الوغد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-21-2024, 04:07 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-08-2021, 06:28 PM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الوغد (Re: أبوذر بابكر)

    جميل هذا المرور ودال ومشجع عزيزنا خضر. بمناسبة العرقي، كان لي صديق ناقد (رحمه الله) يتنفس ويشرب ويأكل ووطنه وأهله خاضران دوماً هناك في روحه وعقله معاً وقد أدهشني قوله ذاك منذ سنوات بعيدة في القاهرة: إن في بلادنا مَن في عرفه أن "هذا العرقي لا شراب في العالم كله يعلو عليه". في محبة الوطن وما ينتمي إلى الوطن، وحتى الآن، لم أجد محبة لوطن خالية من عصبية مثل محبة ذلك الصديق. محبة ذات أفق إنساني رحب. ربما لهذا وقد أتته الفرصة وقتها هاجر إلى بلادنا تلك من القاهرة رافضاً الهجرة إلى أمريكا. قد يقال هنا إنه نداء التربة. لكن من يموت في بلاد الغرب لا يعود جثمانه الأرجح كاملاً. إنّهم ينزعون الأحشاء. يضعونها في عبوات من البلاستيك السميك المحكم. ثم يودعونها في ثلاجات شديدة البرودة داخل تلك المستشفيات تمهيداً لحرقها ضمن مخلفات عضوية أخرى. أتصور عبر خيال شديد الحلكة أن أجزاء المرء الحال تلك لن تتوقف أبداً عن الحنين إلى بعضها البعض إلى يوم الدين.

    .....
    .........
    ............

