(مِيتَةٌ و خَرابُ دِيارٍ)

+ ما أن خلصت مراسم الدافنة حتى قام بصوت جهورى جذاب
يطلب الدعاء والفاتحة (حداشر) مرة لروح (المرحوم) .. ثم أخذ يتلقى العزاء
مع (المتلقين)...ما أن عاد المشيعون من المقابر حتى قام بإرسال أحد الصبية لإحضار
(خرتوش) ثم شرع فى رش أرض الصيوان (والأراضى المجاورة) وكان بين الفينة
والاخرى يضطر لوضع الخرطوش على الأرض مستقبلاً أرتال المعزين رافعاً
معهم الفاتحة : إنتا الزول الطويل اللابس (السكروته) و(النضارة السودا)
القاعد يرش ده مش (الحاج) ود عم لأولاد المرحوم..
- لا والله ما ظنيت ... الظاهر من أهل أمهم الزول دا وجيه بلحيل..
وفى مكان آخر من الصيوان: إنتا يا حاج أبراهيم دحين الزول الطويل البشيلو معاه
الفاتحة و لك شوية يهنق اللابس العمة و(النضاره) ده ما منصور ود خالة المرحوم..
- ما أظن والله يا حاج ... الشبه ده شبه اهل ابوهو و يخلق من الشبه 40..
بعد أن إنتهى من رش الصيوان إتجه نحو حفاظات الماء للتأكد من وجود الثلج
ولما وجد انها لا تحتوى على ثلج بان عدم الرضا على قسَمات وجهه وصاح فى
أحد الصبية وهو يخرج (رزمة قروش) من جيبه:
- تعال يا ود هنا ... شوف ليك (ركشة) أجري طيران جيب ليكا خمسة ليحان تلج..
بعد أن إنتصف النهار وجاء وقت الغداء .. وقف يحث المعزين على الجلوس لتناوله:
- يلا يا جماعه قربو على الصينية دى! ... لا .. لا يمين تقوم تغسل إيدينك!
ثم بعد أن يتأكد من أن الجميع حول الصينية قد أخذوا أماكنهم الطبيعية يرفع (راسو)
فى عملية إسكاننغ (مسح ضوئي) للصيوان ثم يصيح بلهجة آمرة وهو يشير نحو
مكان آخر فى الصيوان: يا ولد ودى صينية لى (أعمامك) ديلك هناك!بعد أن جلس
الجميع (يأكلون) فى صمت أخذ يتجول بين (الصوانى) يتفقد (الناقص):
- يا ولد جيب ليكا شوية رغيف زيادة هنا!
- يا جماعة ناقصة ليكم حاجه ، ما تختشو الخير باسط؟
- يا ولد جيب ليكا صحن (دمعة) لأعمامك ديل ، ما تخلوهم يحقِّ[و يدينم من الأكل
- يا ولد كلمم يجهزو التحليات و الجبنات و الشواهى.. انا عارف في ناس بتتقريف
+ يلا فى اللحظة التى تأكد فيها تمامن أنو الجميع يتناولون الغداء (وما ناقصاهم حاجة)
إتجه نحوه إبن المرحوم وهو يشير إلى أحد الصوانى (الجات مؤخراً) و يقول له:
- خلاص يا حاج الناس دى كووولها قعدت يلا أقعد إتغدا زاتك بعد ده ..
- الغداء يا خوي ملحوق النشوف الناس دى الناقصا شنو.. ونحن أهل الجلد والراس
بعد إنتهاء (الغداء) إتجه (إبن المرحوم) نحو (غسالة الأيادى) فتبعه للتأكد من
وجود (صابون للغسيل) أمام (الغسالات) ولما لم يجده أدخل يده فى جيبه
واخرج ورقة (أم عشرين ألف) وه تف فى أحد الصبية:
- أمشى يا ولد جيب ليك خمسة صابونات (لوكس)..
ثم أمسك بيد إبن المرحوم وانتحى به جانباً:
- إنتو ح تعملو (كشف) مش كده!
لم ينتظر الإجابه فقام بتوجيه حديثه لأحد (الصبية):
- خد يا ولد أمشى جيب خمسة صابونات لوكس وكراس وقلم!