الختان عبودية لاعبادة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-08-2024, 06:04 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-16-2005, 04:09 AM

SILVER MOON
<aSILVER MOON
تاريخ التسجيل: 02-24-2002
مجموع المشاركات: 300

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الختان عبودية لاعبادة (Re: SILVER MOON)

    قراءة سيكولوجية للختان
    [ختان البنات هذا الطقس الدموى الذى نحتفل فيه بذبح فتياتنا، غالباً مايغلفه الأهل فى ورقة سيلوفان رقيقة ملونة لتقديمه وتبريره لهذه الفتاة المذبوحة، هذه الورقة إما أن تكون على شكل فروض دينية أو ضرورات إجتماعية أو أعراف وعادات سلوكية، وعندما تبدأ البنت فى فك ورقة السيلوفان لتبتلع الحلوى المسمومة سرعان ماتكتشف حجم الخديعة التى صنعها الأهل، وعمق الفخ الذى أوقعوها فيه، وأن المسألة ماهى إلا مجرد عقد نفسية ومتاعب سيكولوجية يعانى منها المجتمع قبل الأهل، ويغرق فيها الأهل قبل البنت، ويمهد الطريق للبنت لكى ترث كل هذه العقد والمتاعب، يتم كل هذا بقلب بارد وحس متبلد، وكأننا فى شبكة مافيا غامضة لانعرف خيط بدايتها من طرف نهايتها.
    [ سيناريو الختان ذكرنى بماتفعله مجموعة دينية مغربية تقوم بتجريح الرأس حتى تنزف وذلك إعتقاداً منها بأنه يخرج الجن والأرواح الشريرة، وهذه الجماعة تؤمن بوجود جنية شريرة تدعى " عائشة قنديشة " يمكنها أن تقتل كل من يعصى أوامرها فتأمر أتباعها بهذه المذبحة تعطشاً للدماء!، وعقدنا النفسية هى بمثابة عائشة قنديشة الخاصة بنا، و أولى عناصر هذا التفسير النفسى للختان هى أنه مظهر من مظاهر التسلط الإجتماعى من الذكور على النساء وأيضاً من النساء على النساء، وكما يبحث الرجل عن وسائل لتقويته الجنسية بداية من المأكولات البحرية حتى الفياجرا مروراً بجميع أنواع المنشطات، يبحث أيضاً وخاصة إذا كان فرق السن كبيراً عن تثبيط أو مايتخيله هو تثبيط للرغبة عند المرأة، وبالطبع أسهل وأنجح الوسائل هى الختان، ولذلك تقترح د.كاميليا عبد الفتاح أن من أهم عناصر مكافحة ختان الإناث هو مكافحة تعدد الزوجات ونظام الزواج بفرق كبير فى السن بين الرجال والنساء، تقول د.كاميليا عبد الفتاح " إن معنى الختان فى الطبقات الفقيرة يرتبط بإرضاء الرجل إلى جانب إرتباطه بالنظافة وعدم الهياج وبأنه سنة مرغوبة فى الطبقات الأعلى، فالبنت الصغيرة تخضع لهذه العملية بل وتستريح لها طالما أنها ترضى الناس وأنها المتطلب الرئيسى للرجل حيث تشيع فكرة أنه يفرح بذلك، وأن ختان البنت هو من ضمن المؤهلات التى لن تقبل كزوجة بدونه "، أما ماأدهشنى حقيقة هو نتيجة البحث القيم الذى كتبته د.سهام عبد السلام ود.آمال عبد الهادى تحت عنوان موقف الأطباء من ختان الإناث، وأهمية هذا البحث تأتى من أن عينة البحث تتكون من الأطباء فقط وهم أكثر الناس معرفة بأضرار الختان الطبية ولكن عند النزول إلى الواقع وسماع آرائهم نجد كم هى قوية الأعراف والتقاليد؟، ومايهمنى هنا هو رأى الأطباء الرجال وخاصة من ينظرون إلى المرأة منهم بنظرة دونية، وقد وجدت الباحثتان أنه هناك إرتباط إيجابى بين الموافقة على عمل المرأة وبين رفض الختان، فالإتجاه الغالب بين معارضى الختان يوافق على عمل المرأة بدون قيود أو شروط ووصلت نسبتهم إلى حوالى 61%، ونسبة الرافضين حوالى 11%، ونأتى إلى الفريق الآخر وهو مؤيدو الختان الذين منهم من يرفض عمل المرأة نهائياً ونسبتهم 31% أما الباقى فيقبل العمل المشروط بشروط كثيرة ومجحفة، ومؤيدو الختان يصفون عمل المرأة للباحثتين بأن له أثر سلبى على الأسرة وضياع لحقوق البيت وبأن الزوجة أساساً ست بيت وحرام عملها خارج البيت الذى هو مملكتها، وأنها تضيع فرصة الرجال فى العمل، وأيضاً المرأة غير كفء فى العمل، وعمل المرأة ضد الفضيلة ومخل بالآداب العامة ويثير شهوة الرجال، وتختتم الباحثتان تغطية هذه النقطة بقولهما " رفض الختان هو جزء من موقف عام يرى المرأة كائناً عاقلاً مساوياً للرجل فى الحقوق والواجبات والقدرة الإجتماعية، ويرى أن تقدم الوطن مرهون بإسهام كل مواطنيه رجالاً ونساء، بينما ترتبط الموافقة على الختان بنظرة دونية للمرأة تراها أقل كفاءة من الرجل، وأن مكانها المنزل لخدمة الزوج والأبناء، وخروجها خارج هذه الحدود يرتبط بالمشاكل الأسرية ويخلق فوضى جنسية ".
