مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الوَضَّاح!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 04:17 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-21-2021, 10:27 PM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� (Re: عبد الحميد البرنس)

    لم يكن وليدَ يومٍ وليلة، أو محضَ ضربٍ من الصدفة، أو قسمةً من هدايا الحظّ. هذا التحول "الذي يبدو عميقاً وجذريّاً" في "ثقافة إناث الأسرة". وقد أزعج عند بداياته وكالة رويتر المحليّة إلى أن جعلها لتسارعه وربما كذلك لكلماته "العصّية على النطق" تشرع في النظر إلى نفسها في كثير من الأحيان نظرتها تلك إلى "هاتف بلا حرارة".

    كان الحماس لهذا "السباق الحضاري" يتصاعد داخلها يوماً بعد يوم وفي المقابل تقل القدرة لديها باطراد على التعبير بدقة عن ذلك الحماس. مرة، عبّرت عن هذا المأزق، قائلة: "أنا سعيدة وغير سعيدة". فهم أغلب النّاس ذلك كإشارة أكثر من عاديّة إلى تحولات المزاج التي قد تنشأ طوال الوقت "داخل النفس البشريّة". لقد كان عليها في وقت وجيز جداً أن تعطي أذنها لكلمات من أصول فرنسية وأسبانية وانجليزية ويابانية. حتى بدا لها في لحظة عجزت فيها عن نطق كلمة "سمفونيّة" أن ما يقود عميان "هذه المدينة" نحو "مصاف الحضارة" ليس سوى أعمى آخر يتحدث بدوره عن النور دون أن يكون قد سبق له أن أبصره للحظة طوال حياته الغارقة في الظلمة.

    ولم تكن وكالة رويتر المحليّة مهيأة أبداً هنا لقبول ملاحظة ناظر المدرسة الأميرية القائلة إن ما قد يتشكل بين يدينا ويصنع بأعيننا "من الألف إلى الياء" قد يخرج نهائياً عن نطاق سيطرتنا عليه مرة وإلى الأبد. على أنّ الأمر كان مسليّاً بالنسبة لها على الرغم من كل مظاهر القلق ومخاوفها تلك من القول إنّها "لم تعد مواكبة لتطورات الحضارة". لكن، أو "خلف قناع هذا الظاهر المرح السعيد"، أخذت وكالة رويتر المحليّة تضعف وتذبل "ذهنياً وجسديّاً"، بالتزامن مع "تصاعد وتيرة السباق الحضاري المحتدم"، ما بين الجارتين أمّي وفاطمة اللتين لم تنظر كل منهما طوال الوقت إلى أي خطوة لها إلى الأمام سوى كتأكيد آخر لتراجع حتمي لخطى الأخرى. كلاهما أمّي وفاطمة لم تؤمنا حتى النهاية أن مركب التقدم قد تتسع في الآن نفسه لأكثر من "فرد وذات".

    كذلك، بقدر ما قد سعدت وكالة رويتر المحلية بما قد تضفيه حمّى المنافسة على السباق من حيويّة، وجدت نفسها إزاء ضغط تسارع استخدام المطلحات والمفاهيم والأساليب "الغربية" في مجرى الحياة اليومية تنحو أكثر فأكثر إلى نقل جرعات الحزن والفرح لا وصف تفاصيل تلك المواقف التي صنعت مثل هذا الحزن، أو ذاك الفرح. حتى بدا على مستوى التعبير كما لو أن وكالة رويتر المحليّة قد عادت القهقري إلى مثل ذلك النوع من التفاعل البدائي الذي سبق ظهور اللغة في حياة الإنسان. كأن تقول: "لا أدري كيف أصف لكم تفصيل أو قصّة ذلك الفستان. لكنّه عجيب كما لو أنّه مصنوع من بول الشيطان"، أو "هو طعام للذاذته تلك قد هبط مباشرة من الجنّة"، أو "قالت كلاماً عن عيد مبتكر لم أفهم بالتحديد ما هو لكنّه كمبادرة أثار مخاوف فاطمة". باختصار، بدا مع تقدم "السباق" أن من العسير مواصلة الحياة نفسها من غير الالمام بما طرأ على خطاب الناس العام من تطور بالنسبة لناقلة أخبار عملاقة لها شغف وكالة رويتر المحليّة وهيامها ذاك بالسعي بالأنباء!

