|
Re: هذا الشرخ...أو الطوفان. (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
الصور عن الآخر و تمثّلات الآخر(أي الصورة البديلة عنه) كثيرة ..ويحفل التاريخ منذ ما قبل المهدية بكثير منها..ولكن الأدهى أن يظل ثابتا وموجودا بل و يزداد رسوخا طوال كل هذه السنوات.. ساحاول أن أضرب بعض الأمثال على هذه الفجوة والشرخ من خلال وجود التصورات المتباينة: فيما يلي تصوران عن أهل البحر على لسان يوسف ميخائيل الذي نشأ في غرب السودان منذ طفولته. ورد ذلك في مذكراته
يقول عن أوَّل مجئ الإمام إلى كردفان، واجتماع الناس إليه زرافات ووحدانا: "كان الشيخ محمد أحمد جميل الصورة حلو اللسان فصيح في الكلام له جاذبية في الناس. والمعلوم عندنا نحن [أهل] كوردفان أي إنسان يحضر من البحر (يقصد نواحي النيل) كأنه حضر من بيت المقدس الشريف، أو مكة المشرفة، كونه لسان أهل البحر طلق ورطب، وجلدهم أملس. وعموم أهل كوردفان وحولها إلا باره الجسم خشن واللسان تقيل خصوصاً في اللغة العربية، والأسما الوحشة من حِمِّير "ولد حمار"، ومَنْ يقول: "أنا اسمي أبو جعيرين"، ومن يقول "أنا اسمي دحيش، والكليب النكدرو"، وهلما جرا. ناس متوحشين غير أنهم في الكرم والجود أجود من أهل البحر، وأكرم منهم طاقات إذا كان نزلوا ضيفان عند أي واحد منهم، سوى كان عشرة أو عشرين يكرموهم غاية [الكرم] ويفتخروا بالجود، حتى النساء إذا نزلوا عند واحدة حرمه كتير أو قليل تزيد في إكرام الضيوف. وأما أهل البحر وخصوصاً أهل الجديد أو الحلاوين أبخل من كلبت يزيد، إذا نزل الضيف تفادو منه، وعندما ينظروا أي ضيف قادم عليهم يسدوا باب البيت، إلا تقعد في ظل البيت تأخذ راحتك، وتعجل بالسفر. وما زال هذا الكرم عندهم .. إلا عندما ظهرت المهدية من نهب الأنصار ارتفع الكرم" (ص 42 ـ 43)."
****(مذكرات يوسف ميخائيل ـ التركيَّة والمهديَّة والحكم الثنائي في السودان، شاهد عيان، تقديم وتحقيق د. أحمد إبراهيم أبو شوك، مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي بأم درمان 2004م)؛
|
|
|
|
|
|