الوغد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-16-2024, 05:18 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-16-2021, 01:27 AM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الوغد (Re: Osman Musa)

    عثمان موسى العزيز.. كل هذه النزاهة والنبل ورحابة الروح!

    أشكرك كثيراً على كرم لا أستحق.

    وعلى ذكر سيرة الأفلام هنا، مضى عليَّ الآن نحو الشهرين أشاهد أحد أفلام الغرب الأمريكي (الكابويات ناس ديجانقو) بمعدل فيلم كل يوم. ما أرغب في قوله هنا على الروائي أن يكون إلى جانب أشياء مثل الجرأة والعقل الحر أن يكون واسعَ الاطلاع. وتلك نصائح تشيخوف. كان ماركيز وهو يكتب الحب في زمن الكوليرا يمر بأسواق قديمة في الطريق إلى بيت أبويه كي ينعش ذاكرته بتلك الأصوات والروائح. كل ما يختزن الكاتب يحضر في اللحظة المناسبة أثناء عملية كتابة شيء ما. كل شيء مهم هناك حتى ما يبدو حواراً عابراً بين غريبين أثناء المرور بهما وهما يمشيان. كل شيء يساعد من مواد الواقع في بناء ما نكتب. خاصة بالنسبة للروائي أو السارد. لأننا محكومون الأرجح بالكتابة عبر سطور يلي بعضها البعض في رتابة. ولأننا كذلك مطالبون باستخدام حواسنا لا الخمس، بل الست. ما مطلوب ليس ذلك النوع من الكتابة التقريرية بل الكتابة التي تجعلنا نعايش ما نقرأ. كل الود.

    .....
    ........

