هبَّيتْو ما《هَبَّاني》

(صدمات كهرباء حضارية )
نقول قولنا هذا و نحن ربما تحت تأثير ما يسمى:
صدمات حضارية مضادة أن جاز التعبير، بمعنى تلك التي
تصدمك في عِقر دارك بعد عودة العرجاء إلى مراحها من كل
انصراف قد يطول أو يقصر نسبياً , فالأشياء و الظروف حتماً لن تظل
دوماً محنطةً كما تركناها . فهي تتغير و نوائب الدهر تفعل أفاعيلها وأحوالنا
تتبدل تبعاً لذلك بمرور الوقت ،بقدر ما يكون حضورك في بيئة قديمة و أهلها
متصلاً أو متقطعاً أو منعدماً تماماً . قد يكون أكبر المتغيرات في الواقع حصل
لي شخصياُ لدى عودتي للتو من هناك ، و لكن يصعب عليك تصديب ما تجد
إن السفر و عيشة الغربة ربما لها تأثيرها التلقائي على طريقة تحديدك
لأبعاد الزويا و الثقوب التي ننظر منها إلى ما يحيط بنا أو بطرأ علينا
من مستجدات, حيث يكسبنا قوة ملاحظة حصانية نادرة لإطلاق
أحكامنا جزافاً على غير عواهنها تجاه سلويكاتٍ و مواقفَ و
ظروفٍ بعينها بطريقة يستحيل إدراكهاعلى من لم تتح له
فرصة للنظر لدايناميكا الأشياء من خارج إطارها.
********************
☆ من مراحل الصدمات الحضارية المعاكسة:
1- مرحلة تسمى: شهر العسل " The Honey~moon"
و التي حيث تتوخى فيها رؤية كل شيءٍ جميلٍ بطرف عين رضا كليلة عن
كل عيبٍ:الأهل و الصحاب و الشوارع و المآذن و القِباب و حِلَق الذكر و الحجاب
و الطعام و العادات الإجتماعية الأصيلة و كل الأشياء التي افتقدتها في غربتك.
و تكون نظرتك ورديةً تجاه كل المشاند و المواقف المألوفة القديمة في بلدك.
***************************************** *****
2- مرحلة كل شيء سيء "Everything is awful" حيث ستتجلى لك بعض السلبيات
السلوكية في المجتمع, كظاهرة التنمر ذي الحدين التي نحن بصدد نشر غسيلها. التفاخر و
التلقيد الاعمى البعد عن الدين من البعض "بشكل أكبر مما كان عليه قبل مغادرتي تراب بلدي
الحبوب ظواهر أخرى جديدة..في هذه المرحلة قد يشعر القادم و كأنه لا ينتمي لهذا المجتمع ,
و هو شعور سيء للغاية حيث: إذا لم أكن أنتمي إلى هنا.فإلى أين أنتمي؟! حيث إن الإنسان
ابن بئئته! سيما إذا كنت عائداً مشحوناً بتصورات كأحلام ظلوط بوطن في حضرة مقامه
يطيب الجلوس. لكنك قد تُفاجأ و تُصدم عند وقوع عينك على عورات كل ما طرأ من
تبدلاتٍ سلوكيةٍ دخيلة طالت شوارع بلدك ونفافيج و حارات أهلك و ناسك و جيرانك.
***********************************
3 - مرحلة: كل شيء على ما يرام "Everything is Ok"و هنا لم تختفي الظواهر
السابقة ليس لانها انتهت برمشة عين فهي لا تزال ضاربة بأطنابها بياتاَشتوياً كما كما
النار تحت الرماد و لكنها فقط لم تعد مُستغرَبَة لديك.إذ ربما تكون قد اهتديتَ لطريقة
ما التعامل معها بالابتعاد عنها أو التأقلم معها أو ربما تكون قد تهيأت شيئاً فيشاً للتصالح
فالانخراط فيها أو حتى استمرائها و لم لا ؟! فلم تعد ترقي في نظرك غلى خطورة منكرٍ ينبغي
عليك إزالته بيدك أو بلسانك ، و لا حتى بقلبك أمام قطعانٍ من المتحرشين و المتحرشات و الذين
أحوالهم تقول لللي ما يشتري يتفرج .الشنطة على الكتف و العيشة ختف). حنضرب ليك مثالاً
حياً بحال العائدين من بلاد العم سام مثلاً خوفاً على أبنائهم من مطرقةٍ حضاريةٍ محدقةٍ
بهم هناك، غير أن سنداناً سيجدونه متربصاً بهم هنا بعد أن أُمِر مترفو قريتنا ففسقوا
فيها فحق عليها القول بعد أن بدلوها تبديلاً و تفوق هؤلاء على عفاريت الجن و "
بنات" أبليس في نقل حضارة الغرب بحذافيرها إلى ربوعنا في القرى و
الحضرفيصبح حال العائد من هناك كمستجير من الرمضاء بالنار.
و لا يزال للحديث شجون ، إن كان في العمر بقية!!
************************