|
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
محمد عبد الله الحسين اخى الغالى والله طال علينا فراقكم والله ياغائبين واهديك كل طائر مرتحل عبر البحر قاصد الأهل حملتو أشواقي الدقيقة صة أغنية تعتبر من أروع وأجمل الأغاني السودانية التي شكلت وجدان المستمع وما تزال تؤدي دورها ويدور كاسها في العديد من المناسبات بكل أريحية وجمال كأنما لم تكتب في بواكير ستينيات القرن الماضي..
أغنية امتحان
أغنية (قصتنا) تعتبر شامة على خد الأغنية السودانية ليس لأنها تتميز بأسلوب لحني متفرد أو رقة كلماتها وروعة معانيها بل لكمية الحنين الدافق الذي سكبه العملاق عثمان حسين في تلك الأغنية حتى قيل إن الأغنية السودانية إذا كانت وردةً (فقصتنا أريجها وعبقها)، بالإضافة إلى ذلك كانت الأغنية تُقدم لامتحان عدد من المطربين الصاعدين لمعرفة قدراتهم التطريبية والأدائية لما في الأغنية من تفاصيل لحنية وموسيقية متفردة إلى جانب أن الأغنية تختبر كل المقدرات الصوتية في الجوانب الأدائية المختلفة لعدد من المقاطع ضف إلى ذلك أن الأغنية يقف خلف آلاتها الموسيقية عدد من عباقرة الألحان والأنغام وكبار كباتن الآلات الموسيقية المختلفة أمثال العملاق عبد الفتاح الله جابو (كمنجة) وعربي (كمنجة) وحسن ساكس (ساكس) وعبد الحى (اكورديون) وعوض رحمة (كمنجة) وعلى الايقاعات (كُتبه) وخميس مقدم ومحمد جبريل (جيتار)…الخ وبقية العقد النضيد فقد علّق احد النقاد الفنيين قائلا لماذا يضع عثمان حسين فرقة موسيقية لعازفين جميعهم أساتذة ومدربين في آلاتهم الموسيقية إلى جانب آلات أخرى.
ميلاد قصتنا
كتب الشاعر الكبير حسين بازرعة تلك التحفة الإبداعية الرائعة بالمملكة العربية السعودية بمدينة جدة وذلك عندما كان جالساً أمام شقته المطلة على ساحل البحر الأحمر فبدأت نيران الغربة تلتهم أحاسيسه الرقيقة إلى أرض الوطن مما جعله يناجي الطيور المهاجرة والهائمة بوجهها محلقة على سواحل وشواطئ البحر الأحمر في شكل أسراب وجماعات ليناجيها ويتوسل إليها ويستحلفها ويقول (كل طائر مرتحل عبر البحر – قاصد الأهل- حملتو أشواقي الدفيقة – ليك ياحبيبي للوطن لترابه لشطآنه للدار الوريقه)، بعد فترة وصل توأم روحه عثمان حسين وذهب إليه في جدة وقال له هل من جديد؟ فأخرج بازرعة تلك الأغنية فتأمل عثمان كلماتها تأمل الشفيف المرهف القادر على استخراج أروع الألحان إذا ما لاقى النص صدى حسياً في دواخله وبالفعل أعجب بها أيما إعجاب وكعادته عندما كان يستلم عملاً جديداً من بازرعه يقوم بمراجعته معه وتعديل بعض الأبيات وربما حذف منها وذلك بالتوافق بين الاثنين إلا أن بازرعة رفض في تلك الأغنية تحديداً أن يحذف لعثمان حسين شيئاً أو يعدله فقال له،(قطع أي جزء من تلك القصيدة أو تبديله يعني قطع جزء من أحاسيسي ومشاعري وتبديلها تجاه تلك الكلمات التي كتبتها بصدق اللحظة ونبض الحس الداخلي)، فاحترم عثمان حسين رغبته وقام بتلحينها فوراً كما وُضعت.
