رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 04:59 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-13-2021, 03:35 PM

mustafa bashar
<amustafa bashar
تاريخ التسجيل: 10-16-2007
مجموع المشاركات: 1145

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار (Re: mustafa bashar)

    ثم غدت المواعيد تتأجل، يوماً بعد يوم، شهراً بعد شهر، وعيداً بعد عيد.
    لم يتغير الوعد، ولم يتحقق شيء. سوء الحظ عثر على ضالته.
    تلال الرمل ممتدة كالأفخاذ. مشرئبةً بالثأر، وضالعةً في الهزيمة.
    غانمة على وجه الأثر بالتأويل والاحتمالات القاصدة. آثار مشي متتابع،
    وآخر متقطع. دندنة وسكون. كسوتنا من الريح، ونعالنا من الرمل.
    ثم عادت تكلمني من جديد عبر الهاتف، تصب شبقها المألوف،
    أتلصص عبر ثقب القفل. حاجة ممددة. تعال لي الآن.
    أنا جالسة وحولي هالة من دخان. آه منك. حارة مثل صخور الصحراء.
    أحرق كفيك وأدمي راحتيك. نشوتي تعادل كل رسومات الكهوف التي أمامك.
    الجيوش التي مرت من هنا. الليل المنكوب بالأسرى والمبعدين إلى المنافي البعيدة.
    تساوي أكبر من أي قيمة تعتقد فيها. أنا قائمة من ناري وحفرتي ودخاني.
    ذاهبة إلى غيبك وفراشك ونارك وحلمك، وليلك ورمادك الفينيقي.
    لست خائفة منك ولا عليك. فساعاتي محدودة.
    رجلي ينفصم بالشعر والأغنية والبكاء وبالتاريخ.
    -أنا الموجدة الوحيدة الباقية، الباكية على كتفك. حين تحملني إلى حتفي.
    إلى فراشك الوسيع، إلى أشيائك التي أغمض عنها عينيّ.
    وتتحسسها أقداري. أرجوك أن تفعل معروفاً. أغمد سيوفك،
    ليرتاح عبدك إلى الأبد. قاصداً ناحية القلب. أمنع عنه الخفقان،
    ضّيع عليه أي فرصة في الحياة، أشتري منه كل سر لبقائه في الوجود،
    أطلبه على قائمة اشتهاءك، ولا تتئد في الخطوب.
    - قالت: أنت المواثيق التي أبرم عليها عهود اللقاء،
    شاطيء الخيارات الوحيدة المستحمة. تستجم عليها الزوارق العائدة من الرحلة الليلية،
    بالصيد الوفير أو بالخيبة الجارفة.
    جوعك لن تسده الأيام ولا الشهور أو الزمن المتبقي من الحياة.
    توقك استوائي، وسمرتك راجحة على كفوف الموازين.
    لم ينفعني استعلائي. لم يفدني كل ما استعنت به في الحياة،
    في أن أكبح جوعك السلطوي، وعطشك اللا إرادي.
    طيشك الليلي، أنت تأتي وترحل، تسافر ثم تعود.
    تغوص في الرمل وتبقي منخريك. وأنا كما أنا،
    ساجية على العهد القديم، مضطجعة على الأديم. خيلي تسبق خيلك.
    تعود بها، تحملها أشواق الليل والرمل والحافر.
    - يحاصرني شيئان. أيقنت أنك لن تتركني على حالي.
    قدرنا أن نكون مطاردّين إلى الأبد. منك ومني.
    وللأسف لم يخضع للجنة التحقيق في إشباعك الشتوي!
    يمنة ويسرة، أمامي وخلفي، هكذا حاصرتنا الأيام، بقينا في ظل الحصار.
    شفتاك تناديان وأنا على الجانب الآخر من النشوة. أدخله في الجب،
    غيبه في الظن مثل متاع قديم، لكن بولع شديد.
    ترُجني مثل عطر في قارورة مُتّسِعة. تفك أسري من إزاري.
    تُظّهِر سخطها عليّ، وتلعن طارقاً بالباب.
    مشينا جنباً إلى جنب. المارة كانوا يملأون الطرقات،
    دخلنا أول السوق ثم انحرفنا يساراً. دفعت باباً حديدياً،
    عليه طلاء باهت وزخارفَ قديمة، فتحت الباب امرأة نحيلة. ضمتها،
    وتبادلنا التحية. أخذتنا إلى غرفة من طين، باردة دون وسائل تكييف.