    [ نستخلص مماسبق أن التسلط الذكورى موجود حتى فى الفئة المثقفة التى تعرف تماماً خطر هذه الجريمة على البنت وكيف تحرمها من البهجة والحياة الجنسية السليمة بل والحياة الإنسانية السليمة وتنتهك حقها الإنسانى البسيط، إن الأطباء الذكور يعرفون كل هذا بل هم متأكدون منه تمام التأكد وبالرغم من ذلك ولاأبالغ إذا قلت أنه من أجل ذلك يوافقون على الختان هذه العادة المتخلفة لأن موقفهم الإجتماعى أصلاً متخلف، وهذا يتطابق مع ماقاله أحد الرؤساء الأفارقة –توماس سنكارا- عن الختان " هناك محاولة للحط من المرأة بجعلها تحمل هذه العلامة التى تنقص من وضعها والتى تشعرها دائماً بأنها ليست إلا إمرأة ناقصة عن الرجل، لايحق لها حتى الإستفادة من جسدها وأن تفرح وتُفرح جسدها وكل كيانها، فلها حدود فرضها عليها الرجل، لذلك فالختان وسيلة لإذلالها "، ولابد أن نذكر فى هذا السياق مافعله الرئيس جومو كينياتا فى دعايته الإنتخابية من ترويج لعادة ختان البنات حتى يكسب الجولة!!، وحتى فى أمريكا سنة 1848 كما يذكر د.سامى الذيب كان هناك علاقة أو رابطة ما مابين إعلان حقوق المرأة فى الولايات المتحدة فى هذا العام وبين تأييد الرجال هناك لختان الإناث كرد فعل لإرجاع المرأة إلى دورها الذى إعتادوا عليه وبسبب خوف الرجال من أنوثة المرأة، فهم يرون أن المرأة كانت تميل إلى الرذيلة مما يتطلب علاجها ببتر أعضائها الجنسية، ومما يساهم فى تبرئة الرجال من تهمة الترويج للختان نتيجة التسلط الذكورى ماتطلق عليه د.سهام عبد السلام مؤامرة الصمت، تقول د.سهام عن هذه المؤامرة " تنشأ النساء على أن من العيب أن تعلن المرأة الامها لاسيما المرتبطة منها بالجنس، بذلك تنكر النساء هذه الآلام سواء التى مررن بها فور إجراء التشويه لهن أو التى يعانينها فى حياتهن الزوجية من جراء هذا التشويه، ويكررن ماجرى لهن فى بناتهن، علاوة على ذلك أدى سياج الصمت المضروب حول الحديث عن هذا الموضوع إلى إحجام السيدات والفتيات التى لم يجر لهن هذا التشويه الجنسى وأسرهن عن الحديث مع بقية أخواتهن بمايعرفنه معرفة اليقين من عدم ضرورة هذه العملية وأن العفة والنظافة لاترتبطان بها، وأن حياتهن تسير فى مجراها الطبيعى قبل الزواج وبعده مع تمتعهن بالسلامة الجسدية، بل بلغ الأمر حد جهل أصحاب الموقفين بوجود بعضهما البعض أصلاً، فمن تخلوا عن ممارسة التشويه الجنسى للإناث صاروا يعتقدون أن مصر كلها قد حذت حذوهم ولم يعد فيها من يمارس هذه العادات، ومن مازالوا يتمسكون به يعتقدون أن هذه هى طبائع الأمور، وأنه لاتوجد فى مصر كلها إمرأة لم تجر لها هذه العملية ".
    [ تحدثنا من قبل ونحن نصف حفلة الختان عن الفرحة العارمة التى تنتاب الأمهات والنسوة الجالسات حول الفتاة الذبيحة، والمدهش أن من يحافظ على مسيرة الختان هن النساء!، فالجدات والأمهات هن اللاتى يقررن ويخططن لهذه العملية، والداية الأنثى هى التى تذبح وتضرب أول فرشاة دماء فى لوحة المهانة الأنثوية، والخالات والعمات والجارات والحبايب هن اللاتى يقمن بالتكتيف وعماية الأسر وكتم الأنفاس ولى الأيادى وشل الأرجل ووقف الصراخ وملاحظة العرق المفصود وكم الإزالة المضبوط...الخ، إنها مشاركة نسائية غير مسبوقة لتقديم تاء التأنيث كقربان، ولاأعرف على حد علمى المتواضع مثل هذه المشاركة النسوية فى صنع دونية لمن هى من بنات جنسها، وإذا كان الرجل هو المايسترو الإجتماعى فى عملية الختان فالمرأة هى الأوركسترا التنفيذى الذى يعزف لحن العذاب!.
