|
Re: عدد مجلة الأهرام العربي المصرية هذا الأسب (Re: عبد الحميد البرنس)
|
من مقالات العدد: غياب المفكر فى الأحزاب السياسية.. تسبب فى تراجع العمل السياسى فى السودان زين العابدين صالح عبد الرحمن
فى عام 1948 كتب أحمد خير، الذى «كان وزير الخارجية فى حكومة إبراهيم عبود العسكرية» كتابه ( كفاح جيل) أى قبل استقلال السودان، وحاول أن يوضح فكرة النهوض للمجتمع السودانى قبل أن ينال الاستقلال، حيث كتب “ فى غضون هذه الفترة أخذت طبقة أخرى تجتاز طور التكوين والنشوء، وتلك هى طبقة الجيل الحديث فى السودان، حديث فى الترتيب الزمني، وحديث لأنه الجيل الذى نال قسطا من العلوم العصرية.
إن أحمد خير يشير هنا ليس لجيل بعينه، إنما إلى الطبقة الجديدة التى بدأت تتخلق فى المجتمع من جراء التعليم الحديث، ويعتبرها الأداة المهمة لعملية النهضة فى المجتمع، وهذه الطبقة الوسطى مناط بها أن تحمل راية التقدم التحديث فى المستقبل، ويقول عن هؤلاء «كانوا ينادون بتحرير الفكر وانطلاقه من قيود العادات ورواسب التقاليد الفاسدة، وأوهام الخرافة التى ليست من الدين فى شيء”. ويواصل الحديث حول العوامل التى تساعد على نجاح النهضة، ويقول “ إن أى حركة وطنية، يراد بها النجاح يجب أن تستند إلى تأييد شعبى ساحق، ويتطلب هذا وعيا سياسيا قويا عند الجماهير، كما يتطلب عند القادة، إلماما تاما بالتطورات السياسية فى العالم وبتاريخ الحركات الشعبية الأخرى” وتصبح قضية الوعى الجماهيرى هى مربط الفرس، إذا كيف تتم عملية الوعى عند الجماهير؟..
إن عملية وعى الجماهير فى ذلك الوقت الذى تشكل فيه الأمية 80% من المجتمع، كان يتطلب قيادات سياسية على مستوى خاص من المعرفة والقدرات والإبداع، لكى تنشر الوعى وسط مجتمع يعتمد أغلبيته على الأسطورة. وفى تلك الفترة بدأت تتكون الأحزاب السياسية، عندما اصطدم مؤتمر الخريجين، الذى كان يجمع أغلبية المتعلمين تعليميا حديثا فى تنظيم واحد، هو الذى بدأ بفكرة استقلال البلاد.
وعندما اشتد الصراع مع المستعمر، كانت الحاجة إلى أدوات جديدة أكثر فاعلية لخوض غمار الصراع، وتأسست الأحزاب، وكانت قياداتها من القوى الحديثة والطبقة الوسطى، ولكن لأن المجتمع تنتشر فيه الأمية، كانت الأغلبية تسيطر عليهم بيوتات الطائفية، الأمر الذى أدى لتحالف بين الطائفة والقوى الحديثة فى فترة الاستقلال، واستمر التحالف، لكن بعد انتشار التعليم بدأت الدعوة لفض الرباط مع الطائفية.
إن الطبقة الوسطى بدأت تتراجع فى فترة السبعينيات بسبب الأزمات الاقتصادية المتواصلة، والتى خسرت فيها امتيازاتها، خصوصا فى فترة الرئيس جعفر نميري، وتراجع دورها الاستنارى فى المجتمع برغم توسع رقعة التعليم، حيث غادرت أعداد كبيرة منها إلى دول الخليج كعمالة، الأمر الذى أدى لتراجع كبيرة فى دور العناصر السياسية المستنيرة، لذلك لا نجد غرابة فى أن القضايا السياسية بدأت تطرح من خلال المبدعين المهتمين بقضايا فنون الأدب، حيث بدأ الحوار الفكرى حول الهوية، وأنتقل من الحقل السياسى إلى الحقل الأدبى والفنون خاصة التشكيلية فى عقد الستينيات، وبرغم أنه أخذ بعدا عميقا حول تناول الموضوع، لكنه كان يعكس عمق الأزمة فى المجتمع السوداني.
جاءت الحركة الشعبية لكى تقدم الفكرة بصورة مغايرة، حيث طرحت قضية الهوية من خلال (صراع المركز والهامش)، باعتبار أن إشكالية الهوية لا تحسم فى المجتمع، إلا إذا تحركت قوى الهامش لمحاصرة المركز وفرض ذاتها، لكى تحدث تغييرا فى المجتمع، وهى ذات فكرة (جدل الهوية) من خلال مصطلحات جديدة، ولكن الحركة الشعبية أدخلت أداة جديدة فى الصراع، هى أن ينتفض الهامش بقوة السلاح ضد المركز، ودخل عقل البندقية لأول مرة من الشمال الثقافى، لكى يؤزم الأزمة أكثر مما كانت عليه وأيضا واحد من أهم مشاكل النهضة والتطور والتحديث السياسى فى البلاد، طغيان الشعار السياسى على الإنتاج المعرفي، وذلك ربما يكون سببا فى الحد من عملية الاجتهاد الفكري، وكان المطلوب من هذا الاجتهاد، أن يفكك القناعات الخاطئة، وأيضا الثقافة السالبة التى تعيق عملية النهضة، ويطرح الأسئلة المهمة التى تفتح آفاقا للنهضة، مثل ؛ هل المناهج التعليمية التى تم تغيرها من قبل النخب السودانية فى عهدى مايو والإنقاذ استطاعتا أن تخدما قضية النهضة فى البلاد؟ وهل التركيز على الدراسات الجامعية التطبيقية والنظرية الحالية أفضل من تبنى مشروع التعليم الفنى والمهني؟ وهل الثقافة السائدة الآن فى البلاد هى مساعدة على تشييد قواعد للنهضة فى البلاد؟ لماذا فشلت القوى السياسية السودانية فى تقديم مشروعات نهضوية تخرج البلاد من أزماتها؟ وهل عقلية الحكم المستلفة ثقافتها من المؤسسات العسكرية مفيدة فى العمل السياسى ومشروع النهضة فى البلاد؟ وهناك العديد من الأسئلة التى يجب طرحها، ويجب إعادة النظر فى مناهج التفكير السائدة، وأيضا البحث عن المناهج المساعدة على التفاعل الإيجابى الجماهيرى مع عملية التنمية فى البلاد.
