حقيقة ما حدث و يحدث فى غرب دارفور

Quote: بقلم مستور احمد محمد ما يحدث في عموم غرب دارفور (الجنينة، جبل مون وكرينك) على وجه الخصوص هو امتداد لسياسة الحرب في دارفور المخطط لها منذ عشرات السنين، والرامية إلى إعادة هندسة الديمغقرافيا والموارد، سابقاً بالوكالة فأصبحت الآن بالأصالة، ومن المفارقة أن يكون من حمل السلاح ضد هذا المخطط بالأمس اليوم يقف متغافلاً عما يجري وهو في ورطة من أمره، بين خيارين الأول، التدخل بقوة السلاح لوقف الاعتداءات المتكررة وهذا يعني الدخول في حرب متعددة الأطراف يحملوهم مسؤوليتها، وعندما يتحقق الغرض يتم إيقافه وبهذا يكون المخطط قد نجح كما هو مخطط له بعد تهجير من بقي على قيد الحياة من المواطنين. الخيار الثاني أن يكتفوا بالشجب والإدانة خوفاً من فقدان السلطة، والنتيجة كما هي، نجاح للمخطط، مع تحميلهم المسؤولية. هذه النزاعات هي حرب مكتملة الأركان وهناك من يدفعها دفعاً للاشتعال الشامل، مستغلاً في ذلك اَلْغَبْن من الانتهاكات والفظائع المستمرة التي تنفذها مجموعات اثنية مسنودة من الدولة ضد مجموعات اثنية أخرى، وتخويف هذه المجموعات المنتهِكة بفزاعة الانتقام المسنود بالحركات، نعم البعد الاثني للصراع لا يخطئه العين وتدخلات الثأر لفظائع الماضي بينة وتقاطعات الجوار الإقليمي يعلمها القاصي والداني؛ لكن المسؤولية هي مسؤولية الدولة، من أنشأ نظارات وإمارات على الحواكير التاريخية دون رضى أصحابها هي الدولة (وهذه القضية مرتبطة بالمواطنة والحق في استخدام الأرض والملكية التاريخية)، والسلاح الذي يحصد الأرواح هو سلاح الدولة ومعظم سيارات الدفع الرباعي المستخدمة تابعة لأجهزة الدولة، وكثير من المشاركين والمتسببين في هذه الانتهاكات يتبعون لقوات نظامية أو غير نظامية تُدفع لهم المرتبات والمخصصات والعتاد من خزينة الدولة، وأكثر من ذلك، فالتخطيط للحوادث التي تقود إلى هذه الانتهاكات على صلة بأجهزة الدولة، وإلا كيف يُفَسر تطابق هذه الحوادث في كل مرة؟ وكيف يُفَسر تباطؤ الشرطة والجيش رغم علمهم المسبق والانتهاكات تحدث على مرئي بصرهم؟ هل لأنهم لا يمتلكوا الإمكانيات والعتاد الكافي؟ وهل ينتظروا الأوامر ليقوموا بواجبهم الذي أقسموا على أدائه؟ وهل سوف تتحرك هذه الاجهزة اذا اعلن المواطنون التظاهر سلمياً للمطالبة بحق مشروع؟ كما نراها في كل مرة، تُغلق الطرقات وتتسلح بالعدة والعتاد، للتصدي لمتظاهرين سلميين بدعوى حماية الممتلكات والارواح، ولكن عندما تتحرك مجموعة بالاسلحة الفتاكة وسيارات الدفع الرباعي لتدمير الممتلكات وازهاق الارواح، تقق هذه الاجهزة متفرجة تتحجج بعدم قدرتها على التصدي، او عدم تلقيها للاوامر. الوضع يُنذر بكارثة إن لم تنفجر اليوم فغداً، والوقت ليس للملاومة، أو المماحكات السياسية، رغم التقدير الخاطئ لأطراف السلام في دعمهم الانقلاب، ورغم أنهم يتحملوا المسؤولية السياسية والأخلاقية لكل ما يجري؛ إلا أن دفعهم للحرب سيحول الإقليم إلى محرقة، والكل يعلم أن من يحمل السلاح لن يصبر كثيراً على الانتهاكات المتكررة ضد أهله، وربما انفلت الأمر من يدي قيادتهم، وعندها سيكون حرب الكل ضد الكل، وعليه يجب عدم دفن الرؤوس في الرمال، ورمي ظل الفيل بالحجارة، فمن يَقتل بسلاح الدولة ضحية ومن يقتله سلاح الدولة ضحية (مع الفارق بين الضحيتين)، فالمشكلة أن الدولة يديرها أمراء حرب، لن يهمهم أن يموت الجميع من أجل تنفيذ مخططاتهم العابرة للحدود، مقابل بقائهم في السلطة، ولن يكفوا عن لعب دور البريء الذي يخرج على الناس في كل مرة بعد الفاجعة ليحدثهم عن فرض هيبة الدولة وملاحقة الجناة وتشكيل لجنة لمعرفة الحقائق وهكذا عبث. ما يحدث يتطلب التصدي له من الجميع، وأطراف السلام خاصة يتوجب عليهم اتخاذ موقف واضح وشجاع حتى وإن كلفهم فقدان مقاعد السلطة التي هي بلا سلطة، واي حديث عن تكوين لجان تقصي الحقائق، لجنة حكماء، عمل مصالحات قبلية أو تشكيل قوات حفظ الأمن وغيرها من المسرحيات المكروبة، هي محاولة للهروب إلى الأمام، ولن تغير الواقع، القصد منها التهدئة إلى حين، فالخطوات الجادة، هي نزع السلاح (ليس على شاكلة حملة جمع السلاح في عهد الطيب إبراهيم محمد خير)، تشكيل قوة خاصة من خارج الإقليم بما في ذلك القوات المشتركة على الحدود، فالأجهزة الموجودة غيرة مؤهلة لحفظ الأمن، لأنها متواطئة، مخترقة، مكبلة ومنزوعة الإمكانيات عن قصد (إمكانيات الشرطة من العتاد في عموم دارفور أقل من امكانيات أي مجموعة اثنية مسلحة). وكذلك يجب طلب تشكيل لجنة أممية لتقصي الحقائق وتمكين المنظمات من تقديم المساعدات للمتضررين. صحيح أن القائمين على أمر البلاد لن يقبلوا مطلقاً بمثل هذه الخطوات (فهم من هيأ المسرح لهذه الفوضى) ولكن يجب أن لا تتوقف المطالبة بها وكشفهم وفضح مخططاتهم. 25 أبريل 2022