|
أمكنة لكينونة المكان !!
|
الى ديوجونيس في المكان الذي: صار مزامير لصهيل الموت / سافر أفقه على بساط الهبوب , وأصدر شهائد ميلاد للقبور ، تكاثرت أنيابه...، تمددت مخالبه ...، تضاعفت أحشائه , فكأن الأفق مرتجي لا نتزاع النبض من معقلهِ الكتيم. ***
في المكان الذي: صار سموات عجاف,وجب تصدعت جدرانه على تاج الماء / سال جفاف الريق على جثة الرمل وانتهك البنفسج سرهُ القديم.
في المكان الذي: صار مسكن للزوابع وكثيرٌ من الظلامِ / لا احد يعرف الجهات، تصبح المعرفة صدى للفحيح ، والناس مدلهمين للعويل والنباح.
في المكان الذي: يحتفي بالغبار والمكانس , أعياده كثيرة وعديدة ...، يسمونها : أعياد النطح , أعياد الجحيم ، أعياد التجاعيد ... ، يرتدون في حضرتها الجلابيب الشائكة ، ويحدقون في الدخان .
في المكان الذي : صار اسمه مقبرة للسكوت / خشية املاق . التصقت الجلود على العظام / وسقط سقفه قبل حلول الظلام ... قبل دنو اليقظة ...، ولم يعد اسمه مكان.
في المكان الذي: يأكل الجوع جوعه ويتحول الزمان إلى أعضاء عارية على قارعة الطريق / ولا شئ سوى صوت الزفير و الشهيق ، وصدى الصرير و النقيق ...، لا شئ سوى الفضلات وقرقعات الأمعاء !!
في المكان الذي: لا تقال الأشياء على حقيقتها ولا ينادى احد باسمه ...، ثمة روؤس تتدلى من السقف ، وأوثان منتصبة على امتداد البصر.
في المكان الذي: يعلو فيه صوت الجهل ويطغى على لون الوجود, لا أحد يعرف أحد , لا أحد يسمع أحد وتصير الريشة أثقل شئ يكون ... والحبر يسيل من جفاف القول ، والشتيمة تتكاثر بالمجان .
في المكان الذي: لم يبق منه إلا نص مكتوب بدم خائر ...، والمساحات جميعها مهددة بالاختناق والحياة مهددة بالانقراض ... , تصير القرون والنطح (عنوان ومكان )!!
أنا هنا الآن : وفي أبد الأمس تشكلت أعضاء التلفظ خلسة , ومن أتون الهيول ...، صار للمكان شفة طازجة، فأنزلق لسان التسابيح يرتل للفجر أناشيد الزائرين / كي يوقظ غبش المعنى.
أنا هنا غدا : في يداي تذاكر المعراج السماوي , استجوب قطرات الماء / قطرة .....قطرة / وعن كل حي أحدق فوق أسطح تشكل الغيم وأجهش في المدى .
أنا هنا أمس : في يدي فانوس (ديوجونيس), انثر من رماد الروح على سدرة النزيف وعيناي معلقتان في نبض الأبد , أهز بكِ جذع الشجرة الأولى , أعصر ثمارها في أوج خصوبتكِ واترك حفيفها معلق على حبال العاصفة.
أنا هنا من زمن الرعد الأول : في يدي فتيل اشتعال الموقد , انتظر بيان الصورة على صفحة اليم وأطوف على حواف النغم ,واشد بأوتار الأسماء على خاصرة الفصول.
أنا هنا مند أزمنة : في يدي جمر وسؤال , أقايض خسارة العمر بخضوع الحكمة لبيان الجنون , وأسدل ستارة تفتق الدهشة على حلمِ يسر الناضرين .
**************************** *** مقتبس من ابو القاسم لامشاي - الحوار المتمدن - العدد: 769
|
|
|
|
|
|