كل ذلك يرجع إلى سبب جوهرى هو غياب المفكر السياسي، إذا كان فى السلطة أو فى الأحزاب السياسية، كانت هناك كاريزمات سياسية فى الأحزاب، منهم المتعلم الذى يعبر عن طائفية أو فكر أيديولوجي، ومنهم أيضا الذى لم يحظ بتعليم عال، كل هؤلاء كانوا معطلين لأدوات الثقافة والتحديث والتطور داخل الأحزاب السياسية، الأمر الذى عقد العملية السياسية، لأنه عطل صعود أجيال جديدة لقمة هرم الأحزاب، إلى جانب أنه أصبح داخل المؤسسة السياسية شخص واحد يتمثل فى الكاريزمة، هو الذى يفكر إنابة عن الآخرين، وهو المطالب بأن يقدم المبادرات والمقترحات، وهو الذى يحدد الذين يصعدون لقيادة الحزب، وهو الذى يصدر القرارات ويحدد القوى السياسية التى يريد أن يتحالف معها. إن غياب المفكر السياسى الديمقراطى تسبب فى تراجع العمل السياسى فى السودان، وأيضا هو الذى أدى إلى فشل النخبة فى تحقيق تطلعات الجماهير.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
عدد مجلة الأهرام العربي المصرية هذا الأسبوع بأقلام سودانية | عبد الحميد البرنس | 07-09-21, 11:12 PM |
Re: عدد مجلة الأهرام العربي المصرية هذا الأسب | عبد الحميد البرنس | 07-09-21, 11:27 PM |
Re: عدد مجلة الأهرام العربي المصرية هذا الأسب | عبد الحميد البرنس | 07-09-21, 11:34 PM |
Re: عدد مجلة الأهرام العربي المصرية هذا الأسب | زهير عثمان حمد | 07-10-21, 06:16 AM |
Re: عدد مجلة الأهرام العربي المصرية هذا الأسب | زهير عثمان حمد | 07-10-21, 06:27 AM |
Re: عدد مجلة الأهرام العربي المصرية هذا الأسب | عبد الحميد البرنس | 07-10-21, 07:08 AM |
Re: عدد مجلة الأهرام العربي المصرية هذا الأسب | عبد الحميد البرنس | 07-10-21, 07:34 AM |
Re: عدد مجلة الأهرام العربي المصرية هذا الأسب | muntasir | 07-10-21, 11:13 AM |
Re: عدد مجلة الأهرام العربي المصرية هذا الأسب | Salah Zubeir | 07-10-21, 11:53 AM |
Re: عدد مجلة الأهرام العربي المصرية هذا الأسب | عبد الحميد البرنس | 07-10-21, 11:00 PM |
Re: عدد مجلة الأهرام العربي المصرية هذا الأسب | عبد الحميد البرنس | 07-10-21, 11:14 PM |
Re: عدد مجلة الأهرام العربي المصرية هذا الأسب | muntasir | 07-11-21, 03:54 AM |
Re: عدد مجلة الأهرام العربي المصرية هذا الأسب | عبد الحميد البرنس | 07-11-21, 12:29 PM |
Re: عدد مجلة الأهرام العربي المصرية هذا الأسب | Deng | 07-11-21, 01:19 PM |
Re: عدد مجلة الأهرام العربي المصرية هذا الأسب | الشيخ سيد أحمد | 07-11-21, 02:42 PM |
Re: عدد مجلة الأهرام العربي المصرية هذا الأسب | عبد الحميد البرنس | 07-12-21, 05:53 PM |
Re: عدد مجلة الأهرام العربي المصرية هذا الأسب | عبد الحميد البرنس | 07-12-21, 08:51 AM |
Re: عدد مجلة الأهرام العربي المصرية هذا الأسب | عبد الحميد البرنس | 07-12-21, 01:56 AM |
Re: عدد مجلة الأهرام العربي المصرية هذا الأسب | عبد الحميد البرنس | 07-14-21, 01:06 PM |
Re: عدد مجلة الأهرام العربي المصرية هذا الأسب | عبد الحميد البرنس | 07-15-21, 03:40 PM |
Re: عدد مجلة الأهرام العربي المصرية هذا الأسب | عبد الحميد البرنس | 07-15-21, 10:54 PM |
Re: عدد مجلة الأهرام العربي المصرية هذا الأسب | Abureesh | 07-16-21, 00:25 AM |
Re: عدد مجلة الأهرام العربي المصرية هذا الأسب | adil amin | 07-16-21, 03:09 AM |
Re: عدد مجلة الأهرام العربي المصرية هذا الأسب | adil amin | 07-16-21, 03:13 AM |
Re: عدد مجلة الأهرام العربي المصرية هذا الأسب | عبد الحميد البرنس | 07-16-21, 03:48 PM |
|
|
|