+اللَّهمَّ إنَّا صائمونَ/

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 10:05 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-04-2022, 03:42 AM

دفع الله ود الأصيل
<aدفع الله ود الأصيل
تاريخ التسجيل: 08-15-2017
مجموع المشاركات: 13699

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: +اللَّهمَّ إنا صائمونَ/ (Re: دفع الله ود الأصيل)

    رمضانية
    بقلم الطيب صالح
    نشرت بمجلة "المجلة" بتاريخ ٢٧/سبتمبر/٢٠٠٧م

    ¶لا أظن أحداً ينسى الأماكن التي صام فيها، وهل
    كان الفصل صيفاً أم شتاء. وبماذا أفطر ومع من أفطر.
    وهو قد ينسى بقية أيام العام باستثناء أيام قليلة تباغته
    فيها الحياة، كما تفعل بإحدى مفاجآتها السارة أو المحزنة.
    ∆الأيام العادية تمضي تباعاً طوال العام. ولا يكاد الإنسان
    يحس بمرورها. كأن الزمن نهر سرمدي.ولكن يوم الصائم –
    وهذه عندي من حكم الصوم - يتفلت قطرة قطرة الدقائق تمر
    كأنك تسمع وقع خطاها. الصائم يحس بالزمن لأول مرة خلال
    العام أنه (كم) يمكن أن يوزن بميزان ويقاس بمقياس.
    يختلط جوعه وظمأه - خاصة إذا كان الوقت صيفاً حاراً -
    مع كل دقيقة تمر. يكونان عجينة من المكابدة والسعادة.
    فإذا انقضى اليوم، يحس الصائم أنه قد قطع شوطاً مهماً في
    رحلة حياته. وإذا انقضى الشهر بطوله، يشعر حقاً أنه يودع
    ضيفاً عزيزاً طيب الصحبة، ولكنه عسير المراس.
    ∆إنني أذكر بوضوح رمضانات صمتها عند أهلي في
    صباي الباكر، أول عهدي بالصيام. كنا قبيلة أفرادها كلهم
    أحياء: الجدود والآباء والأعمام والأخوال وأبناء العمومة والخؤولة.
    لم يكن الدهر قد بدأ بعد يقضم من جسمها كما يقضم الفأر من كسرة الخبز.
    كـانت دورنا تقوم على هيئة مربع، وفي الوسط باحة واسعة فيها رقعة رملية.
    كنا نجتمع للإفطار في تلك الرقعة. نتولى نحن الصبية أمر تنظيفها و فرش
    الحصر عليها، وقبيل المغيب نجئ بسفر الطعام من البيوت، ونجلس مع
    كبارنا ننتظر تلك اللحظة الرائعة حين يؤذن مؤذن البلدة – غير بعيد منا
    - (ﷲ أكبر) معلناً نهاية اليوم، وكنت في تلك الأيام قبل - أن يقسو القلب
    ويتبلد الشعور - أحس أن ذلك النداء موجه لي وحدي ، كأنه يبلغني
    تحية من آفاق عليا، إنني انتصرت على نفسي.
    ∆أذكر جيداً طعم التمر الرطب، وهو أول ما نفطر به، حين يوافق رمضان موسم
    طلوع الرطب. وكانت لنا نخلات نميزها ونعني بها، لها ثمر شديد الحلاوة، تخرجه باكرا.
    كانوا لا يبيعون ثمارها. ولكنهم يدخرونه لمثل تلك المواسم. وقد زرعت أصلاً من أجل ذلك،
    وأذكر مذاق الماء الذي يصفى ويبرد في الأزيار أو في القرب، خاصة ماء القرب ، الذي يخالطه
    شيء من طعم الجلد المدبوغ وشراب ( الآبري) وهو يصنع من خبز يكون رقيقاً جداً: أرق
    من الورق تضاف إليه توابل، وينقع في الماء ويحلى بالسكر.
    ومذاق (الحلو مر) وهو أيضاً من عجين مخلوط بتوابل خاصة.
    وحين ينقع في الماء يكون ذا لون أحمر داكن الحمرة.
    ∆هذان الشرابان لا يوجدان إلا في السـودان، وهما مرتبطان برمضان.
    ولهما رائحة عبقة فواحة، تلك وروائح أخرى، كان خيالي الصبي يصورها
    في ذلك الزمان، كأنها تأتي من المصدر الغامض نفسه الذي يأتي منه شهر رمضان.
    كان طعم الزمان في تلك الأيام حلواً مخلوطاً بمرارة لها مذاق العسل. لم نكن نأكل
    كثيراً في إفطارنا. لا توجد لحوم أو أشياء مطبوخة، كل واحد يتعشى بعد ذلك في
    داره على هواه، وغالباً ما ينتظر السحور من دون عشاء.
    ∆نصلي ونفطر على مهل، ونقوم نحن الصبية فنحضر الشاي
    والقهوة (الجبنة). وكان يسمح لنا بشرب القهوة فقط في
    شهر رمضان، فالقهوة عدا ذلك للكبار وحدهم.
    ∆ ولم يكن ذلك نوعاً من الحظر، ولكن من قبيل الاقتصاد
    في النفقة، فقد كان البن أغلى من الشاي.
    ∆يساوونا بأنفسهم لأننا نصوم مثلهم. ثم يأخذون
    في الحديث ونحن نسمع ولا نتكلم، ويا له من حديث،
    كان رمضان يخرج منهم كنوزاً دفينة. كنت أستمع إليهم
    وكأني أشرب ماء القرب البارد وآكل التمر الرطب.
    ∆لا أعلم كم كان (معدل الدخل) عندنا تلك الأيام.
    ولم أكن أعلم شيئاً عن الحالة الاقتصادية في القطر.
    ولم يكن يهمني من الذي يحكم البلد. كنت أعلم
    أن الإنجليز موجودون في الخرطوم، وأحياناً يمر
    بنا واحد منهم، كما يمرطائر غريب في السماء.
    ∆ لكننا كنا بمعزل عن كل ذلك، نحس بالعزة والمنعة
    والطمأنينة والثراء. كنـت أعلم أن ذلك الإحساس
    حق، من الطريقة التي يمشي بها آبائي وأجدادي.
    لا يمشون مختالين، ولكنهم يمشون على وجه الأرض
    ثابتي الخطى مرفوعي الرؤوس، لا يخامرهم شك أن
    الأرض أرضهم والزمان زمانهم.
    ∆ ولعـل الإنجليز خرجوا آخر الأمر لأنهم ضاقـوا
    بإحساس الحرية ذاك لدى السودانيين، كأنهم لم يفهموا،
    أو رفضوا أن يفهموا أنهم أمة مهزومة مستعمرة.الإحساس
    بالمذلة والهوان حدث لهم بعد ذلكعلى أيدي بعض أبنائهم
    الذين انتزعوا الحكم من الذين ورثوه عن الإنجليز، ومنهم
    من كان صبياً مثلي في ذلك الزمان الأغـر، وجلس على بقعة
    رمل كما جلست، مع آبائه وأجداده في إفطار شهر رمضان.
    كنا حقاً سواسية كأسـنان المشط. ولا بد أنه ذاق المذاقات
    نفسها وشم الروائح نفسها، واستمع مثلي إلى أحاديث آبائه
    وأجداده، حديثاً مليئاً بالمحبة والحكمة والطمأنينة.
    فماذا أصابنا بعد ذلك، أم ماذا أصاب الزمان؟






