♧ من العبَّاساب..و مباشرتن للدَّقَلاب £

{دي جاتني رسالة محولة بحذافيرها}
∆ بسم الله الرحمن الرحيم *
¶هل تتتحق نبوءة مستر ليبون في هذا العهد£

[} لعل الكثيرين من خرجي جامعه الخرطوم في الستينيات يذكرون مستر ليبون ،
أستاذ كرسي الجغرافيا في كليه الآداب . كان عالما متمكنا في الجغرافيا بكل فروعها
الإنساني منها والاقتصادي والطبوغرافي الخ ، وهو يهودي إنجليزي أو إنجليزي يهودي ،
طاف العالم عمليا ليتحقق من ما درس في العلوم المختلفه على الواقع الطبيعي . وكان له
شغف كبير بالجغرافيا البشرية المتعلقة بتركيبة السودان وطرق معيشتهم وتحركاتهم
والمؤشرات السياسية والاجتماعية التي تؤدي إلى خلخلة مجتمعاتهم، الخ .
[} في تلك السنه 1962 قدم مستر ليبون محاضرة عامة في القاعة الكبرى 102 قاعةالبروف
المرحوم عبد الله الطيب ، التي كانت أكبر قاعة في الجامعه آنذاك . كانت المحاضرة باللغة
الإنجليزية بعنوان (SUDAN BY 2000) أي ما سيكون السودان عليه عام 2000 .
[} وبدأ محاضرته بعد أن رسم خارطه الشرق الأوسط وفيها إسرائيل على السبورة .
بما أنني كنت ولا زلت _لا أعرف كثيرا في الألاعيب والافتراضات السياسية فقد غابت
علي حينها الكثير من الفرضيات التي بنى عليها مستر ليبون حديثه ، ولكني أذكر تماما أنه
أدخل الصراعات التي تدور في عالمنا اليوم : السلطة ، الثروة ، الدين ، والعرقيات في حديثه .
ومن كل ذلك وبحديث منطقي منه توصل إلى ماسيكون عليه السودان سنه 2000 ،
وأوجد في تلك الخريطة سودانا جديدا ، وذلك بعد أن :
1. أوجد دوله إريتريا المستقلة ، وأضاف إليها كسلا وما جاورها من القاش وجزءاََ من الحبشة .
2. أوجد دوله جديدة في غرب السودان تضم دارفور وأجزاءاََ من كردفان ، إلى جانب تشاد وأسماها دوله أزنيا الكبرى .
3. أضاف شمال السودان وجزءاََ كبيراً من شمال شرق السودان ، خاصةََ منطقه حلايب إلى جمهورية مصر العربية
4. أما جنوب السودان فقد قطعه كله ليكون جزاءاََ من دولة البحيرات ، ولم يبقى من السودان الا أواسطه ليكون دولة السودان .
5. فيما يختص بالشرق الأوسط فقد وضع إسرائيل في الحدود التي حصلت عليها عام 1967 .
ورفض البروفيسور ليبون أن يجيب على أي سؤال وخرج َمن القاعة وتركنا في حيرة .
[} تذكرت هذة المحاضرة في مرات عدة وفق ما كانت تجري به الأحداث في السودان ،
وكانت المرة الأولى التي صدقت فيها نبوءة ليبون عندما كنت في أمريكا في كورس دراسي
سنه 1983 ، ووقتها أقام الطلبة الأريتريون يوما لدعم الثورة الأريترية ، ودعانا حب الإستطلاع
من جانب والمؤازرة من جانب آخر ، أن نذهب لمكان حفلهم . وكانت دهشتي كبيرة عندما وزع
على الحضور خارطة إريتريا وكانت تضم كسلا بتقطيع جغرافي ... أي إحتمال ضمها وارد .
[} وذكرت تلك المحاضرة أيضا ونحن في مسيرتنا السياسية ، وذلك عندما كتب الأستاذ
عبد الملك فودة عام 1990 مقالة في صحيفة الأهرام ، طلب فيها تسهيلا للإدارة في القطرين
مصر والسودان ، كما زعم أن يضم إلى مصر شريط الإدارة الواقع على النيل حتى منطقة كريمة ،
لأن مصر كما زعم دولة مستقرة ولها معرفة بإدارة الأماكن المستقرة ، على أن تتبع للإدارة السودانية
المناطق التي تقع على البحر الأحمر جنوب شرق مصر ذات القبائل الرحل المتداخلة مع القبائل السودانية ،
وذلك لمقدرة السودان ومعرفته بإدارة الرحل . إلى هنا ربما كان الرجل حسن النية ، ولكن ما أثار قلقي بعد
ذلك ، بعد أن تأكد لمصر أن حكومة السودان تدعمها الجبهه الإسلامية ، كتب الأستاذ فودة مقالا طلب فيه
إلى الجيش المصري أن يفتح ملف جنوب الوادي في إشارة واضحة لضرورة تدخل مصر عسكريا في
السودان . ولكن الايام لم تسعف فودة ليفصل ويتابع ما كتب ، إذ أنه تم اغتياله بما لا يزيد
عن شهر بعد كتابة تلك المقالة ، رحمه الله .
[}ولعل حديث للسيد حسني مبارك على الهواء مباشرة بعد محاولة اغتياله في أديس أبابا ،
يشير إلى عمق أزمة السودان ، إذا قال على الهواء مباشرة "هم دوول مش واعين بيعملوا إيه
في بلدهم .. أصلهم عايزين يقسموا بلدهم" وطبعا بعدها أحتل حلايب وشلاتين وأبو رماد .
[}وإذا ما ربطنا هذه الأحداث بعضها ببعض ، واستعرضنا مسيرة السودان السياسية في الفترات
الأخيرة السابقة ، إذ افرغت كل المؤسسات مفهومها السياسي والسيطرة والهيمنة ، ثم الصراع على
السلطة ، خاصة بعد تقسيم السودان لولايات أو حكومات كثيرة ، واستمرار حرب الجنوب التي أدت
إلى فصله تماما ، وعدم الإستقرار الأمني في غرب السودان ، نجد أننا في سباق مع الزمن لنحفظ
وحدة السودان ، خاصةََ وأن حرب المياه والنزاع عليها ليس بعيدا عن السودان .
[} كنت آمل أن أتذكر تفاصيل المحاضرة والتي كنا نستمع إليها دون توثيق ، وربما
حضرها من هم أحد مني ذاكرةََ وحفظا ، ليضيف تفاصيل ماذكره ليبون .
واسأل الله ان يحفظ علينا وحدتنا الوطنية ، وطبيعي أن يكون السودان بكل
خيراته وموارده مطلوبا من الآخرين ولكن لا يجب أن يكون نحن أنفسنا مخلبا
للقط بعدم رضائنا ببعضنا البعض ، مع تحياتي للسودان كافةََ وأهل دارفور الكبرى
خاصةََ لأنها تشمل جميع ملل السودان ..

عبد العاطي عبد الله المكي