    ما أن حلّت إجازة ذلك العام الدراسي، حتى أرسلت أمي أختيَّ إلى العاصمة، حيث يعيش ويعمل منذ نحو العامين خالي الفنان التشكيلي وبناته المتحدرات من أمّ فرنسية، وحيث كانت عمليات "إزالة ما علق من كآبة الريف ورواسب التربية البدويّة العصيّة على الإزالة والذوبان كما لو أنّها البقع نفسها على قميص الميكانيكي" تجري على قدم وساق تحت شعار ورد أيضاً في رسالة أخرى رافقتهما إلى شقيقها الوحيد هذا: "إنقاذ شرف العائلة".

    بعد مرور سنوات قليلة، حدثت لخالي هذا نكبة لم تقم له قيامة بعدها. عاد من العمل مرة. وجد بيته وهو خالً من زوجته وبناته الصغيرات. وقد عثر المسكين على هذه الرسالة: "نحن عائدات إلى بيتنا في ليون حيث لا مكان لك بيننا هناك". كي ينسى ما حدث هجر الرسم وأدمن الخمر". لقد كان على أي حال في حاجة إلى هجرانٍ ما قد يقوم به ضد أحبّ الأشياء لديه. مع ذلك، كان يسمعه أولئك الجيران في بعض الليالي، وهو يتحدث بحنوّ لا يخلو من نهنهات خافتة إلى صغيراته، كما لو أنهنّ لا زلن هناك. لقد بدا ذلك إجمالاً أكثر من سبب كاف كي يغيّر الخال عنوانه ويقيم على نحو دائم في "مستشفى التجاني الماحي للأمراض العقليّة". لا يُزار من قبل أمّي المستغرقة بكلياتها "في إعادة بناء حضارة هذه المدينة". أحياناً، كان يمسك بقطعة فحم، ويرسم على أحد جدران المستشفى خازوقاً عليه سليمان الحلبي الذي اغتال كليبر قائد الحملة الفرنسية على مصر عام 1800. في كل مرة يعيد فيها رسم المشهد نفسه، يبدو سليمان الحلبي لسبب ما سعيداً على رأس الخازوق!

    في أثناء تواجد أختيّ ذاك في ضيافة خالي وزوجته، أي من قبل أن يعصف الحنين بالفرنسية إلى ليون ملتقى نهري الرون والسون، كاد مؤشر الراديو طوال فترة غيابهما أن ينسى داخل البيت كما أي جحود آخر في العالم ملامح "هنا أم درمان إذاعة جمهورية السودان الديمقراطية"، وقد أدمن التجوال حتى خلال الإجازات الدراسية اللاحقة ما بين الأقسام العربية لإذاعات مونتي كارلو وصوت أميركا، ولم يكن ميّالاً للوقوف طويلا ًعند الطابع الإخباري المتكرر لهيئة الإذاعة البريطانية. كانت أمّي تقول في تلك الأيام: "ما فائدة الأنباء إذا لم تكن حضارية"؟

    وكالة رويتر المحليّة ذكرت في أثناء حديث لها مع "السيد المحافظ" أن تساؤل أمّي ذاك بشأن "طبيعة الأنباء" "قد لا يعادله" على مستوى قوّته وتأثيره في عقول "العامة من أهل هذه المدينة" المنشغلين عادة بأنباء "أخرى"، إلا قول جارتها في أزمنة مجد صباها الحضاري الآفل "قل لهنّ فاطمة مشغولة الآن بمشكلات تخصّ الدولة شخصيّاً".

