|
Re: العولمة وذكورة الأمة: تمزقات الشخصية السو (Re: صباح حسين طه)
|
الأخت الفاضلة صباح,
شيلي الصبر. لسع ما قلنا حاجة. يا دوبك بنفض ليكم في الغبار.
سأجيب على كل أسئلتك. لكن هنا سأرد على اللقاء التلفزيوني والشخصية التي دعيت إليه, "الشيخ" دفع الله حسب الرسول: هذا اللقاء كان يمكن أن ينتهي في الخمس عشرة دقيقة الأولى. التردي وإنتهاء المستوى ليست مسؤولية المذكور, ولكن مسؤولية مقدم (ومن ورائه المسؤول عن القناة) الذي سمح له بالإستمرار. نفس هذه المشكلة تحدث في بريطانيا: فعندما يتم الحديث عن "رأي" الإسلام (وكأن رأي الإسلام يجسده رجل واحد) يؤتى برجل ملتح يلبس جلبابا, بينما يأتي ممثل وجهة النظر المسيحية (قس مثلا) والحاخام في بدل أنيقة. كل المقصود هو ترسيخ الصورة النمطية في ذهن المشاهد: تنميط الآخر. نفس هذا التلاعب يحدث عند تناول قضية الإسلام الأكثر انفتاحا: فالمسلم الذي يلبس بدلة والمرأة التي لا تلبس طرحة يمثلان الإسلام المنفتح. ولذلك تمرر كثير من الهرطقات الإعلامية على أساس أنها حوار بين "الإسلام والغرب". هناك مسيحيون دافعوا عن الإسلام أحسن من د. طارق رمضان, وقدموا مسألة علاقات اللبرالية والإسلام بجدارة وامتياز, بعيدا عن وفضحا للتبسيط المضحك الذي تقدمه مثلا إيان هرسي علي. أما لبراليو الإٍسلام الجدد, مثل مهدي حسن, وماجد نواز, فهؤلاء في تقديري مسلمون لحساب البلاط.
دفع الله حسب الرسول يتحدث حسب مستوى فهمه وأسلوبه في النقاش. مقدم البرنامج "فاجأه" بتقديم لاعبة الكرة (سارة) على خط التلفون, وهو يعرف أن الرجل متزمت جدا. بل قبل ذلك المفاجأة الأكبر (من وجهة نظر دفع الله) بتقديم الضيف الثالث! هذا يبدو واضحا جدا من الكرسي الرابع الشاغر في بداية اللقاء. وقد قام معد البرنامج بخبث شديد بتهيئة هذه المفاجأة, إقتباس: "وكمان عندنا محاور كتيرة حأتكلم فيها, وضيف حينضم لينا بعد فاصل قصير, خليكم معانا"
وطبعا الضيف كان د. آمال محمد إبراهيم. طبعا هي سيدة محترمة ومتخصصة. لكن هذا ليس مربط الفرس. مربط الفرس أن الضيف الرئيسي لم يتم إطلاعه على ذلك الترتيب, الذي في رأيي قصد به احراجه, بل استفزازه "من قولة تيت" وإخراجه عن طوره " في النهاية. وقد كان. the whole thing was a set up
فمن باب الإنصاف أن نقترح أنه لم يكن ليوافق على النقاش من أساسه في حضور د. آمال. ويمكن للبعض أن يقول إن دفع الله لم يصل بعد مرحلة التطور حتى على مستوى القرية في السودان, فيكون مرتاحا لمجلس مثل هذا "يأخذ وييعطي في الكلام مع أنثى". لكن تلك معتقداته وإن كان نائبا في البرلمان. عندنا في مدارس علم الإجتماع أدب يسمى بالقيصرية. من بنات أفكار ماكس فيبه. الخلاصة, هي أن يضع المرء نفسه مكان الآخر (قيصر) لتفهم كيف يفكر قيصر. هذا لا يعني أن يصبح المرء قيصر جسدا أو روحا. كل المطلوب هو شيئ من التعاطف لفهم الآخر.
من ناحية ثانية, التقديم متحامل من حيث "عدد الروسين". فلو عاوزين "حوار" متوازن, فالمنطقي والعادل أن يكون عدد متبنيّي وجهة النظر المعينة مساويا لعدد متبنيّي وجهة النظر المضادة. أما هنا, فإثنان ضد واحد (بل ثلاثة ضد واحد, إذا أضفنا مقدم البرنامج الخبيث) دي تبقى نكتة أب داوود في محكمة الشايقية.
برضو نفس التحامل يبدو في برامج هيئة الدعاية البريطانية. لمن تعد الروسين تلقى إنو في تلاعب كبير جدا يمرر على المشاهد. خارج النص: الذي حدث في الأستديو, هو "استفزاز جندري", ليس لـأستاذتنا الفاضلة د. آمال محمد إبراهيم أي ذنب فيه. من أين قدم الإستفزاز الجندري؟ من أين محتاجة بحث, ولكنه يمارَس باحتراف في بلاد تموت من البرد حيتانها. ويستعمل للتلاعب بقضايا كبيرة جدا. وتلك حجية أخرى.
صبرت على الفيديو فأكملته رغم إني حاليا شغال بلعب شطرنج مع الوقت وعندي مشاغل لا تحصى ولا تعد ... لاحظت يا صباح إنو كابتن سارة التي بسببها تحجج "شيخ" دفع الله, ثم غادر الأستديو غير مأسوف عليه, تهرّبت من السؤال: هل حصل إنو أشبال مدني الذكور لعبوا مع أشبال مدني الإناث ولا لا؟ مجرد لفت نظر.
الخلاصة: الإعلام السوداني جزء من المشكلة. هم طبعا لا يجرؤون على تقديم ماركسيين مثلا أو متخصصين في علم الإجتماع, أو على الأقل أناس يستطيعون الحديث دون انفعال ودون إثبات التنميط المفترض مسبقا. لأنو ساعتها سيظهر إنو من تحت القبة الإعلامية ماسورة كبيرة.
تحياتي ,وآسف للإطالة.
مازن سخاروف
|
|
|
|
|
|