    [ شكل إنعزال المرأة عن المشاركة فى الحياة الإجتماعية نمطاً سلوكياً جعل الشرنقة الأنثوية تفرز خيوطاً من الأنانية والتسلط والعدوانية، فهى وإن غاب صوتها خارج البيت فقد ترك لها حسم بعض الأمور داخل البيت الذى ضحك عليها الرجل وقال أنه مملكتها كى يلهيها عن صنع مملكة خارج أسوار هذا البيت، ومن ضمن هذه الأمور كل مايتعلق بالعادات والتقاليد وأهمها ختان البنات وضرب سياج من التربص بتصرفات البنت ونصب الفخ تلو الفخ وكأننا فى رحلة صيد، وقد ترتب على منع خروج السيدات قديماً من المنزل ظهور طبقة من المترددات على المنزل ممن يقضين حاجاته وقد تميزن بطول اللسان والكلام المكشوف حتى مع الرجال وكأنهن يعوضن بتطرف كبت الأخريات وصمتهن، ومن أمثلة تلك المترددات الدلالة التى تبيع الملابس، والماشطة لعمل الحمام والحنة وغيرها من الأعمال داخل وخارج المنزل ومن ضمنها الترويج لبنات الأسرة وبيان صفاتهن الحميدة وأهمها أنهن مختونات طبقاً للمواصفات القياسية!!، وبالطبع الداية التى تقوم بعمليات الختان والتوليد، قام هذا "الجيتو " النسائى بغزل خيوط المؤامرة على مر التاريخ، والمساهمة فى ترسيخ الدونية الأنثوية ونشر الدفء المزعوم الناتج عن الإنتماء للجماعة، والخوف عند عدم تنفيذ الأمر من الطرد من جنة هذا الدفء الحاضن الآمن، ويورد د.سامى الذيب رأى إحدى الباحثات السيدة "هيكس " والذى يعبر عن المعنى السابق فهى تقول " أن النساء يساندن ختان الإناث لأنهن يحصلن من ورائه على التقدير والإحترام الإجتماعى ولقمة العيش، فمن دون ختان لازواج ولاإحترام، فهذه وسيلتهن لحماية أنفسهن وضمان دورهن فى المجتمع، والختان يخضع المرأة للنظام الإجتماعى المتضامن الذى من دونه لاحياة لهن، كما يعتبر ختان الإناث وسيلة لفقد الفردية ودخول جماعة النساء التى غايتها حماية عادات المجتمع الثقافية فيكرسن حياتهن للصالح العام "، أما د.سامية سليمان رزق فتقدم تفسيراً آخر لمشاركة المرأة فى ختان بنات جنسها وهو الرغبة فى الإنتقام من الزوج وتقول أنه يرجع إلى " معتقدات لدى البعض وبخاصة النساء من أن كبت الرغبة الجنسية لديهن من خلال الختان هو بمثابة سلاح فى أيديهن لمواجهة هذا الزوج وإذلاله، وهو أمر يوضح كيف أن النساء أنفسهن أصبحن مع الوقت يقمن بإعادة تشكيل القمع الذى يلحق بهن ويبررن حدوثه لصالحهن "!، إنه تفسير غريب ومدهش ولكنه من الممكن أن يكون حقيقى فهو نوع من الإنتقام اللئيم لتراث من القهر والقمع الرجالى ولكنه مخلوط ببعض السذاجة التى توارثتها الأنثى نتيجة العزلة الإجبارية عن الذوبان فى المجتمع، ففعلت كمايفعل جندى الأمن المركزى الغلبان للهروب من الجيش ببتر ساقه!.
    [ وتفسير آخر تقدمه طبيبة سودانية من خلال بحث بعنوان السجينات ل lightfool-klien يقدم لنا مبررات تلك العدوانية الغريبة من إمرأة المفروض أنها تألمت ونزفت من تلك العملية وتكرر بغباء نفس التصرف، وتقول الطبيبة السودانية أنه ليس غباء ولكنه ثأر!، فالنساء هناك كماتخبرنا تلك الطبيبة ليس لهن دور فى المجتمع، فيقمن بصب كل سيطرتهن المكبوتة على الأبناء والبنات، فيجرين لبناتهن عملية الختان كما أجريت لهن أنفسهن، فكل إمرأة تألمت كثيراً لابد لها من الثأر، ولكن لايمكنها الثأر إلا من بناتها رغم محبتها لهن، وتشعر الجدة أنه إذا أبطلت العادة فإنها سوف تفقد كل مالها من سلطة، وتضيف هذه الطبيبة أن هذا الإصرار ليس لأن هؤلاء الجدات شريرات على العكس فقد يكن متدينات وطيبات، ولكن مشكلتهن أنهن يعتقدن أنه لايمكن الحفاظ على بكارة البنت إلا إذا اجرى لهن الختان والنوع الفرعونى منه بالذات، وتضيف أن النساء رغم الألم الذى عانينه يقمن بختان بناتهن إختياراً للطريق الأسهل وتهرباً من مقاومة المجتمع، إنه ليس حب التدمير من أجل التدمير ولكن لأنها لم تختزن فى عقلها الباطن إلا هذا السلوك تجاه المرأة، إنها تصرخ من خلال بناتها، إنها الجين النفسى الذى يحافظ على نقل تلك العادات السلوكية من جيل إلى آخر، وترى د.سهام أن المرأة لاتفعل ذلك إلا إرضاء لنزعة الرجل فهى بمثابة الوكيل المنفذ لإرادته، وهى تشير فى ذلك إلى قول إمرأة عجوز صرحت لها " يجب أن تختن البنات لأن الرجال فقراء، فهم يأكلون فراخ المزارع التى تربى بالهورمونات، ولذلك لايمكن للرجال أن يرضوا نساءهن غير المختونات "!!، فالسيدات اللاتى ينبشن من أجل الختان يتحركن تجاه هذه الجريمة بتنويم مغناطيسى من المفاهيم الجاهزة حول العلاقة بين الرجل والمرأة التى يغلفها التحدى لإثبات الرجولة والفحولة بمعناها الضيق الآلى البحت، الذى لاتظلله أية عاطفة أو حب، إنها علاقة باردة لوزادت عن المقدار المحدد لها -وبالطبع الذى يحدد هذا المقدار هو الرجل- لوزادت هلك الرجل ولابد من أحد حلين، الأول أن يبتعد الرجل وينزوى وهذا مستحيل ففيه جرح لكرامته ورجولته، والثانى هو أن يطمس ملامح الزوجة العاطفية والجنسية فتظل كالتليفون منقطع الحرارة جسماً معدنياً بارداً بلاإرسال أو إستقبال!.
