/ نُقطَة .. صَبُــــر جديــــــــــــــــــــــــــــــــــد/

حكاية الود نميري
(فلسفة وجودية قائمة بذاتها ، تصالح مع النفس ومع الكل ، روح نقية بلا ضغائن)

من زمن سغرتب عندينفصخو كضابة ، و لا ارض بسوى العلامة الكاملة في كل شيء
في العلاقات بيني وبين الناس برضو بحب إنو صاحبي يكون بالطريقة الدايرة أنا حتى لو
يبقا زي السحلية يتلون زي ما انا داير بس الحاجة دي برضو بقت ماشة معاي في شكل البيت
حقنا يكون كيف وفي الفريق البشجعو لازم يكون غالب طواليلو حصلت حاجة تنقِص من العلام
ة الكاملة بتبقا عندي مشكلة كبيرة جداً وبخش في حالة هياج وسخط ورفض مزعجة لكل الناس
الحواليني وخاصة أبوي الكان دايماً يحاول يرجعني من عملية السخط دي بطريقة هادية ووديعة
ويذكرني بانو الزول كان نقص درجة في الامتحان دا مامعناهو نهاية الحياة بس بتكون عترة
صغيرة بتصلِح المشية وكنتا بلاحظ إنو بقول عبارة كدة متعجلة (ياحليلك يانميري) وبما
إني مابعرف في حياتي غير اتنين بس شايلين
إسم نميري كنتا بسكت ومابسألو هو قاصد منو
نميري الأول هو الرئيس بتاعنا في الزمن داك
ونميري التاني هو الود المساعدي حق اللوري بتاع جارنا عبد التواب
السواق السكرجيوالسكرجي مانبذة بقدر ما إنها كلمة بتجي ناطة مع إسم
عبد التوابأنا بالتحديد إتخلصتا من مشكلة العلامة الكاملة بعد ما إتخرجتا من
الجامعة بي خمسة سنة وودوني الأبيض اشتغل في شركة هناكأها نميري
الرئيس كان نزل من كرسي الحكم ليهو سنتينو نميري المساعدي بتاع
اللوري كان مشى يشتغل في الابيض وعمل ليهو دكان هناكوعبدالتواب
السكرجي كان خلاص تاب ونفض نفسو من العرقي ومشى مات
.
+ في الأبيض وأنا شاقي السوق كموظف وسيم وناجح وجايي من الخرطوم حسيت بي يد
خشنة إتكت على كتفي وزول بكورك لي بي نفس خشونة اليد إتلفتا لقيت الزول ببحلق فيني
ــ الفاتحة علي روح الوالد
ــ الفاتحة
ـــ والله سمعنا بي وفاة والدك علة قاعد براي في الدكان ومالقيت زول يقعد لي عليك الله أعفى لي
ــ العفو
الوكت دا حسيت بي إني في قمة التواضع وأنا بتكلم مع زول ساي يدينو خشنات وصوتو
أجش لكن برضو الزول عرفني في مدينة بعيدة وشال لي الفاتحة في أبوي المات قبل أقل
من شهر ف قلتا النجاملو شوية أها سألني
ــ أظنك ماعرفتني
رديت عليهو بي ابتسامة جافة وساخرة أبداً والله
ــ أنا نميري الكنتا ساكن جمبكم في أمدرمان نميري المساعدي الشغال مع المرحوم عبد التواب
السكرجيلما نطق بالاسم الغريب دا إتذكرتو مع إني عارف بإنو ما الزول الكان بستحق مني حبة
اهتمام مجرد واحد شغال مساعدي في لوري لكن كترة ذكر ابوي لهذا الاسم خلاني أتوقف عندو شوية
ــ آي إتذكرتك ياعم نميري ( الفرق العمري بيناتنا كان أقل من خمسة سنة بس لكن اللهجة الإستعلائية
كانت عندي محتاجة شوية تقذيم في حتة العمر ودا كنتو بعتبرو شي أساسي في المفاضلة مابيني وبين
