هل تريد أن تعرف يا أستاذ صلاح الدين عووضة؟؟

Quote: صلاح الدين عووضة حتى أنت يا قناة الجزيرة؟!! اذا كنت مخطئاً فى هذا الذى سأقوله فارجو ان اجد من يصوّبنى... قبل أيام بثت قناة الجزيرة الفضائية برنامجاً استضافت فيه عدداً من المفكرين العرب من داخل الاستديو.. والرئىس الليبي معمر القذافى عبر الاقمار الصناعية .. وكان مطلوباً من هؤلاء المفكرين توجيه اسئلة للرئىس الليبي.. والمشاركة بمداخلات وتعليقات على افاداته.. وقضايا اخرى عربية وعالمية.. الى جانب مقدمة البرنامج، المذيعة فى قناة الجزيرة. الخلفية التى شكلت جزءاً من الديكور فى الاستديو كانت خارطة كبيرة الحجم لقارات العالم ودوله بلون واحد تقريباً عدا الدول العربية .. فقد تم تمييزها عن بقية دول العالم باللون الابيض.. إلى هنا والأمر كله عادى.. ولكن غير العادى.. والذى لفت نظرى.. ان السودان لم يكن ضمن تلك الدول التى لونت باللون الابيض.. أى الدول العربية.. والعجيب فى الأمر ان مفكراً سودانياً كان موجوداً داخل الاستديو ضمن مجموعة المفكرين العرب الذين استضافتهم الفضائية وهو الدكتور غازى صلاح الدين المستشار السابق للرئىس السودانى لشؤون السلام... الذى جعلنى اتشكك في سلامة بصرى ان رجلاً مثل غازي صلاح الدين عرف بالتدقيق وقوة الملاحظة ما كان ليدع مثل هذا الخطأ -اذا كان هنالك خطأ فعلاً- يمر دون تعليق من جانبه.. ثم انتظرت عدة ايام عسى أن اقرأ لاحد كتابنا الصحافيين شيئاً فى هذا الخصوص -سيما الذين اشتهروا بسلخ جلد الناموسة منهم- ولكن خاب ظنى مما جعلنى اشعر بحيرة شديدة: اذن ما هذا الذى رأيته خاصة ان الكاميرا قربت اكثر من مرة «موقع العرب» من خريطة العالم بما يطلق عليه اهل التلفزيون مصطلح «Close up»؟!!.. واذا صح هذا الذى اقوله استناداً على ما رأته عيناى فان من حقى ان اتساءل على خلفية هذه الفرضية: لماذا لم يلحظ الدكتور غازى صلاح الدين عدم شمول الـ«تبييض» العربى لحدود دولة السودان علماً بأنه استضيف فى ذلك البرنامج كمفكر عربى؟!.. ولماذا لم يلحظ ذلك اصحاب الاقلام من الصحافيين السودانيين والذين يفترض انهم -وبحكم مهنتهم وطبيعة عملهم- يلحظون كل شاردة وواردة فيخطون ولو سطراً واحداً فى ذلك؟!... ولماذا لم يلحظ الشئ ذاته اهل السياسة لدينا فيعبر عن سخطه منهم من كان من انصار الانتماء العروبى للسودان، أو يعبر عن احتجاجه لدى العروبيين هؤلاء من كان منهم من انصار الانتماء الافريقانى البحت؟!!.. وحتى بإفتراض ان ملاحظتنا هذه خاطئة من أساسها.. وان هذا الـ«التبييض» الذى رأيته لم يكن الهدف منه ابراز حدود العالم العربى من بين المعالم الاخرى فى خريطة العالم بقدر ما كان الهدف ابراز المناخات مثلاً او أى شئ آخر.. بافتراض عدم صحة فرضيتنا هذه التى بنينا عليها كل هذا الكلام فان «الاشارات» المستفزة لعروبتنا.. أو لعروبة العروبيين منا.. بعدد الرمل والحصى والتراب: كانت اولاها رفض بعض الدول لفكرة انضمامنا لجامعة الدول العربية بُعيد نيل السودان لاستقلاله، ولن يكون آخرها حديث بعض ملوك الـ«هشك بشك» فى العالم العربى امثال راغب علامة ونانسى عجرم حول نسائنا القبيحات وغنائنا الذى لا يشبه غناء العرب.. وعلى الرغم من اننا افصح لساناً فى اللغة العربية من كثير من الذين «يفترض!!» انهم عرب إلا إن «الواقع!!» العربى الذى نراه الآن ليس هو بالواقع الذى يجعل البعض منا يسعى الى ان «يتشرف» بانتمائه له، وكم كان القذافى صادقاً.. وواضحاً.. وجريئاً وهو يقول في البرنامج اياه ان العروبة صارت مجرد تصنيف عنصري ليس لها من مقومات التشريف الانتمائى شئ: لا قواسم اقتصادية، ولا قواسم سياسية، ولا قواسم وحدوية قائمة على الاحساس بالمصير المشترك.. ها هو القذافى العربى القح.. أو العربى حتى النخاع.. والذى شمل دولته الـ«تبييض» العربى حسب تصنيف قناة الجزيرة الفضائية... ها هو القذافى بكل الصفات تلك يكاد يتبرأ من العرب ويتجه بكلياته افريقياً، فى حين ان المشكوك فى عروبتهم منا من قبل بعض العرب.. ومن قبل بعض نجوم الـ«هشك بشك» يصرون على رمى «جتتهم» على العرب كضيوف ثقلاء على البعض منهم... واقول على البعض منهم -وقلتها من قبل- وذلك حتى لا اظلم البعض الآخر الذين درجوا على ان يعاملوننا باحترام.. ويقدمون لنا العون تلو العون.. ويمدون اياديهم بيضاء إلينا رغم «عضنا!!» لبعض تلك الايادي فى فترات سابقة بسبب «لهوجة» سياسية لم نميز فيها بين «صليحنا» وعدونا... لماذا لا نقف وقفة مع النفس -سيما ونحن على اعتاب مرحلة جديدة نسعى الى ان يتمازج فيه الجنوب مع الشمال- نراجع فيها بكل عقلانية وموضوعية و«براغماتية» مسألة انتمائنا العروبى هذه، ونفك فيها الاشتباك بين انتماءين يتجاذباننا: انتماء عربى نسعى إليه ولا يسعى إلينا، وانتماء افريقى يسعى إلينا ولا نسعى إليه؟!!.. وإذا جاز لى ان اضع هذه القضية فى قالب مثل شعبى غير مُحبذ فيمكننى ان اقول «افريقانية مضمونة ولا عروبة مجهجهة» ولا نامت أعين راغب علامة.. أو نانسى عجرم.. أو قناة الجزيرة.... أختم بما بدأت به واقول: إذا كنت مخطئاً في هذا الذى «قلته» فارجو ان اجد من يصوبنى.. وحينها سوف اقدم اعتذاراً لقناة الجزيرة.. ولكنى لن اعتذر عن فكرة التوجه افريقياً لأن القذافى اذا كان قد فعلها -كما قلنا- وهو العربي القح فما بالنا نحن الذين فى عروبتنا «إنّ»!!! أما إذا كانت ملاحظتى فى محلها فاننا نهيب بالجهات المعنية التى غضبت من بعض ما تقدمه قناة فضائية لاعتقادها ان فيه اساءة للسودانيين -وما كنا نرى الامر كذلك- فإننا نهيب بها ان تغضب غضبة اكبر يكون لها ما بعدها، وسوف ندرك حينها ان رئيس الحكومة الانتقالية فى العراق اياد علاوى لم يكن متجنياً ابداً على هذه الفضائية وهو يوقف عمل مراسليها فى اراضى بلده.