    تهيأنا. وافرة الخصب، ممتلئة الأوعية. ذائبة على بهجة أوراكها.
    هكذا لملمت أطرافها بحس جديد، ذاكرة تعمل في لحظاتها الباقية.
    تناوب المنجل في افتضاح الحقل. عبق لم تشي به زهور الشتاء.
    ودون مقدمات، تدخل علينا المرأة النحيلة. اختلطت في وجهي التعابير.
    كانت لحظة آتية من مجهول، مثل لذة رقدت بين الخلايا.
    لحظتها كنت عبثياً، مُوقناً بخسارة فادحة. أغنية الهوى بالبارحة.
    وكأني أبحث عن دعة شلوخ جداتي وبسماتهنّ. مِشّية متوائمة مع حراك لذيذ.
    كأس من نبات القرع، طاف داخل وعاء من الطلس،
    ممتليء بمريسة مُتبقية من حفلة الأمس، كؤوس صريعة.
    حلقات دخان غائب عن سجائره. ضمير غائب.
    لن تسألني بعد نصف حالة من الشعور!
    - كم تبقى لنا من العمر كي نعيد اللحظة ذاتها؟
    هدهدة راحلة على جناح الريح. كل يوم غافٍ في فراغ ذاكرة،
    وملحاحاً لثنيات جسد! أدركني أنا على الحافة، مقبل حال لا عودة.
    دمي يتفصد عن خلايا عابثة. أتمايل للأمام وإلى الخلف.
    لا ترتد لي ذكرى ولا يجنح بي خيال، ذاتي آمال.
    قابضة على زفراتها وأنينها المشغول باللذة. همسة باعثة نحو حس جديد.
    النشوة على الباب. طرقاتها ما عادت تخيفني.
    تخطيت حالة الخشية والخوف والامتناع. أبقيت لذاكرتي أن تفسر لكل طارق جديد.
    عاد ساري الليل يلوح من جديد. استكان الليل، غشى أمانيه،
    وأعد أحجية يداعب بها الصغار كي يناموا في ثبات.
    خرجنا بعد أن تلصصنا على الدرب، فتحنا الباب بهدوء.
    مفاصله الصدئة تستحثه على الصرير. ما بقى شيء.
    واريت سوءتي خجلاً. الصبح أقرب من نجمة بعيدة، تشهد بالازدراء.
    وكأننا عدنا من عناء الأمس. تخلصنا من سأم استمرّ طويلاً.
    لو تتذكري. كان الليل يرحل على صدر أغنية ماجنة.
    غيثار يُعزّف على رماد اللحظة.
    بكاؤها كان بحرقة ظاهرة. ما ضاع أكثر مما تمنيناه هنا.
    هكذا قالت. تعال بكل حروفك المذهبة، تعال بكل شخوصك الراهنة،
    وأرقص على صدري. الوقت عاد يعانق ما افتقده في السبت.
    باقة أزهارك على السرير. أرحلي عني. عن وسادتي، وعن ذاكرتي.
    زادي لم يعد يكفي. اقتسمناه على الفراش، بالنهنهة الكبرى.
    هزة ارتجت لها حواضر البلدة. ثم خرج الناس في الشوارع يستجلون الأمر.
    أن أشباحاً شقت حي الطارفة من الشمال، أخذت تعوي،
    تغذت اللحظات من تبادل الرؤيا. الواقع عاد مصاحباً، ما نقصت عنه الأيام.
    حمياها عاودتني عند الفجر. التبس الأمس، على ما جرت به مقادير اليوم،
    فضاع الفجر! أدارت وجهها ناحية اليمين: تحاصرني،
    وإن لم تترك لي مكانا لألتجيء إليه. ذهني ما عاد يعمل كما في سابقه.
    أهلكتني الأمنيات. ما تحقق شيء. حتى جئنا محطة المواصلات.
    أخذنا حافلة متهالكة، ومقعدان متجاوران. عطر سال من حقيبة يدها،
    واستباح فضاء الحافلة. كان يوما يتكرر إلى ما لا نهاية.
    ظلت تقول لي: لأنوثتي، عن حظي الذي ضيعته بين الورق.
    - لا تبكِ. أظنك تنتظرين حصاناً أبيضَ، دعك من قراءة روايات سن البلوغ هذه.
    تعاملي مع الأمر كشأن داخلي. لا يهم، لكنه من الصعب أن نستصدر أمراً،
    دون أن يظهر لنا، الشاب الذي اخترته أنت. الذي غرس دون عيونك الورد.
    الذي خذل توقُعات القيد، ثم ترامى على قدميك. أغفري يا أنثاه.
    أنت الوحيدة التي يجب أن تُخلّق لهذا الرجل. عذراً.
    هذا إذا لم يكن هناك تشف من حاله في هذه المدينة.