    [ يفسر البعض سيكلوجية الختان على أنه خليط مابين المازوكية أو الماسوشيزم والسادية أو الساديزم، والأولى هى نسبة إلى مازوش الذى كان يتلذذ بتعذيب نفسه وبتر أعضائه، والثانية منسوبة إلى الماركيز دى صاد الذى قضى 16 سنة فى السجن و11 سنة فى مستشفى الأمراض العقلية ويتصف هذا المرض بالرغبة فى تدمير وإيذاء الغير كما فعل الماركيز عندما كان يجلد ضحيته وأحياناً يسلخها!!، فهل يرضى مجتمعنا فى القرن الواحد والعشرين أن يوصف بالسادية أو المازوكية تجاه نفسه وتجاه بناته بالذات، إننا لانستطيع أن ندين الآخرين الذين يصفوننا بهذا الوصف قبل أن نعدل من سلوكياتنا تجاه العنف ضد المرأة.
    [ إذا كنا قد حاولنا توصيف وتأصيل الجذور السيكولوجية للختان، فإن توصيف الآثار السيكولوجية المدمرة على البنت نتيجة الختان والتى تحدثنا عن جزء بسيط منها من قبل تحتاج إلى مجلدات ومجلدات، فكل حالة ختان هى حالة منفردة لها عقدها الخاصة ومشاكلها المتفردة وعندما نفتح خزانة الذكريات سنجد مايندى له الجبين خجلاً ومايشيب له الولدان فزعاً، وهذا ليس تلاعباً بالكلمات الفصحى المتقعرة البليغة ولكنها تعبير عن واقع مرير يصرخ بالرعب، ففضلاً عن الإنتهاك الجسدى والجنسى للأطفال الصغار، فهناك خدش البراءة وعمل FOCUS أو تثبيت وتقريب بعدسة العادات والتقاليد والأخلاق على "تابو " الجنس ففى هذا السن الصغير تبدأ البنت فى التفكير بأن هذه المنطقة هى منطقة القاذورات والدماء والعنف والمحظور، وممنوع عليها الإقتراب من هذا المكان البغيض الكريه، وتبدأ بالونة الفزع فى التضخم والإرتفاع حتى تنفجر فى وجه المجتمع وأحياناً فى وجه الضحية نفسها، وتبدأ البنت فى تعلم إخفاء إنفعالها الحقيقى المؤلم لإرضاء الأهل الذين يقنعونها بأن هذا الإجراء هو الصح، ويتطور هذا الإخفاء إلى إتقان التمثيل والكذب، فتمثل على الجميع بأنها طبيعية، وتمثل على زوجها بأنها مستمتعة، وتمثل على أهلها بأنها ممتنة، ويمتد حبل الكذب حتى يخنق أبسط المشاعر الإنسانية الجميلة التى خلقها الله فى قلوبنا للإستمتاع بالحياة، إننا بالختان نزرع الكذب والخوف والنفاق فى عقل وروح البنت لنشكل على هوانا مسخاً إنسانياً نمارس فيه عقدنا النفسية الناشبة أظفارها فى لحم حياتنا.
    [ أما سكوت المجتمع على هذه المذبحة فكثيراً ماأتخيل أنه خرس ناتج عن مخدر عام إستنشقناه فقررنا "الطناش" واللامبالاة والصمت الرهيب إزاء هذه الجريمة النكراء، وبمناسبة المخدرات فالكثير من الباحثين يرجع سبب هدية الحشيش الروتينية التى تمنح للعريس والتى هى جزء من محبة الجيران والأقارب للقادم على الحياة الجديدة، يرجعها هؤلاء إلى الختان حتى يتخيل العريس أن لقاءه دهر وساعات طوال، وحتى يتوه عن الحقيقة بأن لقاءه فى الحقيقة لقاء بدون إحساس، بارد برودة الفريزر، يفتقد إلى الحياة والدفء والنبض، ويوجد باحثون ومفكرون كثيرون أدانوا الختان كسبب من ضمن أسباب إنتشار المخدرات، فيقول المفكر أحمد أمين فى قاموس العادات والتقاليد عن الختان " فى هذه الأيام من حياتى، أعنى فى سنة 1950 ومابعدها، نادى بعض الناس بقصر الختان على الذكور دون الإناث، وحجتهم فى ذلك أن ختان البنات قد سبب إنتشار عادة تعاطى الحشيش والمنزول والأفيون ونحو ذلك، وذلك بسبب أن البنت إذا أختتنت ثم كبرت فختانها يقلل من لذتها الجنسية، فيضطر الرجل إلى إستعمال المخدرات التى ذكرناها، فنادوا بعدم ختانها حتى لايضطر الرجل إلى مثل هذه المخدرات "، ويورد د.سامى الذيب آراء أخرى فى هذه المسألة على موقعه فى الإنترنت منها رأى د.محمد سعيد الحديدى الذى يقول " إن المخدرات والمغيبات بكافة أنواعها قد إنتشرت فى بلادنا إنتشاراً مخيفاً قد تعدى كل الإحصائيات فى أى بلد آخر رغم العقوبات الشديدة والقوانين الصارمة التى يؤخذ بها كل من تجرأ وتعاطى هذه المخدرات، ماالسر فى هذا ياحضرات السادة، لو إهتدينا إلى هذا السر لوفرنا على أنفسنا وعلى أمتنا المال الكثير الذى يبذل لمكافحة هذه الأشياء ولجنينا فوائد أعظم، فكم من أشخاص زجوا فى السجون وكم ضحوا بأموالهم وعقولهم وأسرهم لتعاطى هذه السموم، مالسر فى ذلك إذاً؟، إنى أسلم معكم بأن كثيراً ممن يتعاطون هذه المواد المخدرة يتعاطونها لنقص فى إدراكهم وتكوينهم العقلى، ولكن مارأيكم فيمن يتعاطون هذه المواد من أناس يشهد لهم نجاحهم فى حياتهم العملية والعلمية والأدبية والمادية بقسط أوفر من رجحان العقل بل النبوغ؟، الجواب بسيط، وهو الرغبة فى تخدير الحساسية لدى هؤلاء الرجال ليحصل التكافؤ بينهم وبين من يلامسون من نساء مختتنات "، ويقول د.رشدى عمار أيضاً " فى 62 حالة كان الأزواج يتعاطون المخدرات أو المشروبات الكحولية للمساعدة على الإتصال الجنسى ورغبة فى إشباع الزوجات والأزواج، وبسؤالهن عن النتائج كانت الإجابة أنه أفاد فى بعض الحالات وأنه يأتى بنتيجة عكسية فى حالات أخرى، ونحن جميعاً نعلم أن من أسباب إدمان بعض الرجال على المخدرات أو المشروبات الكحولية هو الرغبة فى إطالة اللقاء الجنسى نظراً لزيادة نسبة البرود كنتيجة للطهارة ".