المخلوقات السيئة الحظ زي نميري)
ــ خلاص ياعادل أنا ساكن ورا البيت دا بيتي قدامو شدرة نيم كبيرة وزيرين
كان يوم لقيت نفسك فاضي تعال لي ثم أضاف مش إسمك طارق
ــ أيوة وكان لقيت طريقة بجيك
مشيت مشواري وكنتا عارف إنو الزول دا رغم وضاعتو عندي مفتاح من المفاتيح الضايعة لي كلام أبوي لما كان بقول لي
ياحليلك يانميريتمر الأيام ولغز الإسم يلعب في راسي والفراغ يملاني من كل الإتجاهات وألبس جلابيتي الجديدة والمركوب
حق النمر والساعة السيكو والعطر الماخمج ودا كلو شان أوري نميري إنو أنا جيتك زيارة لأنو فيك ريحة أبوي ورغم دا لازم
تعرف إنو في فوارق كبيرة مابين شخصيتك الشربانة وغبشة رغم طيبتا وشخصيتي الكبيرة الجامعية الوجيهة وطبعاً ماكنتا
عارف الحاجة المخبيها لي القدر لأنو نفس الشخصية الدميمة الكنتا قاعد وراها دي والمتعايش معاها قدرت تفلت مني
للأبد وترجعني زي ماكان بقول ابويماكنتا عارف إنو القناع الكنتا لابد وراهو كل السنين دي غلاف تافه ورخيص وشراد
ــ أزيك ياعم نميري
الزول قام من عنقريبو الخاتيهو جمب الدكان زي اللسعتو عقرب لدرجة إنو نسى يمسح يدو من الفول
الكان بياكل فيهو وراح يصافحني بصورة حيرتني وخلتني اشفع ليهو لطخات الأكل الاتكت فوق يدي
ــ إزيك ياخ إزيك كيفنك انشاء الله عافية وفي اللحظة جات لطخات فول تانية في كم الجلابية البيضا وبرضو غفرتها ليهو وقعدتا
المهم الزول أكرمني وخلاني آكل معاهو عيشتين كاملات وبعد داك الشاي والجبنة والونسة
ــ عندي سؤال يانميري أنا أبوي كان طوالي لما أزعل بقعد يهديني وبعد داك بقول ياحليلك يانميري اظنو كان قاصدك إتاالزول
عاين لي مسافة وقعد يضحك ضحك شديد وببراءة مدهشة
ــ ياحليل أبوك كان عارفني من ماولدوني ماعندي حاجة تزعلني
ــ ليي يانميري ماقاعد تزعل
ـــ والله ياطارق الحكاية طويلة خلااااص أصلن أبوك دا أنا زماااانك كنتا بمسكو قروووشي إتا براك عارف
عبدالتواب رغم طيبتو كان جنو سكر وبشيل القروش كلها يوزعا للناس لمن السكرة تنعدل فوق راسو
ــ وإتا القروش ماكان تديها لي أمك أو أبوك اشمعنا عبدالتواب وأبوي
مرت سحابة حزن سريعة في وش نميري وبعد داك إبتسم إبتسامة كبيرة وقال لي إتا ماعارف حاجة ساي
أنا أمي وأبوي هو السكرجي دا
ــ كيف يعني
ـــ أنا ياطارق بحكي ليك بس عليك الله أغفر لي وماتزعل مني لأنك هسة مافي الحلة عشان
تزوغ مني ولأني ما اتعارفتا بيك إلا في المدينة دي وإتا بعيد من أهلك
ــ يانميري ياخ عافي ليك بس وريني الحكاية

+ طيب هاك أسمع أنا الحاجة البتذكرة إني لقيت نفسي جمب الباب ف شنو وقفتا ألعب بالطبلة حقت الباب
أدقها بالحجر وأقعد أسمع في الصوت وطبعاً ماكان عندي شغلة بالليل ولا بالضلام كنتا بلعب ساي بس بالطبلة
حتى البرد حق اليوم داك ماكنتا شغال بيهو ولا كمان شغال بي لساتك الكارو الختتني هنا لمن مشت راجعة كنتا