                  

العنوان الكاتب Date
+اللَّهمَّ إنَّا صائمونَ/ دفع الله ود الأصيل04-02-22, 08:43 AM
  Re: +اللَّهمَّ إنا صائمونَ/ دفع الله ود الأصيل04-02-22, 08:49 AM
    Re: +اللَّهمَّ إنا صائمونَ/ دفع الله ود الأصيل04-02-22, 08:57 AM
      Re: +اللَّهمَّ إنا صائمونَ/ دفع الله ود الأصيل04-02-22, 08:59 AM
        Re: +اللَّهمَّ إنا صائمونَ/ دفع الله ود الأصيل04-02-22, 01:16 PM
          Re: +اللَّهمَّ إنا صائمونَ/ دفع الله ود الأصيل04-02-22, 01:21 PM
            Re: +اللَّهمَّ إنا صائمونَ/ دفع الله ود الأصيل04-02-22, 01:32 PM
              Re: +اللَّهمَّ إنا صائمونَ/ صديق مهدى على04-02-22, 11:00 PM
                Re: +اللَّهمَّ إنا صائمونَ/ دفع الله ود الأصيل04-03-22, 03:51 AM
        Re: +اللَّهمَّ إنا صائمونَ/ دفع الله ود الأصيل04-03-22, 11:03 AM
          Re: +اللَّهمَّ إنا صائمونَ/ دفع الله ود الأصيل04-03-22, 11:59 AM
            Re: +اللَّهمَّ إنا صائمونَ/ دفع الله ود الأصيل04-03-22, 12:35 PM
              Re: +اللَّهمَّ إنا صائمونَ/ دفع الله ود الأصيل04-03-22, 02:32 PM
                Re: +اللَّهمَّ إنا صائمونَ/ دفع الله ود الأصيل04-04-22, 03:42 AM
                  Re: +اللَّهمَّ إنا صائمونَ/ دفع الله ود الأصيل04-17-22, 08:03 AM
                    Re: +اللَّهمَّ إنا صائمونَ/ دفع الله ود الأصيل04-22-22, 08:48 AM
                      Re: +اللَّهمَّ إنا صائمونَ/ سيف اليزل سعد عمر04-23-22, 08:26 AM
                        Re: +اللَّهمَّ إنا صائمونَ/ دفع الله ود الأصيل04-23-22, 09:36 AM
                          Re: +اللَّهمَّ إنا صائمونَ/ سيف اليزل سعد عمر04-23-22, 11:14 AM
                            Re: +اللَّهمَّ إنا صائمونَ/ دفع الله ود الأصيل04-23-22, 11:43 AM
                              Re: +اللَّهمَّ إنا صائمونَ/ دفع الله ود الأصيل04-24-22, 08:52 AM
                                Re: +اللَّهمَّ إنا صائمونَ/ دفع الله ود الأصيل04-27-22, 03:46 AM
                                  Re: +اللَّهمَّ إنا صائمونَ/ سيف اليزل سعد عمر04-27-22, 07:28 AM
                                    Re: +اللَّهمَّ إنا صائمونَ/ دفع الله ود الأصيل04-27-22, 10:36 AM
                                      Re: +اللَّهمَّ إنا صائمونَ/ دفع الله ود الأصيل04-27-22, 11:25 AM
                                        Re: +اللَّهمَّ إنا صائمونَ/ دفع الله ود الأصيل05-01-22, 05:01 PM
                                          Re: +اللَّهمَّ إنا صائمونَ/ دفع الله ود الأصيل05-13-22, 12:47 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de