    ثم غادرنا مقرن النهرين، أنا وجمال جعفر، وسرنا في اتجاه شقته المشتركة مع الصيني. ربما حياتي كلها لم تكن بالنسبة لجمال هذا، حتى قبيل لجوئي إلى كندا، سوى تفصيل آخر من بين ملايين التفاصيل اليومية تقع على عين عابر. في المقابل، ظلّ جمال يشغل ذهني لسنوات، من دون أن يتيح لي لحظة سلام واحدة، حتى تراءى لي في المنام أكثر من مرة.
    كانت ليلة خانقة من ليالي شهر أغسطس في القاهرة. كنّا ننام عاريين. أنا ومها الخاتم سعيد. العرق يسح من جسدينا. الفراش ملتهب بالحر. الماء لا يروي. لم نكن نقوى على فتح شيش نافذة واحدة. مع كل ذلك، تنتظم أنفاس مها الخاتم، كالعادة تحت أي ظرف كان هناك، ما إن تضع رأسها على المخدة. أخذت أتقلب في الفراش طويلاً، إلى أن غاب عني أخيراً كل شيء. وكنت لا أزال ظامئاً كما حوضِ رملٍ جافّ لما وجدتني أفتح باب الثلاجة على مصراعيه. رأيت هناك كوباً من الماء أعلاه قطعة من الثلج. يدي اليمنى على باب الثلاجة. الأخرى على صدغي الأيسر. أفكر لمن هذا الكوب البارد؟ إذا جمال جعفر يظهر فجأة. يخطف الكوب. يتجرعه حتى المنتصف. لسبب ما يبصق داخله. يضحك. ويتوارى. هزتني مها الخاتم سعيد، قائلة:
    "بسم الله الرحمن الرحيم. ما بك حبيبي"؟
    قلت في ظلمة الثالثة بعد منتصف الليل:
    "لعله كابوس آخر.. لا أدري.. يا مها"!!
    قالت:
    "كنتَ تئن. كما لو أنك تصارع جبلاً"!!
    كانت لا تزال تتمدد هناك، مسحة من هدوء حزين أخذ يخيم بعد انقضاء مهرجان الألعاب النارية في مقرن النيلين. كنت أشعر كما لو أنني أزدادُ ثقلاً في كثافة الإنصات. كما لو أن جمال يخفّ حتى يكاد يحلّق بأجنحة البوح تلك. وضح جلياً أن الوغد لا يزال يتعامل مع مزحتي بشأن انتحار مها كما لو أنها حقيقة. كانت أحوال أماندا المستوية في نار عشقي أخيراً حالت دوني والعودة للسهر، في شقة جمال المشتركة، أعقاب الليلة التي برع الصيني خلالها في تقسيم تفاحتين إلى أربعة أجزاء لها شكل زهرة لوتس ضمن تفاصيل برنامجه التدريبي الذي آل بعد مرور أسابيع إلى لا شيء. في ذقنه النابتة، عينيه المنطفئتين، وعموم هيئته، كان هناك ما يؤكد على واقعة أن أشياء عديدة أخذت منذ مدة تحتضر داخله.
    عند منتصف المسافة، واصل حديثه: "في ذلك الصباح، هاتفتني مها الخاتم". هنا فقط، ذكَّرتني نبرة صوته وقد غادرها هكذا بغتة مواتُها ذاك بزخم الأمل في تغيير النظام الديكتاتوري. الأمل وهو يفيض أيام القاهرة في أثناء الندوات السياسية. ظلّ النظام باقٍ في الخرطوم. لا شيء تغير هناك برغم ما ظلّ يدور في اجتماعات تلك الخلايا سوى عنوان منفانا.
    كان صوتها دافئاً مترعاً منساباً يضج كعادته بالحياة. طلبتْ أن ألتقيها لتناول وجبة الغذاء بعد مرور ساعات في مطعم لبناني في مصر الجديدة، ناحية عمارات الميرلاند "لو تذكرها يا رفيق". وجدتني تلقائياً أوافق، على تلبية دعوتها. سرعان ما قبض على مجامع روحي تذكر شيء ما باعث "في أحوال العشق تلك" على الأسى. لقد كان عليَّ في مساء ذلك اليوم أن أكون المتحدث الرئيس في ندوة ينظمها "طليعة الشباب"، عنوانها "الخطاب الثقافي العربي السائد في الوطن: الأمثال كآلية هيمنة مجتمعيّة وسيطرة". يا رفيق حامد: مثل صوت إناء من خزف هوى على سطح صلب بدا صوتها ذاك:
    "هل يوجد هناك ما يشغلك عني حبيبي جمال"؟
    سألتها:
    "إلى أين قد تكون رحلتنا هذه معاً مها حبيبتي".
    بدا ذلك بمثابة الموافقة الضمنية على تعديل خططي بشأن الندوة ونسيان كل شيء آخر هناك والذهاب برفقتها إلى نهاية العالم. ما هو ألطف وقعاً في لعبة الغزل أن توحي بالأشياء دون أن تسميها. سرعان ما عادت نبرتها الآسرة تلك تطرق مسامعي مجدداً لكن بمزيد ساحر آخر من الوعد أو "الإغواء"، لما قالت: "ستذكر ذلك طويلاً، حبيبي جمال". وكما قد يقول أولئك الأدباء الروس من نواحي القوزاق "الشيطان وحده يعلم" كيف قضيت ما بدا لي ساعات أشبه بالقرون متفكراً في كلماتها تلك مستعيداً حلاوة صوتها متخيلاً أي رحلة يمكن أن تكون لنا معاً أنا وهي بعد تناول "هذه الوجبة"؟ أكثر تلك الإجابات التي خطرت على ذهني تفاؤلاً لم تقدني أياً منها إلى أنني سأغوص في عسل ساقيها بُعيد مغيب شمس اليوم نفسه. ثم من قبل أن تضع هي سماعة الهاتف، قالت كما لو أن شيطان الشعر يقوم بتنظيم حركة مرور الكلمات على لسانها إنها ترغب لحظة حضوري إلى المطعم أن ترى مدى أناقتي أفقاً أزرق يغري بجنون لطيف لا مسالم، هواءً عليلاً عاصفاً في آن، سماءً لا تشوب صفاءها سحب والبرق لا يتوقف وميضه هناك. أتذكر "الآن" آخر عبارة لها خلال تلك المحادثة التي أخفت في نعيم لحظتها شيئاً ما أقرب ما يكون إلى التحذير المبكّر من جحيم الغدر:
    "أعلم حبيبي جمال أنك لن تخذلني".
    لو أن الحرية مسألة شخصية لا علاقة لها بما يحدث في الخارج، "يا رفيق". بينما يواصل جمال حديثه، عبر شوارع تلك المدينة الكندية النائية عن الوطن، خيل إليَّ للحظة كأنني أتوغل في دهاليز عالم مررت بها من قبل. دهاليز لا ضوء يلوح عند نهاياتها، لا رغبة بي للمرور عبرها مجدداً، حتى عن طريق الذكريات، لو لا الفضول. كذلك "أيقنت أثناء الوجبة أن الفتاة تتحكم بأوتار روحي جميعاً، لما بادرتني: "إنني يا جمال بصدد أن أهب لك نفسي مدى الحياة". فأطرقتُ أزن ما قد تفوّهتْ به للتو، لما تناهى صوتها: "لو أنك تشك في جديّة مشاعري نحوك، تتطلع (الآن) إلى عينيّ"؟
    تطلعتُ.
    الضياع منذ تلك اللحظة بات رفيقي.