    [ إنه كابوس أسود، أو بلغة ومصطلحات الطب النفسى إن الختان وسواس قهرى متسلط، وضلالات مسيطرة علينا توحى بأن البنت عار، وبأننا مطاردون من العالم المتحضر الذى يريد أن يطمس ثقافتنا والتى نتخيل أن من سماتها الأساسية الختان، أليست ثقافة الشعوب فى حاجة إلى غربلة وإعادة فرز من آن لآخر لطرد كل ماهو ضار ودخيل فى هذه الثقافة؟، أعتقد انه قد آن الأوان لعمل هذه الغربلة وتنفيذ هذا الفرز حتى تصبح ألف باء ثقافتنا هى حقوق الإنسان وأولها حقه فى جسد غير منتهك.





    الختان....قراءة قانونية
    الختان ممنوع سواء بيد الداية أو بمشرط الجراح
    يجب تجريم الطبيب الذى يجرى الختان
    الطبيب الذى يجرى الختان مجرم فى نظر القانون
    [ أسرع قاتل لقوانيننا هو مبدأ "الفصال" أو الحلول الوسط أو الرغبة فى إرضاء جميع الأطراف، وأول ضحية لهذا المبدأ هو القوانين التى لها علاقة بالعادات والتقاليد والأعراف الإجتماعية ومن ضمنها القوانين المتعلقة بختان البنات، فنحن دائماً عندما نتحدث عن سن قانون للختان نقول فى حواشيه أنه مسموح للأطباء فقط بأن يجروا عملية الختان، وكأننا نتحدث عن حق الأطباء فى الفيزيته وليس عن حق البنات فى جسد لاينتهك الختان ممنوع بواسطة الدايات وحلاقين الصحة والأطباء أيضاً، إننا نتحدث عن مبدأ وعندما نتحدث عن المبادئ لابد ألانساوم أو نستثنى أو نفاصل أو ننافق.
    [ أعترف بأننا لانستطيع منع الختان بمجرد نصوص قانونية، فهذه العادة البربرية لابد أن تستأصل بمزيد من التثقيف والتنوير والوعى وليس بمزيد من القوانين والأحكام والتوصيات، ولكننا لانستطيع أن نغفل أن القوانين مهمة لضبط المسألة، وأن يد القانون تصبح غليظة عندما يريد لها المجتمع أن تكون غليظة، وتصبح متخاذلة عندما يريد لها المجتمع العكس، وسنحاول إستعراض المسيرة القانونية الدولية والمصرية ضد ختان البنات حتى نفهم مدى التقدم فى النضال ضد هذه العادة البغيضة.
    [ كان أول نقاش عالمى لهذه القضية فى عصبة الأمم عام 1931 فى مؤتمرها بجنيف عندما ناقش وضع الأطفال الأفارقة، وتطرق الموضوع إلى ختان الإناث فى إحدى القبائل الكينية، ولكن المؤتمر رفض الخروج بتوصيات الدول الأوروبية التى حاولت تجريم هذا الفعل، وبعدها فى 1958 رفضت منظمة الصحة العالمية تنفيذ الدراسة التى طلبتها الأمم المتحدة لوضع حد لممارسات الختان بدعوى أنها لاتملك صلاحية دراسة مثل تلك الأمور الثقافية!، وظلت طلبات النساء الأفريقيات للمنظمة الدولية بتبنى منع الختان خاصة بعد مؤتمر الأمم المتحدة فى أديس بابا حول مشاركة النساء فى الحياة العامة، حتى تحقق الحلم وأدين الختان فى 1964 فى مؤتمر توجو، ثم صدر أول رد فعل من منظمة الصحة العالمية حول الآثار الصحية الضارة للختان فى 30 سبتمبر 1976 والذى أدان الختان الفرعونى فقط، ثم أتت نقطة التحول فى 1979 حين عقدت المنظمة مؤتمراً فى الخرطوم لمناقشة الظاهرة بشكل أكثر حسماً ومنهجية، ومنذ ذلك اليوم ولاتكاد تمر سنة إلا وتصدر المنظمة إدانة وتجريم فى صورة تقارير أو دراسات أو مناشدات، وكان أهمها الدراسة التى أصدرتها منظمة الصحة العالمية 1998 وكتبتها د.ناهد طوبيا وسوزان عزت والتى سنعود إليها كثيراً فى هذا الشق من الدراسة حول الرؤية القانونية للختان، ويمكن إختصار موقف الأمم المتحدة من الختان فى النقاط التالية:
    *إدانة ختان الإناث بجميع أنواعه وإعتباره مخالفاً للحق فى سلامة الجسد والصحة الجسدية والنفسية، وصورة من صور التمييز والعنف ضد النساء.