رهافة عثمان حسين
قدم عثمان حسين الأغنية بالإذاعة السودانية في بواكير ستينيات القرن الماضي وكانت حدثاً في الساحة الفنية لأنها طغت على كل الأحداث الفنية في تلك اللحظة فقد قيل إن الأغنية ولدت كبيرة وذلك لأنها جاءت مكتملة الأركان من حيث اللحن والتوزيع والكلمات والأداء. استطاع أبوعفان بأدائه العاطفي الرفيع أن يجعل من كل بيت من أبيات القصيدة مناسبة عاطفية فريدة فعثمان حسين لم يكن يلحن الكلمات فحسب ولكنه كان يلحن الأحساس الذي كتبت بها الكلمات ويلحن المعاني قبل العبارات فتأمل كمية الوجد والشجن عندما يقول (كانت وهم كانت دموع) وشكل العبرة التي تتملكه وكأنها تخنقة وتخنق من يسمعه قبله لأنه إحس وأجاد فأوصل وأصاب الدواخل. وقيل إن الأغنية كانت سبباً رئيسياً إلى أن يرجع عدداً مقدراً من المغتربين لأوطانهم بعد أن ذرفوا دموعهم مع كل طائر مرتحل عبر البحر، المتأمل لشكل بداية أغنية (قصتنا) يلمح ثراءً إبداعياً متفرداً لأبعد الحدود وذلك للمقدمة الموسيقية المتميزة والتي كان العازفون فيها كأنهم يهدهدون على الآلات هدهده ليقوموا بتنويم خديج غض الاهاب على مهده وذلك نسبة لكمية الروعة المنسابه في تدفق حانٍ ورخيم على أن تأخذ كل آلة دورها في ذلك المحفل الإبداعي العظيم وتتمنى أن لو أن تستمر الوصلة الموسيقية هكذا ولا تنقطع أبداً ولكن عندما يأتي صوت عثمان من الخلف تسابق حنجرته الآلات الموسيقية إبداعاً وتطريباً وينفعل بهدوء ويشدو في مقدمة فريدة قائلا: (بالمعزَه.. بالموده البينا بأغلى الصلات – بالهوى العشناه بأعصابنا خمسه سنين ومات) حينها تحس إنك انتقلت من روعة النظر إلى تاج الزهرة إلى أن تستنشق عبقها وأريجها الفواح) ضف إلى ذلك روعة الانسجام بين الأوركستر مع الأداء وكأنما جاءت (قصتنا) سجالا أو تناسقاً ما بين أبوعفان والأوركسترا فاحترافية الأوركسترا العالية وروعة أداء عثمان المتفرد يعطيك إحساساً أن لو إذا جاءت الوصلة الموسيقية بلزماتها وصولاتها تتمنى ألا تقف وإذا شدا عثمان حسين تتمنى أن يصمت كل شيء حوله ويشدو وحده.
بازرعة يزرع الإبداع استطاع بازرعة وبكل عبقرية أن يزاوج مابين العامية والفصحى في (قصتنا) وذلك من غير أن تطغى العامية على الفصحى ولا أن تفقد الفصحى فصاحتها ليخرجا في هجين بلاغي متفرد لاستخراج مفردات في قمة الروعة والإبداع بعد تلك المزجة وهى تماماً كأن تمزج وتزاوج ما بين زهرتين باريجين ونفسين مختلفين لتتنسم عبق هجين عطري في منتهى الروعة والجمال، فأنظر عندما يمزج ويقول (انا شلت من اجلك هموم الدنيا قاسيت من جراحها وكل ضيقها) فكلمة (شلت) موغلة في العامية السودانية فيقفز في أحد الأبيات الفصيحة ويقول: (كانت وهم – كانت دموع مسفوحه بأحرف أنيقه) لتأتي كلمة (مسفوحة) الفصيحة في قالب واحد مع العامية (شلت) ليتعايشا سويا في تداخل منسجم وتعايش إبداعي في قمة محراب النص، وإذا اردت أن تصعد الى سدرة منتهى الرهافة والإبداع فانظر إلى أدوات القسم والاستحلاف لبازرعة وهو يتقطر رقةُ ويتدفق حنيناً ويحلف (بالمعزة البينا باغلى الصلات- ويقسم بالموده – ويستحلفك – اترك سبيلي وسيبني وحدي أقاسي وابكي مرّ الذكريات) وإذا تحدثنا عن مربع كل طائر مرتحل عبر البحر قاصد الأهل تحس بأنها قصيدة أخرى داخل قصيدة جاءت لتخلق توأمة حسية وإبداعية مع بقية أبيات القصيدة أما عن الأخيلة والاستعارات في (قصتنا) فانظر للمقطع القائل (لوضباب الغيرة أعماني وزيف لي الحقيقة) لا نجد أجمل من أن نصف انعاكاسات ماحول الغيرة إلا بالضباب وعندما جعل بازرعة للحقيقة ضباب هو يعلم ويعي بأنه يشير إلى عدم الشفافية والصراحة والوضوح في عدد من المواقف العاطفية، المد البلاغي والإبداعي في أبيات بازرعة لا تحده حدود رغم أنه يسأل في ختام (قصتنا) ويقول (هل تصدق تنـتهي قصتنا يا أجمل حقيقه) نحن نقول له من كلماته (لاوحبك) لن تنتهي لاوحبك ياحبيبي لن تكون أبداً نهاية.
في رحلة ذكريات للوطن والأحباب ...
الغربة تجعل الإنسان أكثر شفافية وصدقاً مع نفسه ... تجعله يشعر بقيمة وطنه
... ويكون في حالة حنين و ارتباط دائم بكل ذرة من رمال الوطن ..
عندما يسترجع المغترب شريط ذكريات الماضي الجميل مع الأهل والأحباب
فإنه يشعر بأن هذه الذكريات سكين تقتله وتمزقه في اليوم ألف مرة و مرة ....
عندما يكون الشخص بين الأهل والأحباب فإنه يري الدنيا واسعة ...
وكل ما فيها جميل ومبهج ... وعندما يصبح في قبضة الغربة والوحدة ...