                  

العنوان الكاتب Date
الوغد عبد الحميد البرنس04-06-21, 10:19 AM
  Re: الوغد عبد الحميد البرنس04-06-21, 10:22 AM
    Re: الوغد ابو جهينة04-07-21, 11:46 AM
      Re: الوغد Osman Musa04-07-21, 12:28 PM
      Re: الوغد عبد الحميد البرنس04-07-21, 08:01 PM
        Re: الوغد elsharief04-08-21, 01:37 AM
          Re: الوغد خضر الطيب04-08-21, 01:50 AM
            Re: الوغد osama elkhawad04-08-21, 05:04 AM
              Re: الوغد عبد الحميد البرنس04-08-21, 10:52 AM
              Re: الوغد عبد الحميد البرنس04-09-21, 07:09 PM
  Re: الوغد أبوذر بابكر04-08-21, 11:39 AM
    Re: الوغد عبد الحميد البرنس04-08-21, 06:28 PM
    Re: الوغد عبد الحميد البرنس04-10-21, 11:04 AM
      Re: الوغد Ahmed Yassin04-10-21, 11:15 AM
        Re: الوغد خضر الطيب04-10-21, 02:35 PM
          Re: الوغد Ahmed Yassin04-10-21, 03:34 PM
            Re: الوغد صديق مهدى على04-10-21, 05:21 PM
              Re: الوغد عبد الحميد البرنس04-10-21, 08:15 PM
                Re: الوغد osama elkhawad04-11-21, 04:23 AM
                  Re: الوغد عبد الحميد البرنس04-11-21, 05:04 PM
                    Re: الوغد عبد الحميد البرنس04-12-21, 07:56 PM
                      Re: الوغد osama elkhawad04-12-21, 11:45 PM
                        Re: الوغد عبد الحميد البرنس04-13-21, 08:08 PM
                          Re: الوغد عبد الحميد البرنس04-14-21, 07:52 PM
                            Re: الوغد Osman Musa04-15-21, 07:42 PM
                              Re: الوغد ابو جهينة04-15-21, 09:41 PM
                              Re: الوغد عبد الحميد البرنس04-16-21, 01:27 AM
                                Re: الوغد عبد الحميد البرنس04-16-21, 07:51 PM
                                  Re: الوغد عبد الحميد البرنس04-17-21, 08:23 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de