|
Re: وحشة الكائن «مقاربة اولى لمفهوم الاغتراب» --- د. هاشم ميرغني (Re: عبد الحميد البرنس)
|
كان قد تناهى إلي بداية عهدي بالدراسة الجامعية في الزقازيق أن في المنصورة يوجد طالب يدعى هاشم ميرغني الحاج.
كانت الرواية الشائعة آنذاك أن هاشم غادر كلية العلوم بعد ثلاث سنوات إلى قسم اللغة العربية. بدا لي هذا السلوك دافعا قويا لرؤيته.
وقد كان.
أول ما أدهش أن الكتب كانت تتراكم داخل شقته كأحزان أرملة!.
قلت له آنذاك:
يا هاشم.. في صدري شيء ثقيل.. أريد أن أخرجه في شكل كتابة.. شيء أشبه ما يكون ببحيرة دمع راكدة.
هاشم ابتسم.. ثم أطلق نظرة ساهمة إلى السقف ذي القشور الجيرية الزرقاء الرقيقة.. قبل أن يدعوني إلى قضاء إجازة ذلك العام معه في المنصورة.
لمدى شهور متصلة.. كنا نعزف على وتر قراءات محمومة في عزلة كاملة عن العالم الخارجي.
كانت تطبخ لنا صاحبة الشقة طعامنا وتقوم في آن على أعمال النظافة.
كان هاشم يدير حوارات مع بعض الأصدقاء داخل غرفته مثل رولان بارت.. يحكي لي طرفا منها خلال وجبة الغذاء.. بينما كنت أخرج من غرفتي وقد علقت بملابسي رائحة بيوت الفقراء تخرج أحيانا من بين ثنايا حروف جوركي .
بيد أن ثمة شيء ما بدا يفصل بيننا.. لعلها الرؤية إلى العالم!.
هاشم ميرغني مبدع وناقد جاد.
|
|
|
|
|
|