|
Re: فايز السليك : وعن عمالتي أروي (Re: حيدر حسن ميرغني)
|
عدتُ إلى الخرطوم في نهاية العام ٢٠١٩، بغرض انتاج فيلم وثائقي عن ثورة ديسمبر، إلا ان سوء حظي، أو ربما حسنه أغرق كاميرا التصوير الوحيدة داخل إحدى ترع مشروع الجزيرة، وللمفارقة تحمل الترعة اسم الانقاذ، حيث افتتح المخلوع البشير حفرها كإنجاز، لكنها بقيت مثل ” عارضٍ لئيم”!.. غرقت الكاميرا الموضوعة داخل عربة شقيقي الأصغر مؤيد، ففقدنا الكاميرا والعربة، فتجمدت الفكرة إلى حين ميسرة، ثم التحقت بعدها بمكتب رئيس الوزراء مستشاراً إعلاميا، للمفارقة يخرج أحدهم ليصفني بالكذب، لم تكن الوظيفة سراً، ولا كانت في مؤسسة في بلاد الواق واق، ولا أدري هل لم يسأل نفسه؛ بأي صفة كنتُ أتحدث في الفضائيات وأصرح إلى الصحف، وأشارك في اعداد خطابات رئيس الوزراء، منذ دخولي المكتب و حتى خروجي منه بعد أخر مؤتمر صحفي عقده في شهر فبراير ٢٠٢١لإعلان التشكيل الوزاري الجديد، وضجت الصحف والأسافير بعد ذلك بخبر إعادة هيكلة المكتب وكنت أنا من الخارجين!لو كنت أرضى بسهل الخيارات والسباحة مع التيار، لما اخترتُ طريقاً وعراً حيث بدأتُ عملي المهني بالتعاون مع صحيفة ” الشرق الأوسط” ومطبوعاتها ” الاقتصادية” و ” المسلمون” في وقت كان النظام الإسلامي في قمة تطرفه وسعاره مع الخصوم، يسمي الصحيفة ” خضراء الدمن”. التحقتُ بعد ذلك بمكتب صحيفة ” الخرطوم” خلال تأسيسها الثاني، حيث كانت الصحيفة تطبع في القاهرة في بداية تسعينات القرن الماضي، بينما كنا نعمل نحن في مكتب الخرطوم، وهو المكتب الرئيسي ، بل هو شريان وقلب وأكسجين الصحيفة، وتشرفتُ بالتتلمذ على يدي أساتذة أجلاء، على رأسهم صديقي محمد راجي، ومحمد عبد السيد، واستفدت منهما الكثير، كما زاملتُ دكتور مرتضى الغالي، وصالح علي، ومعتصم محمود.لم يستطع النظام الإسلامي، صبراًـ مع الصحيفة، فلم يترد في اغلاق مكاتبها وتشريد العاملين بها،، فكان أن قررتُ السفر الى اسمرا، بعد تحرجي مباشرةً من جامعة الخرطوم واكمال دبلوم عالي في العلاقات الدولية. كان الزمان بؤساً، وكانت خرطوم التسعينات أشبه ببقة طالبانية، اللحي المستعارة، الهوس الديني، المطاردات ما بين الخليفي ومسجد أنصار السنة، ومنزل أسامة بن لادن، وكان الزمان تطرفاً وارهاباً وسياط الجلادين تلهب ظهور نساء بلادي خلال عهود التيه والعزلة، وسيطرة بنية الوعي التناسلي المتخبية في قياس طوال الخرق التي ترتديها النساء، وأزمنة الأعراس والزفاف إلى الحور العين!.
|
|
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/icon_edit.gif)
|
|
|
|
|
|
|