بدق الطبلة بالحجر شان اسمع الصدى وكان عمري زي سنتين بس آي سنتين دا الكلام القالو لي السكرجي لمن سمِع
ناس الجامع بتكلمو معاي وأنا ماعارفن بقولو لي شنو بس فيهم واحد نطة وأشر علي (علي الطلاق بكون ود حرام
جدعو هنا وأنا ماعندي معاكم شغلة ولا زفت) وفعلاً طلعو ناس الجامع كلهم ماعندهم معاي شغلة ولا زفت وقفو
وسبحو شوية وركبو نعلاتم ومشو وأنا الشمش حقت الصباح كشفتني قدام خلق الله زول بس واقف في عتبة الجامع
ماعندو دليل لي أهلو غير كارو جات من حِتة بعيدة ختتو وإدست ورا الضلام وبقت سر مجرد سِر مامفهوم
السكرجي الأيام ديك كان سايق بص حق مواصلات صحا الصباح بدري واتوكل علي الدايم وجا راجع المسا
وقبل مايشرب عرقيهو سأل الناس عن موضوع أمبارح قالو ليهو وليد الحرام لسة قاعد في الجامع ومافي
زول عندو معاهو شغلة وجا هناك وقف قدامي عاين لي وجراني من إيدي ومشي بي لحدي العربية ختاني
فوق أكلتا شنو ياولد وأنا حركتا راسي ما أكلتا حاجة جرى جري ناحية عينو علة الدمعة بقت أسرع منو
ووقعت فوق جلابيتي اللآبسة (بعد كم سنة سألتو عن دمعتو الوحيدة ديك ليي ماقدِر يحصلا قال لي يا
كان أفكك تقع من يدي يا أخلي الدمعة تقع وإخترتك إتا ياولد)
يد عبد التواب الجرتني ناحية البيت هي نفس اليد الظلت جاراني لي مدة تلتاشر سنة
وعبدالتواب خلا بيتم عشاني ومشينا سكنا سوا لحدي مابقيت كبير واشتغلتا معاهو
ــ أها يانميري إتا ماقاعد تتذكر ناس أمك
ــ كيف ياخ الليلة إتذكرتهم وقلتا في نفسي هسي بكونو بقو كباااار واحتمال يكونو محتاجين لي أقيف
معاهم بس تقول شنو ختوني جمب الجامع ومشو كانو مستعجلين خلاص وقعد يضحك ضحكة خافتة
بس داير أقول حاجة ياطارق ود الحرام دا أماتو بكونو كُتار خلاص أي واحدة تضحك ليهو بتقا هي
أمو وأي واحدة تديهو حاجة برضها أمو أماااااااك جنس أمات يحيروك عديل كدا تتصور لمن
اشتغلتا في البرينسة مع عبد التواب أي مرة كبيرة تكون ماعندها حق المواصلات بدخل
يدي في الجيب الوراني وبدفع ليها من قروشي (الواحد بتخيل إنها أمو)
ــ طيب يانميري ماحاسي إنو حظك في الحياة كان كعب
ــ كعب بتاع قلبك ياخ أنا أكتر زول محظوظ ياخ كان ممكن يرموني وانا عمري
يومين بس شان أبقة وجبة للكلاب .. الناس ديل صبرو لي لمن كبرتا بعد داك جدعوني
ـــ لو لقيت أمك بعد الزمن دا حاتقول ليها شنو
ــ والله في كلام كتيييير ممكن أقولو ليها بس أول حاجة حا أقولا ليها يايمة بعد ماجدعتيني
لو قلبك حنّ علي ومشيتي فتشتيني ومالقيتيني عليك الله أعفي لي لأني مامندس
ي منك بس ماعارف القاك وين لأني لو متذكر مكانك ولا عارفو كان جيتك
بعد زيارة نميري قدرتا أعرف يعني شنو حياة وليه أبوي كان بردد العبارة :
يا حليللك يا نميري
+ الأطفال مجهولي النسب ما ليهم سوى الله
ثم أمثال ذلك السكرجي الإنسان العرضان وشات ما بينه و بين ناس
عاملين فيها حمامات الجامع ومتلما قلو "أرجي سفيه و لا ترجي عاطل"