    * رفض إجراء هذه العملية فى الأوساط الطبية.
    * المطالبة بوضع قوانين لمنع ختان الإناث ومعاقبة من يمارسه حتى الأطباء.
    [ وإذا كان الختان مجرماً طبقاً للقوانين السابقة، فهو مجرم أيضاً طبقاً لحقوق الإنسان فهو تعدى سافر على الجسم وإهدار للحق فى سلامة الحياة والجسد وهما من أهم حقوق الإنسان، فالوثيقة العالمية لحقوق الإنسان تقول فى المادة 3: لكل فرد الحق فى الحياة والحرية وفى الأمان على شخصه، وفى إتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل المادة 24: الإعتراف بحق الطفل فى التمتع بأعلى مستوى صحى، وتتخذ الدول الأطراف جميع التدابير الفعالة بغية إلغاء الممارسات التقليدية التى تضر بصحة الأطفال، وفى الفقرة الخامسة من القانون الدولى للأخلاق الطبية " يجب حماية كل طفل من علاج أو كشف طبى غير ضرورى "، ومن الحق فى حماية الجسد إلى الحق فى عدم التعذيب، والختان لاشك نوع من التعذيب، والحق فى العرض الذى نقسم نحن الأطباء فى البند الثالث ونقول بإزائه " أن أحفظ للناس كرامتهم، وأستر عورتهم "، والختان هو منتهى إهدار الكرامة وفضح العورة وإنتهاكها.
    [ من الأمم المتحدة ومنظمة الصحة والهيئات غير الحكومية إلى مصر حيث ينطبق المثل السائد " اللى إيده فى الميه مش زى اللى إيده فى النار "، فنحن فى مصر أيدينا وأرواحنا فى أتون النار التى تحرق كيان البنات ولذلك كان لابد أن نلجأ للقوانين كى نطفئ لهيبها المستعر.
    صدر أول نص قانونى حول ختان الإناث سنة 1959 تحت مسمى القرار الوزارى رقم 74، وقد وضعته لجنة من الأطباء ورجال الدين من بينهم المفتى حسن مأمون والشيخ حسنين مخلوف، وقد جاء فى المادة الثانية أن تلك اللجنة قررت مايلى:
    • أن يحرم بتاتاً على غير الأطباء القيام بعملية الختان وأن يكون الختان جزئياً لاكلياً لمن أراد.
    • منع عملية الختان بوحدات وزارة الصحة لأسباب صحية وإجتماعية ونفسية.
    • غير مصرح للدايات المرخصات القيام بأى عمليات جراحية ومنها ختان الإناث.
    • الختان بالطريقة التى يجرى بها الآن (1959) له ضرر صحى ونفسى على الإناث سواء قبل الزواج أو بعده، ونظراً لأن الفقهاء إستناداً إلى بعض الأحاديث الصحيحة قد إختلفوا فى أن خفاض الإناث واجب أو سنة ومنهم من ذهب إلى أنه مكرمة إلا أنهم قد إتفقوا جميعاً على أن شعائر الإسلام والشريعة تنهى عن الإستئصال الكلى.
    وعندى تعليق شخصى بسيط على ماسبق وهو أن اللجنة برغم إستنارتها إلا أنها كانت تعانى من الجبن ونفاق المجتمع ومسك العصا من المنتصف ومحاولة حل المعضلة بأسلوب عقيم وهو " نشيل حتة بس علشان مانزعلش حد "!!، ولم يناقشوا الأمر على أنه إنتهاك حتى ولو ملليمتر واحد، فالمسألة ليست مسألة مقاييس ولكنها مسألة مبادئ لايمكن المقايضة عليها وأى مواربة لنافذة المساومة سيفتح الطريق والمنافذ لإجتياح هواء الأفكار المتخلفة التى لاتلبث أن تتحول إلى رياح عاتية.