    "ما بكِ، يا أماندا"؟
    لم تجب على سؤالي. وذهبت على ما بدا من غير أمل هناك في العودة، أفراحُها القريبةُ تلك بعيد ميلادي، قلت مخاطباً نفسي: "لعلها يا حامد تلك الرواسب التي خلّفتها زيارة شقيقتها سمانتا لنا قبل أيام قليلة". بعد مرور نحو الدقيقة، طلبتْ مني أن أملأ لها كأس الويسكي إلى الحافة. تجرعتْها دفعة واحدة. إن لم تخن الذاكرة "الآن". "تجرعتها دفعة واحدة". ثم أخلدتْ هكذا إلى صمت أعقبه انتقال هاديء إلى نومٍ أخذت تتفتق خلاله داخلي تلك الجراح. أمواج حزن أماندا المباغتة في الآونة الأخيرة أبداً لا تتوقف. أتذكر لحظة أن نامت ملقية برأسها على كتفي بينما بدا أمامي على المنضدة ألبوم صورها العائلية مغلقاً على أشجانه. لا كنافذة "على ماضٍ تولّى". بل كمحاولة يائسة للتشبث بأهداب حياة عبثاً تكافح في ضجة الحاضر صخبَ الصمت والنسيان.
    كل شيء هناك عرضة، إذن، لخطر الضيّاع.
    "هل الذكريات من المفقودات، أم الموجودات"؟
    كنت أتساءل، حين استيقظتْ أماندا، واعتدلتْ في جلستها تلك على الكنبة وتمطت، ثم بتلك العفويّة الآسرة، سألتني، قائلة:
    "لماذا يحزن البشر لما يرون صورهم القديمة"؟
    وقلت:
    "لماذا".
    كما لو أنني الصدى.
    أو الصورة في المرآة!
    ما إن توغلتْ أماندا داخل نومها، وساد الهدوء هكذا داخل الغرفة، وبدا عقلي خاوياً من عبارة أخي كازنتزاكي تلك وفارغاً عن كل متاعب التفكير أو لذائذه الأخرى؛ حتى عنّ لي أن أرفع صوت التلفاز المضاء في صمتِ مشاهده المتبدلة قليلاً. كانت القناة بدأت تعرض فيلماً تجري أحداثه على شواطيء النورمندي في جنوب فرنسا عن مجريات الحرب العالمية الثانية. لا أتذكر الآن اسم الفيلم. لا أتذكر حتى تفاصيل أحداثه. ولما تمضي على مشاهدتي له سوى ساعات لا تشكل يوماً بعد. ما أتذكر بجلاء أنني بدأت أنتبه للطاقة الهائلة المنطوية عليها تلك العبارة التي ذيَّلت خاتمة الفيلم. عبارة جاءت في أعقاب أحداث الفيلم ومشاهده المصورة. بل أعقبت حتى تلك القائمة من أسماء الممثلين والأفراد والمؤسسات الذين شاركوا في صناعة الفيلم. وقد بدت لي لوهلة مجرد عبارة هامشية: "نُهدي هذا الفيلم إلى الذين خرجوا من ويلات الحرب العالمية الثانية أحياء". عندما فرغت من تأمّلها هكذا أول مرة، أطلقت أماندا أثناء نومها ذاك ضرطة مكتومة طويلة أشبه بأنين منسي من تاريخ الألم، بينما أخذت معالم الأشياء تتضح في الخارج هناك وراء نافذتي غرفة النوم.
    كان التعب بلغ بي منتهاه. مع ذلك، كما سمكة علقت بصنارة، لم أستطع التوقف عن متابعة التفكير في العبارة نفسها، حتى بعد أن خطفني سلطان النوم، وتراءى لي أنني أحلم. "الشهداء وقود الحياة المترفة للسادة الأماجد"، يقول إذن مسكوت تلك العبارة. إذا فرض الأمر علينا يوماً ما في صورة حرب فلا بدّ أن نخرج في الأخير من أسر مختلف ويلاته (أحياء). هي حياة واحدة. يبدو لي الآن أن مفردات غامضة، متسمة بالإغراء غالباً، مثل "التضحية" أو"الفداء" أو"الشهادة" أو"الموت في سبيل الوطن"، ليست في نهاية المطاف سوى حزمة أخرى من أكاذيب بغيضة اخترعها أولئك "السادة".
    ربما لهذا شغفت لسنوات عديدة بعبارة أخي ألبير كامي التي مَثَّلت عصارة بحثه ذاك في أسطورة سيزيف "إن الإنسان وُلِدَ ليحيا، ولم يُولد ليموت، ولذلك فان أجمل ما في الحياة هي الحياة". أدرك الآن، عبر حدس ما، أن الكثيرين من الساهرين من أمثالي، ممن شاهدوا أحداث الفيلم المصوَّرة، قد أغفلوا ملاحظة تلك العبارة ذات المضمون الانقلابي الخطير. لا لعجلة ما، بل لأنها جاءت تحديداً في أعقاب المشاهد الرئيسية المصوَّرة. المفارقة، كما يوحي سياق العبارة هذا، أن جوهر الحياة "الصاعد"، لبنة المعنى "المفتقدة"، أو وجه الواقع "البديل"، يُوجد غالب الأحيان داخل تلك الأماكن اللامرئية. ما يبدو، للوهلة الأولى، هامشياً متباعداً، بل لا قيمة له، ما هو أحياناً كثيرة سوى ذلك الجزء الضائع من هيكل سعادتنا، الذي للأسف نظل نبحث عنه غالباً في غير موضعه. وقد أعمانا وهج المركز وبريقه الأخَّاذ الذي لا يُقاوم.
    في القاهرة، أخبرني لورد الله الفقير مرة أنّه لحظة أن يعبر ميدان التحرير، ويرى حسناء تتهادى على طريقة "واثق الخطوة يمشي ملكاً"، يصرف بصره عنها، ويبدأ يبحث حالاً هنا وهناك، "لا لمانع عندي أو لعزوف ذاتي يا حامد"، بل كي يرى تلك الحسناء من زاوية ما ظلّ يسميه "فتنة الهامش"، من خلال عين أحد أولئك الجنود المعدمين الفقراء، الذين يحرسون مداخل تلك البنايات التجارية والحكومية الضخمة ليل نهار، ربما بدا في انسحاق نظراتهم الحسيرة تلك "جمال أنبل وأبقى في الزمن" من جمال تلك الفتاة "الساحق". قال: "لحظة أن أفعل ذلك، كنت أحسّ في قرارة نفسي، كأن اللحظة سمفونية بالغة الاتقان، من وضع فنان قدير في مثل قامة بتهوفن، لا شيء زائد فيها، لا نشاز هنا أو هناك، لكل نغمة معنى، لكل إنسان قيمة، هدف، وجود، وخيال يحقق ما حالت دونه الأيام". منذ أن أخبرني لورد الله الفقير بذلك، بدأت أعي ثراء الهامش، غنى المُهمل، ذلك الحيِّز المستتر غالباً خلف رتابة العادة، المحتجب وراء سلطة المركز وبريقه. وثمة أفلام أخرى، كأفلام اليهودي ستيفن سبيلبيرج، عالجت لا شك موضوعة الحرب أو الموت الجماعي بمهارة وحرفية عاليتين، لكن جوهر هذا الفيلم وجماله يقعان في احتفائهما المدهش ذاك بثقافة الحياة "خارج" سياق الفيلم نفسه لا "داخله". هناك، عند تخوم تلك العبارة الهامشية "نُهدي هذا الفيلم إلى الذين خرجوا من ويلات الحرب العالمية الثانية أحياء". كذلك كنت أشعر، وأنا أطرق (باب شقة جمال وهذا المدعو الصيني) مكبلاً هكذا تماماً بملابس الشتاء ولوازم مكافحته الأخرى الثقيلة، كما لو أن ذلك الفيلم برمته لم يكن في نهاية المطاف، سوى مقدمة لا غنى عنها لقول تلك العبارة.






