مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الوَضَّاح!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 09:42 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-10-2021, 10:44 PM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� (Re: النذير بيرو)

    الصديق العزيز النذير: أسعد الله أوقاتك بكل خير كما أسعدتنا مع أمل في مواصلة قراءة هذا النص حتى النهاية.



    كانت ذرات الغبار الدقيقة لا تزال تمرح سابحة بتراخ على امتداد شريط الشمس العريض المتساقط عبر إحدى النافذتين. كن يرقبن ذلك الشريط كما لو أنّه مرآة الآتي المغبرة في وقت واحد هكذا دونما سابق اتفاق راسمات على وجوههن بدرجات متفاوتة ذلك التعبير الأنثوي الحالم بحياة تكاد تخلو من متاعب، وكان ثمة سرب من الذباب يتنقل في كسل بين أكواب الشاي الفارغة أعلى طبلية الخشب وأطرافهن شبه العارية في لهيب ذلك النهار، وبدا بالفعل أن مثل تلك الحكايات القديمة لم يعد يحمل جديداً، حين بدأن في الاستغفار والتثاؤب تباعاً. عندئذ، ألقت "وكالة رويتر المحلية" بصوت ناعس لا يثير ريبة ما حرَّك بِركة الأنس الراكدة منذ فترة قائلة:

    "مَن مطربكن المفضل"؟

    لو علمن لحظتها ما يتبع سؤال وكالة رويتر المحلية هذا، لاعتصمن بحبل الصمت المتين إلى الأبد، بل لما ألقت السائلة أصلاً ما ألقت، لا بل لتبدلت مصائر إلى غير ما قد ذهبت إليه أقدام صويحباتها طواعية من شقاء، أو بؤس. ولست أدري حقاً يا أصدقائي إن كان ذلك ما يدعونه "الفخ"، أم سعي الضحية إلى حتفها راضية؟

    تحولت الأنظار إلى الجارة فاطمة، أو مَن كانت تدعى "الساقية عادت من النهر دون قطرة ماء"، آن استقر شريط الشمس المنسحب عند قاعدة النافذة. وكانت فاطمة لا تزال تقلب صفحات ذلك الكتاب الذي درجت على أن تجلبه معها كلما أقبلت لزيارتنا في تلك الآونة. وقد أخذ يرتسم على طرف فمها الأيمن طيف ابتسامة زاد من ألق عينيها الجميلتين اللتين رفعتهما فجأة نحو السقف، ثم ما لبثت أن عادت ماسحة وجوههن القلقة المترقبة بنفاد صبر بنظرة نصف مروحية بطيئة، قبل أن تنكفيء ثانية على كتاب "ألف طريقة وطريقة لصناعة الحلوى". لقد بدا جليّاً أنّها تعمل على تأجيج نار الانتظار الذي بدا بلا طائل. وكن قد فطن تباعاً إلى صمتها الملغز الممتد فيما بدا بلا نهاية، حين فرغن من إجاباتهن المتدافعة تلك على سؤال الوكالة، وشرعن في التطلع إليها، متوقعات بنفاد الصبر نفسه أن تُلقي إليهن باسم مطرب آخر، ربما كي تكتمل دائرة المقارنة الأنثوية القاتلة، ربما ليأخذ الحديث مجرى مختلفاً، أو لربما ليفتحن باباً آخر قد يُفضي إلى خارج أتون الحرارة الذي لا يُحتمل.

    كانت أمي لا تزال تتفرس في وجه فاطمة محاولة جهدها أن تحذر ما قد يدور "اللحظة" في خلد جارتها وفمها فاغر عن آخره وعيناها مليئتان بالعجز والخوف والفزع من عودة تلك الهواجس المنسيّة في تباعدها ذاك مجدداً، وقد تراقصت في ذاكرتها مرة واحدة عفاريت هالة المجد الكاذبة، التي أحاطت برفيقة طفولتها وصباها فاطمة هذه في زمان ودت أمّي دوماً أن يتلاشى من ذاكرتها بلا رجعة. رغم أن كل ما حدث لم يسفر في النهاية سوى عن اسم لا ترغب أمّي في شرائه "في مقابل حتى لا شيء": "الساقية عادت من النهر دون قطرة ماء"!

    حين رفعت فاطمة رأسها أخيراً بدا في اللحظة عينها ربما لكثافة صمتها وكأن لا وجود هناك لوكالة رويتر المحلية!