    [ كان يوم 7 سبتمبر 1994 يوماً فاصلاً فى تاريخ مناقشة الختان، فقد عرضت السى إن إن فيلماً يصور ختان طفلة تدعى نجلاء على يد حلاق صحة فى مدينة القاهرة، وكانت الظروف حينذاك قابلة للإشتعال فقد كان مؤتمر السكان العالمى مجتمعاً، ووزير الصحة كان قد أدلى بتصريح من عينة كله تمام والأمور مستتبة وأن الختان نادر فى مصر، وجاء هذا الفيلم ليفضح الجميع ويؤكد على أن هذه الهمجية مازال لها أنصار ومؤيدون، ولأن الفضيحة عالمية كان لابد أن تنعقد اللجان وتنبثق كعادتنا فى مواجهة الأمور بعد إستفحالها، وضمت اللجنة 22 عضواً منهم الوزير على عبد الفتاح والشيخ سيد طنطاوى مفتى الجمهورية حينذاك، وصدر البيان بعدها بشهر ويومين فى 9 أكتوبر وكان أول بند فيه ينص على أن ختان الإناث عادة قديمة ومتوارثة ولايوجد نص فى القرآن الكريم أو الحديث بشأنها، وأن حديث ختان الإناث روى من أوجه كثيرة كلها ضعيفة ومعلولة ومخدوشة لايصح الإحتجاج بها، وأن هذه المسألة مردها إلى الأطباء، ولكن تعليمات وزير الصحة كان فيها نوع من التراخى والإعتراف المستتر والكسوف من الإدانة الكاملة والتجريم الحاسم، ففى التعليمات التى أرسلها الوزير فى 19 أكتوبر 1994 تظهر ميوعة التعامل مع الختان فى عبارات مثل "منع إجراء عمليات الختان فى غير الأماكن المجهزة لذلك" وكأنه توجد أماكن مكيفة مجهزة للختان وأخرى غير مجهزة، كيف ونحن نتكلم عن منع الختان نقول فى نفس الوقت وبعد سطر واحد أن هناك أماكن مجهزة لذلك، إنه تناقض لفظى يعبر عن التناقض العقلى الذى يعشش فى أذهان حتى القيادات التى تتصدى لهذه المسألة من أطباء وشخصيات عامة، وفى عبارة أخرى تقول التعليمات "يقوم كل مستشفى تعليمى أو مركزى بتحديد يومين أسبوعياً لإجراء عملية ختان الذكور ويوم آخر لإستقبال الأسر الراغبة فى ختان الإناث وأوصت التعليمات بالتحاور مع الأسرة ولكن إذا أصرت فلامناص من الختان!!، وكأن من يأتى إلى المستشفى ويقول أنا عايز أنتحر أو أبتر ساقى نشكل له لجنة إستماع وإقناع وإن لم يوافق فأمرنا لله نسمع كلامه وننفذ ونقول آمين!، إن هذا التراجع واللاحسم فى مواجهة مثل تلك المشاكل هى التى تسمح لكل من هب ودب بزرع التوجس فى عقل ووجدان المجتمع بأن هؤلاء الموظفين يقفون أمام الشرع وبهزة بسيطة من الممكن أن يتنازلوا عن تصلب رأيهم فى مسألة الختان.
    [ ولم تكن نقابة الأطباء أفضل من الوزارة فى هذه المسألة، فقد أصدرت بياناً فى 25 أكتوبر 1994 يبيح ختان الإناث ولكن بشروط، وقاتل الله كلمة لكن هذه التى تشبه كلمة لو فى أنها تفتح عمل الشيطان، فكلمة الإباحة فى حد ذاتها جريمة وموقف رجعى مهما ألصقنا بها من "اللاكنات "!، وكانت الشروط هى أن العملية بعد البلوغ وتكون جزئية لاكلية، وبموافقة البنت وولى الأمر وأن تراعى الأصول المهنية والفقهية!! (ملاحظة لوراعينا الأصول المهنية لن تنفذ العملية من أصله)، والمدهش ماطالبت به النقابة من عدم تجريم الختان بقانون، وإجراء المزيد من بحوث الختان، ولاحظوا أن هذا البيان كتبه أطباء يعرفون جيداً أن الختان قتل بحثاً وأضراره ظاهرة للأعمى!، وفى لهجة خطابية منبرية يقول بيان النقابة " إن الأمة المصرية تنتمى إلى الحضارة العربية والإسلامية والبعد الإنسانى، وهى ذات قيم ومبادئ ومثل وهوية خاصة مستقلة يجب أن تفخر بها وتدافع عنها وتبشر بها بين أمم العالم!!، والسؤال هل الختان أصبح من قيمنا ومبادئنا وهويتنا، وهل الحضارة تحتاج إلى التمسك بهذه القشور، والتمسح فى العار والإنتهاك والبربرية التى تحدث تحت إسم الإنتماء الثقافى والدينى.
    [ والمدهش أنه بعد كل هذه الضجة والبيانات والتوصيات ظل ختان البنات يجرى بنفس الحماس وفى نفس المستشفيات مستفيداً بالطبع من كلمة "لكن "، وقد أوضح بيان المنظمات غير الحكومية الصادر فى مارس 1995 ذلك وفضح بعض الممارسات ومنها أن مدير إحدى المستشفيات بالغربية كان يحتكر إجراء العملية لنفسه، وأن الخناقات كانت بين الأطباء المستفيدين من تخصصات الأطفال والجراحة والنساء!، وبعد تغيير وزير الصحة فى 1996 فوجئ بفضيحة أعنف وإن لم تكن على الهواء مباشرة فقد ماتت طفلتان أحدهما على يد طبيب، وهنا ظهر أن الأطباء غير معصومين من الخطأ، وأن المصيبة فى الممارسة نفسها وليست فى من يمارسها، ولذلك أصدر د.إسماعيل سلام قراره بتاريخ 8/7/1996 بأنه " يحظر إجراء عمليات الختان للإناث سواء بالمستشفيات أو العيادات العامة أو الخاصة، ولايسمح بإجرائها إلا فى الحالات المرضية فقط والتى يقرها رئيس قسم أمراض النساء والولادة وبناء على إقتراح الطبيب المعالج "، وبرغم الإستثناء فى هذا القرار إلا أنه كان خطوة إلى الأمام، ولكن قوى التزمت ومن ضمنها طبيب رفعت قضية على الوزير بأن ذلك ليس من حقه وضد الشريعة، وحكمت لهم المحكمة، ثم فى الإستئناف خسر المتزمتون الجولة الأولى ولكنهم لم يهدأوا حتى هذه اللحظة فالقضايا مازالت المحاكم تتداولها وكأن هؤلاء المتزمتين قد جعلوا من هذه الجلدة قضية حياتهم لن تمر إلا على جثثهم!، وهنا تحضرنى ملاحظة لها دلالة، فالبرلمان المصرى عند مناقشة قانون الطفل 1996 رأى أن المادة 240 من قانون العقوبات تنطبق على عملية تشويه أعضاء الإناث وتكفى لتحريمها، ولاأعرف لماذا هذا الخوف على النص على تجريم الختان فى قانون منفصل واضح وصريح وحاسم؟، هل هو مغازلة المشاعر والعواطف على حساب حقوق الإنسان البديهية؟!، لاأعرف والإجابة ليست عندى بالتأكيد.