    كانت الدفعتان تحضران سوياً، محاضرات علم النفس، واللغة العربية،
    وعلم الجمال. القاعة الكبرى، بالطابق الثاني. لم نكن نتخذ مقاعداً متجاورة.
    لكن عيوننا كانت تبث تراسلاً يتخلل الحضور. تعانق سماوات من فرحة،
    وأغنية طالت أحلامنا. ابنة عمي رمقتنا، نجلس سوياً في حديقة قسم المطبعة.
    الشجرة التي جلسنا تحتها، أورقت في لحظتها، أينعت ورداً أرجواني،
    وأصفرَ، هجم عليها عشاق فجأة، نهبوا الورد، تركونا معلقين على الأغصان،
    كعصفورين شريدين، هدهما السفر. زها الورد فجأة.
    ما جرم من نام على الأقاحي والورد صاحٍ؟ أسبلنا جفوننا على محاضرة الفلسفة،
    حين قالوا للورد مطلق الجمال، وأن يختار من يناسبه.
    شكوكي هي التي أضاعتني فيما بعد. مخاوفي كانت أكبر من أي فعل،
    يمكن أن يحدث. واستدركت هل جال بخاطر حامد الدخري ما جال بخاطري؟
    نمت في ذلك المساء بنشوة غريبة. لا أتذكر.
    هل انتقامي كان بلا سبب؟ جديد العشق لا يحتمل حبيبة مُلتهبة.
    كان زماننا يختلف كليةً. كانت تومض بالعشق.
    وكنت أرى العالم مراقباً وباحثاً، ويوشك أن يتحدث عن عذريتي،
    وخوفي من النساء. كان حينها حامد الدخري، يخيط في شوارع القشلاق.
    لعله يلتقط خيطاً من حديث، وليفترع منه موضوعاً،
    ليسأل عن سامية محفوظ.







                  

العنوان الكاتب Date
رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار mustafa bashar12-27-20, 01:03 PM
  Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار mustafa bashar12-27-20, 01:45 PM
    Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار mustafa bashar12-27-20, 04:04 PM
    Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار mustafa bashar12-28-20, 03:49 PM
      Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار mustafa bashar12-30-20, 01:01 PM
        Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار Osman Musa12-31-20, 05:48 AM
          Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار mustafa bashar01-03-21, 04:56 PM
            Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار mustafa bashar01-03-21, 05:06 PM
              Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار mustafa bashar01-05-21, 09:12 AM
                Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار mustafa bashar01-07-21, 10:32 AM
                  Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار mustafa bashar01-09-21, 03:30 PM
                    Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار mustafa bashar01-13-21, 03:35 PM
                      Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار mustafa bashar01-17-21, 11:08 AM
                        Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار النذير بيرو01-17-21, 12:29 PM
                          Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار mustafa bashar01-19-21, 05:28 PM
                            Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار mustafa bashar01-23-21, 02:42 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de