    كانت تلقي وقتها بخطاب "طلائع المدينة الثوريّ في الحضور "المشلّ" للسادة الرئيس الجمهورية الرهيب المهيب كجبل". كانت فاطمة في نحو الثالثة عشرة من عمرها. ما لبث أن مال "السادة الرئيس السابق هذا شخصياً" برأسه أسفل الخيمة المنصوبة خلال زيارته الأولى واليتيمة تلك إلى المدينة نحو وزير "الموارد البشرية" الجالس آنذاك إلى يمينه كمن يتأهب لدخول المرحاض. ما أن همس السادة الرئيس في أذن وزيره، رحلت علامات الملل والشعور المتزايد ذاك بالرغبة في مغادرة المكان عن وجه الأخير، وشرع ينصت كوزير "عزب" لخطاب الحسناء اليافعة، حالماً تارة مُبدياً إعجابه عبر إيماءات تارة أخرى، وإن بدا الوزير في المجمل وهو ينظر إلى الصبية وفق ذلك النحو كمزارع يمعن النظر في أرض بكر إذا ما عُهد بها للرعاية و"السقاية الجيّدة" ستنبت الكثير من الثمار الطيبة. لتنطلق فور انقضاء "مهرجان الخطباء الأحمر" مباشرة إشاعة في المدينة يقال حسب شهود عيان تلك الواقعة إن مصدرها المحافظ الأسبق نفسه تفيد أن الرئيس "قرر في لحظة إلهام رئاسي رصين تزويج فاطمة" بعد "مرور نحو العامين" على "أكثر تقدير" لوزيره "الشاب الأعزب الوسيم". الجميع أخذ يتذكر كيف ازدحم بيت والدي فاطمة على إثر ذلك بأرباب المطالب وأصحاب الالتماسات الخاصة. كان من بينهم حتى مَن تمنَّى مشاركة السادة الرئيس الجمهورية نفسه على "طعامه ذاك الطعام الأكثر ثورية ومجداً في العالم قاطبة".

    كانت الشائعة قد أخذت شكل "التصديق العمليّ بالفعل"، لما بدأ يتقاطر على الصبيّة فاطمة في تلك الأيام من مختلف أصقاع المدينة هدايا مجهولة المصدر الأغلب. قال بعض حاملي تلك الهدايا إنها مجرد تعبير بسيط عن حبّ المدينة وتقديرها الخاصّ لابنتها "الواعدة". كان الأمر من الجدية أن قام المحافظ نفسه بتعيين حراسة خاصة ظلت ترافق "الصبية" أينما حلت. كاد ذلك كله أن يرمي بأتراب الصبية من أمثال أمّي في هوة من ظلام الغيظ أو الغيرة. الأكثر مرارة من رواسب تلك الأيام أن فاطمة قد توقفت "كزوجة مرتقبة في بلاط الوزارة" عن تحية أقرانها "ناهيك عن اللعب معهن كما ظلّ يحدث في الماضي". كانت ترد على مكائدهن "الصغيرة" بكلمات سلبت لبّ الكبار أنفسهم قائلة من داخل تلك الهالة المهيبة للسلطة: "قل لهم إن فاطمة الزوجة المستقبلية لعناية وزير السادة الرئيس مشغولة الآن بمشكلات تخصّ الدولة شخصياً". ذلك ما كان من أمر الأمس. لم يدر في ذهن أكثر الناس مقدرة على التخيل بعد ذلك أن ينتهي بها المطاف كزوجة لصلاح "بتاع الدكان الرجعي". لقد وُئد حلم فاطمة حسب شهود عيان لحظة الانقلاب العسكري الذي أطاح بعالم ذلك الرئيس في ظرف أقلّ من عام من نهاية ذلك المهرجان. وإن لم تغادر الصبيّة فاطمة، حتى الممات، نزعةُ التميز ذاك والشعور بالتفوق على الرغم من ضيق ذات اليد وقصر الوسائل. النتيجة أن فاطمة "الساقية عادت من النهر دون قطرة ماء" غدت متخمة تماماً بتطلعات نساء الطبقة الوسطى تلك الأيام، بدءاً من اقتناء الثلاجة "كولدير"، مروراً بالنظر إلى عامة النّاس من "علوٍّ جدُّ شاهق"، وانتهاء إلى مُناصرة ودعم جمعية "رائدات نهضة المرأة الحديثة".


    يتبع:






                  

العنوان الكاتب Date
مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الوَضَّاح! عبد الحميد البرنس09-09-21, 09:27 PM
  Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� عبد الحميد البرنس09-10-21, 06:28 AM
    Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� النذير بيرو09-10-21, 11:13 AM
      Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� ابو جهينة09-10-21, 12:34 PM
        Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� osama elkhawad09-10-21, 04:08 PM
      Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� عبد الحميد البرنس09-10-21, 10:44 PM
        Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� عبد الحميد البرنس09-12-21, 08:42 AM
          Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� عبد الحميد البرنس09-12-21, 10:48 PM
            Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� ابو جهينة09-12-21, 10:53 PM
              Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� عبد الحميد البرنس09-14-21, 10:56 PM
                Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� عبد الحميد البرنس09-15-21, 10:54 PM
                  Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� عبد الحميد البرنس09-21-21, 10:27 PM
                    Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� عبد الحميد البرنس09-24-21, 06:36 AM
                      Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� عبد الحميد البرنس09-26-21, 10:27 PM
                        Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� ابو جهينة09-27-21, 01:06 PM
                          Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� عبد الحميد البرنس09-28-21, 09:23 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de