إن إدراكاً واضحاً يسود بأن المرحلة الراهنة لن تعمل من أجل إعادة تشكيل السودان في بعده السياسي فحسب، وإنما في بعده

    الاجتماعي وعلاقاته السكانية وكل محددات وجوده وفعله. نحن أمام مرحلة سترسم مستقبل السودان وستعيد صياغة الامتدادات

    والتحالفات التاريخية لمجتمعه في محيطه الحيوي المباشر وعلى الصعيد العالمي. مشروع كهذا يمكن أن يمضي وفق شروط أصحابه

    والمتحكمين فيه إلى غير الغايات الوطنية التي نتطلع إليها.
    وفي هذا السياق فإن التجربة الإسلامية في السودان على وجه الخ%
                  

العنوان الكاتب Date
نص الورقة التي قدمها د.غازي صلاح الدين العتباني في ندوة هيئة الاعمال الفكرية و أنتقد بها النظام Kamel mohamad03-19-05, 02:40 PM
  Re: نص الورقة التي قدمها د.غازي صلاح الدين العتباني في ندوة هيئة الاعمال الفكرية و أنتقد بها ال Kamel mohamad03-19-05, 07:12 PM
    Re: نص الورقة التي قدمها د.غازي صلاح الدين العتباني في ندوة هيئة الاعمال الفكرية و أنتقد بها ال Kamel mohamad03-19-05, 07:21 PM
  Re: نص الورقة التي قدمها د.غازي صلاح الدين العتباني في ندوة هيئة الاعمال الفكرية و أنتقد بها ال Kamel mohamad03-19-05, 07:15 PM
  Re: نص الورقة التي قدمها د.غازي صلاح الدين العتباني في ندوة هيئة الاعمال الفكرية و أنتقد بها ال Kamel mohamad03-19-05, 07:15 PM
  Re: نص الورقة التي قدمها د.غازي صلاح الدين العتباني في ندوة هيئة الاعمال الفكرية و أنتقد بها ال Kamel mohamad03-19-05, 07:16 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de