    الحقّ، كانت أختاي من الذكاء والحصافة بمكان أن أجادتا آداب المائدة الحديثة، كما الأكل بالشوكة والسكين، في وقت وجيز. فضلاً عن ارتداء آخر موضات البناطيل الضيقة، كما ذلك البنطال المدعو "لم يأخذ قلبي من قبل هيئة تفاحة". إنه النوع نفسه من الملابس الذي أدخل أمّي لبعض الوقت في دوامة من الحيرة المطبقة.

    "ما الفرق إذن ما بين العهر والحضارة"؟

    كذلك، تساءلت أمّي في أصيل يومٍ أعقب عودة شقيقتي الأولى تلك من بيت خالي وزوجته الفرنسية في "العاصمة الخرطوم"، وهي تراقب بقلقٍ متزايد ما قد بدا من ظهريهما بينما تبتعدان عبر أرض الفناء مغادرات إلى زيارة بنت "السيد المحافظ". تماماً كما عارضتي أزياء هبطتا للتو من سياق أحد أخبار الموضة الأوروبية المتلفزة.

    الرغبة في الانتقام من جارتها فاطمة ما كانت لتطغى وحدها على كل احتمال آخر قد ينشأ هناك داخل مركز تفكيرها المستثار منذ أن نطقتا باسم ذينيك المطربين الشعبيين تحت سمع وبصر "وكالة رويتر المحلية". بل كذلك نصيحة مدير بنك الوحدة الذي نصح أمّي بالصبر في مواجهة تحديات "القبول بالتغيير الحضاري". وأعطى أمّي روشتة للتدرب على الصبر: التعود على امتصاص حلوى السكر حتى ذوبان آخر ذرة منها لا طحنها منذ الثانية الأولى بالأسنان كما قد درجت العادة منذ ظهور أول تاجر حلويات قدم من الشام في أعقاب سقوط الدولة المهدية أواخر القرن التاسع عشر، وقد قايَضَ حفنة السكاكر في مقابل متر الأرض من بعد أن أسماها "ثمار الجنّة"، وكان النّاس وقتها في حاجة ماسّة إلى شكل آخر من اليقين بعد أن تمّ منذ نحو العام دحر وسحق آخر جندي للمهدي وخليفته الذين لم يكفّا لحظة عن القول إن الملائكة تقاتل مع مَن هم في صفّهما. على أن هذا التاجر رضخ لسلطة علماء الدين، الذين أبصروا في التسمية تلك نوعاً من "التجديف"، فقام بتغيير الاسم من "ثمار الجنّة" إلى "درب الفردوس"، من قبل أن يختصر أحفاد هذا التاجر الاسم في كلمة "دربسي".


    يتبع:






                  

العنوان الكاتب Date
مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الوَضَّاح! عبد الحميد البرنس09-09-21, 09:27 PM
  Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� عبد الحميد البرنس09-10-21, 06:28 AM
    Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� النذير بيرو09-10-21, 11:13 AM
      Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� ابو جهينة09-10-21, 12:34 PM
        Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� osama elkhawad09-10-21, 04:08 PM
      Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� عبد الحميد البرنس09-10-21, 10:44 PM
        Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� عبد الحميد البرنس09-12-21, 08:42 AM
          Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� عبد الحميد البرنس09-12-21, 10:48 PM
            Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� ابو جهينة09-12-21, 10:53 PM
              Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� عبد الحميد البرنس09-14-21, 10:56 PM
                Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� عبد الحميد البرنس09-15-21, 10:54 PM
                  Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� عبد الحميد البرنس09-21-21, 10:27 PM
                    Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� عبد الحميد البرنس09-24-21, 06:36 AM
                      Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� عبد الحميد البرنس09-26-21, 10:27 PM
                        Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� ابو جهينة09-27-21, 01:06 PM
                          Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� عبد الحميد البرنس09-28-21, 09:23 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de