    [ من أهم الدراسات المصرية التى تناولت ختان البنات من زاوية المسئولية الجنائية والمدنية دراسة المستشار صلاح محمود عويس والذى كان يشغل منصب نائب رئيس محكمة النقض، والذى يقول " إن الجهاز التناسلى للأنثى فى شكله الطبيعى لايعتبر مرضاً، ولايعتبر سبباً مباشراً لإصابتها بمرض معين، ولايعد سبباً مباشراً لإحساسها بالآم مبرحة أو بسيطة، ومؤدى ذلك أن المساس بهذا الجهاز الفطرى لايعتبر علاجاً لمرض، أو كشفاً عن داء، أو تخفيفاً لألم، أو إزالة لألم قائم، فإن هذا الفعل يعتبر خارجاً عن نطاق دائرة التطبيب التى يقوم عليها حق الطبيب فى علاج المرضى، ويعتبر الطبيب لذلك مرتكباً جريمة جرح عمدية يعاقب عليها بالمادة 241 أو المادة 242 من قانون العقوبات، وتتحقق بذلك المسئولية الجنائية والمدنية للطبيب الذى أعتبر فاعلاً أصلياً لأنه هو الذى إرتكب الفعل المادى للجريمة وتتحقق كذلك مسئولية الولى أو الوصى بإعتباره شريكاً للطبيب "، ويؤكد د.محمد فياض على نفس المعنى قائلاً " إن للطب أخلاقاً أبرزها عدم إجراء عملية طبية إلا إذا كانت لها فائدة صحية وخالية من الضرر الجسمانى، وبالمنطق نفسه فإذا ثبت أن أية عملية ليست لها فائدة طبية أو تؤدى إلى مخاطر، فإن من الأخلاقيات عدم إجرائها بل وهذا ماأصر عليه تجريم الطبيب الذى يجريها، ورأيى أن الطبيب الذى يوافق على إجراء عملية ختان الإناث يتساوى مع الذى يوافق على عمليات الإجهاض المفتعل، وأن تجريم الثانى يستوجب تجريم الأول ".
    ويرد مؤيدو الختان على هؤلاء بأن الختان لايستحق عقوبة قانونية لأنه من باب التأديب الذى يمارسه ولى الأمر على البنت، ويرفض المستشار صلاح عويس هذا المنطق بقوله " إن ولاية الولى تتحدد فى أموال له، فهو يتصرف فيها طبقاً لضوابط معينة، أما بالنسبة لنفس الصغير أو الصغيرة فإن ولايته هى حقه فى التأديب والتعليم، وحق التأديب طبقاً للشريعة الإسلامية ينحصر فى توجيهه إلى السلوك القويم والعادات الحسنة، والترغيب بالضرب غير المبرح للعادات السيئة، فهل من المنطق والعقل يعتبر حرمان الصغيرة من جزء من عضو فطرى خلقه الله بجسدها من باب التأديب والتهذيب!!...." ودعم المستشار تساؤله بكيف نطلق عليه تأديباً وأكثر النساء اللاتى يمتهن الدعارة مختنات، وأيضاً يرفض المستشار إطلاق صفة التجميل على ختان البنات فيقول " عمليات التجميل التى أصبحت ضمن الجراحات الطبية يقصد بها إصلاح العضو أو تقويمه أو إزالة زائد فيه، أو بمعنى آخر محاولة إعطاء عضو من أعضاء الجسم أو جزء منه الشكل الطبيعى الفطرى، وهذه هى الغاية من عملية التجميل، فهل يتفق ذلك مع عملية الختان، وهى فى كل صورها تعتبر تغييراً للشكل الطبيعى للعضو التناسلى للأنثى حسب فطرته التى خلقه الله عليها، بالطبع لا، ومن ثم فلاتكون هذه العملية بمثابة تجميل بل هى فى حقيقتها إنتهاك لجسد الأنثى "، وقد كتب المحامى الشهير أحمد شنن فى جريدة الأخبار مقالاً أشار فيه إلى دور وحق النيابة العامة فى تقديم مرتكب هذا الفعل للمحاكمة وإعتبار جريمة الختان جريمة تلبس والتى تتيح لمأمورى الضبط القضائى القبض على الفاعلين والشركاء وتقديمهم للنيابة العامة.
    [ إن القانون وحده لايستطيع بجرة قلم أن يلغى عادة إجتماعية راسخة ومتجذرة كالختان، إنه يحتاج إلى جانبه الإستنارة فى التفكير، والحسم فى التنفيذ، والإقتناع بأن هذه العادة الوحشية لاعلاقة لها بالشرف ولابالعفة، والتأكد من أن المرأة ليست عدواً ولكنها شريكة حياة ورفيقة درب.
                  

العنوان الكاتب Date
الختان عبودية لاعبادة SILVER MOON02-16-05, 03:51 AM
  Re: الختان عبودية لاعبادة SILVER MOON02-16-05, 04:05 AM
  Re: الختان عبودية لاعبادة SILVER MOON02-16-05, 04:09 AM
  Re: الختان عبودية لاعبادة SILVER MOON02-16-05, 04:10 AM
  Re: الختان عبودية لاعبادة SILVER MOON02-16-05, 04:12 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de