                  

العنوان الكاتب Date
الوغد عبد الحميد البرنس04-06-21, 10:19 AM
  Re: الوغد عبد الحميد البرنس04-06-21, 10:22 AM
    Re: الوغد ابو جهينة04-07-21, 11:46 AM
      Re: الوغد Osman Musa04-07-21, 12:28 PM
      Re: الوغد عبد الحميد البرنس04-07-21, 08:01 PM
        Re: الوغد elsharief04-08-21, 01:37 AM
          Re: الوغد خضر الطيب04-08-21, 01:50 AM
            Re: الوغد osama elkhawad04-08-21, 05:04 AM
              Re: الوغد عبد الحميد البرنس04-08-21, 10:52 AM
              Re: الوغد عبد الحميد البرنس04-09-21, 07:09 PM
  Re: الوغد أبوذر بابكر04-08-21, 11:39 AM
    Re: الوغد عبد الحميد البرنس04-08-21, 06:28 PM
    Re: الوغد عبد الحميد البرنس04-10-21, 11:04 AM
      Re: الوغد Ahmed Yassin04-10-21, 11:15 AM
        Re: الوغد خضر الطيب04-10-21, 02:35 PM
          Re: الوغد Ahmed Yassin04-10-21, 03:34 PM
            Re: الوغد صديق مهدى على04-10-21, 05:21 PM
              Re: الوغد عبد الحميد البرنس04-10-21, 08:15 PM
                Re: الوغد osama elkhawad04-11-21, 04:23 AM
                  Re: الوغد عبد الحميد البرنس04-11-21, 05:04 PM
                    Re: الوغد عبد الحميد البرنس04-12-21, 07:56 PM
                      Re: الوغد osama elkhawad04-12-21, 11:45 PM
                        Re: الوغد عبد الحميد البرنس04-13-21, 08:08 PM
                          Re: الوغد عبد الحميد البرنس04-14-21, 07:52 PM
                            Re: الوغد Osman Musa04-15-21, 07:42 PM
                              Re: الوغد ابو جهينة04-15-21, 09:41 PM
                              Re: الوغد عبد الحميد البرنس04-16-21, 01:27 AM
                                Re: الوغد عبد الحميد البرنس04-16-21, 07:51 PM
                                  Re: الوغد عبد الحميد البرنس04-17-21, 08:23 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de