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-03-22, 11:09 AM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-03-22, 11:11 AM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-03-22, 11:12 AM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | محمد عبد الله الحسين | 08-03-22, 11:27 AM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-03-22, 11:49 AM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-03-22, 11:51 AM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-03-22, 11:53 AM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-03-22, 11:57 AM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-03-22, 11:59 AM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-03-22, 12:04 PM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-03-22, 12:06 PM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-03-22, 12:12 PM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-03-22, 12:18 PM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-03-22, 12:20 PM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-03-22, 07:24 PM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-03-22, 11:40 AM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-03-22, 11:44 AM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | محمد عبد الله الحسين | 08-03-22, 11:58 AM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-03-22, 12:24 PM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-03-22, 12:26 PM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-03-22, 12:29 PM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-03-22, 12:31 PM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-03-22, 12:32 PM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-03-22, 12:36 PM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-03-22, 12:37 PM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-03-22, 12:40 PM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-03-22, 12:43 PM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-03-22, 12:54 PM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-03-22, 12:58 PM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-03-22, 12:59 PM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-04-22, 06:38 AM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-04-22, 07:14 AM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-04-22, 07:16 AM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-04-22, 07:27 AM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-04-22, 07:33 AM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-04-22, 07:35 AM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-04-22, 07:37 AM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-04-22, 07:53 AM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-04-22, 07:42 AM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-04-22, 08:16 AM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-04-22, 08:18 AM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-04-22, 08:32 AM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-04-22, 08:35 AM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-04-22, 08:37 AM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | علي عبدالوهاب عثمان | 08-04-22, 09:49 AM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-04-22, 01:23 PM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-04-22, 01:29 PM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-04-22, 01:38 PM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-04-22, 01:41 PM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-04-22, 01:49 PM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | مصطفى نور | 08-04-22, 01:59 PM |
Re: العصافير والطيور فى الاغانى السودانيه | Ahmed Yassin | 08-07-22, 06:46 AM |
|
|
|