سَلاماتْ، بروفْ حَسَّاسْ مُحَمَّدْ حَسَّاسْ

منذ التهامي لقُصاصات تلك الدراما فائقة الواقعية في ليلتي
تلكَ و انا ضيفٌ عابرٌ على عمنا "مختار " وأنا في حالة بحثٍ
دؤوبٍ عن نسخةٍ الكتروينة لها إلى أن وجد ضالتي في بضع
قَطَفاتٍ منها على صَفحات (Sudanese-Off-Line).
+ فعندما يذهب أحد أهالينا مغاضباً لى جوار يقه الاعلى..فلا تألو
النساء على أنفُسهنَّ جهداً في الردحي و لطمِ الخدود وشقِّ الجيوب
و رفع أكفِّ ا لضراعات بعوى الجاهلية الاولى و يأخذن في ذكر محاسن
المتوفَى حتى و لم يكُنَّ يعرفنه حق المعرفة فيكفي أنه ميت ُولا بدَّ له من أهلٍ
و ذويٍّ ... و هن يبكين بطريقة مأساوية تنفطر لها القلوب..و لكن ما الداعي لذكر
هذه الأشياء؟ و ما الذي يدعو للتأمل هنا؟ ان الذي يدعو للتأمل هنا هو شعور الجماهير
نحو أي حادث مروري مهما كان نوعه ... فعندما يحدث حادث مروري .. و لنفترض
ان العربة قد (تعفصت) بعض الشئ و أن السائق بحمد الله لا يشكو من أي شئ و أنه
سليم معافى و ان خدشاً في جسمه لم يحصل ... فبعد كل هذا تجد الناس يتصايحون :
احدهم نمرة واحد : لا حول و لا قوة الا بالله .. معقول السواق يكون طلع سالم؟؟؟..
- احدهم نمرة اثنين: يطلع كيف؟ ده تلقاهو اتدشدش .. و عينه طلعت .
- احدهم نمرة تلاته: ايوه مات انا اسع جاي من الاسبتالية لقيت
اهله هناك متلمين و سألتهم عنه قالوا لي مات .
- احدهم نمرة اربعة: قالو ليك مات؟ انا كنت في العملية و حضرت لمن مات
- احدهم نمرة ستة: ياخي ده دفناهو من زمان .. و كمان ودينا نعيه للإذاعة..مسكين ... دنيا
+ و لو ظهرت لهؤلاء ... و أخبرتهم أنك صاحب العربة و أنك كنت سايق و أنك الآن ماثل امامهم
بلحمك و دمك وشحمك و ان شيئا من الذي ذكر لم يحدث ، لشعرت بمنتهى الخيبة على وجوههم بدلاً
من التهنئة بنجاتك من الكارثة . فكلهم سيشعرون انك خيبت امالهم و انه كان الاحرى و الاجدى بك
ان تصدم صدمة رجال تلاقي حتفك فيها.
+ و عندما تسمع بأن شاباً قد توفي إلى رحمة مولاه – لا يكفي ابداً ان يكون الخبر بمثل هذا التجريد
فلا بد ان تصادف من يقول لك : و الله فلان مسكين توفي .. الله يرحمه تخيل دا كان وحيد امه . و امبارح
بس اتخرج من الجامعة و اشتغل في نفس اليوم مدير و عريس جديد .. مسكين الله يرحمه... فالخبر لا بد
ان يحتوي على مثل هذه المعلومات و التي تضاف اليه لكي تجعل الصدمة اشد وقعاً و اشد تراجيدية...
و لو حصل حادث – و توفي شخص واحد لا قدر الله – فستجد من يقول لك : تصور الليلة حصل
حادث جنب صينية الحركة .. و ماتو فيهو اربعتاشر نفر .. تصور ماتوا موت ..
فالزيادة العددية من الاشياء التي تجعل الخبر العادي مثيرا و دراماتيكياً..
+ هذا كله كوم .. و ما اقلقني و أضج مضجعي كوم اخر انها اذاعة الساعة
الثامنة مساءحيث نشرة الوفيات وما ادراك .. فستجد ان الناس يستمعون الى
هذه النشرة باهتمام بالغ – مثل استماعهم الى اسماء الطلبة المقبولين بالجامعة مثلاً:
و تستمر النشرة لتعلن وفاة فلان بالتكلة..او فلان بحلة يعقوب..او فلان بحلة البعاشيم
.. و سيقام المأتم ... و سيقام المأتم ..و سيقام المأتم ..و سيقام المأتم..و هكذا تستمر
النشرة.. الشئ الذي يجعلك تشعر بأنه كان الاجدر و الاوفر على الاذاعة ان تذيع
اسماء الناس (الحيين) و الذي لا يسمع اسمه فهو حتما ميت.. و تستمر
الاذاعة حتى اذا انتهى المذيع و لم يذكر اسم أي شخص معروف
لدى المستمعين ... كان الشعور الطبيعي في مثل هذه الحالة
هو الارتياح التام . و الحمد لله نجا معارفهم من الموت ...
+ و لكن يا أصدقائي ... هذا لا يحدث فستجد ان هناك خيبة امل كبرى
ارتسمت على وجوههم .. لان النشرة لم تحو شخصا يعرفونه .. لأنك
اذا سألتهم (في أي حاجة في النشرة؟؟؟)اجابوك بصوت واحد:
(كلام فارغ دي جات قروها و ما فيها أي خبر جديد)
و أي حاجة هنا بالطبع تعني شخصاً يعرفونه ..و قد فشلت
فشلاً ذريعاً في فهم مثل هذا السلوك ... لماذا يشعر الانسان بمثل
هذه الخيبة و هو لم يسمع اسما يعرفه ضمن النشرة المذكورة؟
هل القصة تتعلق بعملية الترقب نفسها و التوقع الذي يجعل
الانسان مشدوداً أم ماذا؟؟؟ يبدو ان الحكاية ماذا...
__________________
واجعنى فى البحر... السكات
ومِسكِّتْنى بي وجَعي....البحر