|
|
 Re: في ذمة الله رئيس النادي بسلطنة عُمان - مسق� (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
*حنانيك أبا هايدي،*
*حنانيك!*
-الزاكي عبد الحميد أحمد-
أيُّها المتخَرِّق في العطايا..
يا سمح اليد..
يا عفيف اللسان،
يا إنسان!
يا وضيء الابتسامة لِمَ رددتَها خائبةً وهي التي تستقي من لينك طاقتَها، ومن لطفك حرارة حميميتها لأفراخها!
لِمَ أبكيتَها؟
حنانيك عليها يا *أبا خليل* حنانيك؛
حنانيك..
هي ذات العصافير الملونة، التي تاتيك لتحية الصباح كل يوم!
إنها توضأت، كعهدك بها، بالصباحات البتول، ونفضتْ عنها الندى، وسارعت طيرانها لتحط حيث أنتَ..
لكنها فُجِعت، فبوابة النادي الذي أنت قمره متشحة بسواد قاتم..مصراعاها مغلقان..
مات الفأل في مآقيها..
وُئدت زقزقتها في عمق سحيق فما لشدوها بعد اليوم طرب.. ولا لترانيمها، ايقاعها المدوزن بالمرح الدفاق..
ايها الرجل المدجج بحب الكائنات لِمَ غبتَ عنها ورددْتَها حزينة؟
لِمَ جعلت العصافير الملونة، تتحسس
ردهات روحها، لتجد الغياب يلفها..
لقد فقدت عذوبة حديث فاكهة المجالس..
فقدت ألق البسمة الوضيئة الأركان،
ذلك عن الباحة، غاب قمرُها الذي كانت تستفيء الظل في رحابه...ها هي ذات العصافير الملونة تؤوب إلى أوكارها مكسورة الخاطر، موجوعة الأبدان، بحزن موؤود في ثناياها..فلِمَ أبكيت مآقٍ لم تكن تعرف التذراف!
يا أبا خليل،
أيها الرجل المدجج بكرم الأخلاق، والسلوك القويم كأني بك تردد مع *جدك النوبي الأول، الباذخ السيرة* ابتهالاتِه، ومن غيرُك، يا ترى، خليقٌ بترديدها:
*جئتُك يا إلهي متحلياً بالحق..*
*متخلياً عن الباطل..*
*فلم اظلم أحداً..*
*ولم أسلك طريق الضالين..*
*لم أحنث-يا إلهي- في يمين..*
*ولم تضلني الشهوة،* *فتمتد عيني لزوجة أحد من رحمي...*
*ولم تمتد يدى لمال غيرى..*
*لم اقل يا إلهي كذباً..*
*ولم أكُ لك عاصياً..*
*لم اسع للايقاع بعبد عند سيده..*
*إني-يا إلهي-لم اجِع احداً..*
*ولم أُبْكِ أحداً..*
*ما قتلتُ، يا إلهي، وما غدرتُ..*
*بل وما كنت محرضاً على قتل...*
*إني لم أسرق من المعابد خبزَها..*
*ولم أنتهك حرمةَ الأموات..*
*لم ارتكب الفاحشة..*
*ولم ادنس شيئاً مقدساً..*
*إني، يا إلهي، لم اُبِعْ قمحاً بثمن فاحش..*
*ولم أطفف الكيل..*
*إني، يا إلهي، طاهر..إني طاهر..إني طاهر..إني طاهر..*
سمعتُك يا صديقي، ترددها وابتسامتك تعتلي شفتيك..
فالسلام لك وعليك، يا من رحلتَ وإرثك السلوكي باق بيننا ما بقي الزمن..
توسّد يا أبا خليل ذلك التراب:
ترابك،
ولتؤانسك العصافير في وحشتك والملائك..
ياتي النيل مجلسك،
تخطب ودَّك الصحراء،
وتفيئك أشجار النخيل،
فقد توسدتَ القلوب جميعَها،
وهزمتَ الموتَ بابتسامتك، حتى وأنت تغمض عينيك اغماضتها الأخيرة والأبدية..
أبيتَ يا أبا هايدي، على نفسك التنزّل عن علياء المبدئية في القيم المطلقة إلى تخوم النسبية، إذ لا نسبة في تلك القيم، وعلى رأسها الحق.
*كل ابن أنثى وإن طالت سلامته* لا بد أن يُحمل على أعواد المنايا، ويستبدل بظهر الأرض بطناً..
غير ان البرهان على خلود الانسان في هذه الدنيا، ليس عضوياً، إذ أن بعض الناس، باسهاماتهم في الحياة، يتحدَون فكرة الغياب والزوال، ويحوِّلون الموتَ إلى محض مجاز لغوي، فإسهامهم يفيض عن مساحة قبورهم، ويزيدهم حضوراً ساطعاً بين الأحياء، كلّما أوغلوا في الغياب..
يا صديقي، كنتَ عن جدارة واستحقاق، من هؤلاء بسلوكك القويم وبتلك النفس الوضيئة، وبتواصلك الحميم، مشاركاً ومساهماً في أفراح أبناء الوطن واتراحهم، في تجرد للحق واعراض عن المزالق، ممسكاً بدينك، متبصراً به، مداوماً على عبادة ربك، كنتَ يا صديقي، مثالاً مشرفاً للسوداني في بلاد الغربة..
فوداعاً يا رجلاً مدججاً بقيم الإنسانية..
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
حيدر امين
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست