|
Re: التدليس في أقوال و أفعال الرئيس (Re: sadiq elbusairy)
|
الواقع السياسي السوداني لم يشهد عبر تاريخه الحديث تطبيق لرؤية إستراتيجية أو منهج أو عقيدة سياسية يمكن تصنيفها على أسس علمية نظرية أو علمية، حتى في سياسات و تطبيقات أكثر الأحزاب السياسية مؤسسية، نجد أن التكتيكات حلت محل البرنامج السياسي و ايضا على مستوى نظم الحكم المتعاقبة، و التحالفات السياسية كذلك، فهي لا تقوم على أسس مبدئية، و ربما اقرب مثال على ذلك ما حدث على مستوى التحالف الوطني الديمقراطي إبان حكم نميري، الذي سرعان ما طغت الخلافات و انشقاق التحالف دون الخوض في تفاصيل يعرفها اغلبكم، و على مستوى الحكم نجد أن النظام يبدأ عادة بعقيدة سياسية محددة فما يلبث أن ينقلب الحاكم عليها سواء بإقصاء السياسيين العقائدين و يتلون حسب ما يخدم استمراره في الحكم، و الاسواء في تاريخ السياسة السودانية فترات الديمقراطية التي عكست العجز السياسي للأحزاب السياسية و عدم قدرتها على ممارسة الديمقراطية، و هنا لن أتطرق للأسباب او تفاصيل ذلك لأنه ليس موضوعنا هنا، بل سأركز على عدم إمكانية توصيفه علميا على غرار الدول الاكثر استقرار في العالم على فترات زمنية تفوق القرن و استقرار بعض البلدان العربية و مقارنة ذلك بواقع الحال في السودان دون التطرق لما كانت هذه الانظمة أكثر استقرارا، و سوف أتجنب التبريرات التي يطلقها البعض من تأثيرات القوى الاقليمية و العالمية على الإستقرار كما لن ادعي مثالية الشاعر أبي القاسم الشابي القائل ( ذا الشّعبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَـاةَ/ فــلا بــدّ أن يســتجيب القــدرْ ولا بُـدَّ لِلَّيـْلِ أنْ يَنْجَلِــي/ وَلا بُدَّ للقَيْدِ أَنْ يَـنْكَسِـر وَمَنْ لَمْ يُعَانِقْهُ شَوْقُ الْحَيَـاةِ/ تَبَخَّـرَ فى جَوِّهَـا وَانْدَثَـر)، في ظل التطور الحديث (السالب) في مفهوم الوطن و الوطنية، بل ساسعى من خلال طرح المشكلة أترك لكم استخلاص الحلول و التقدم نحو الإستقرار السياسي إذ ليس في نيتي تبني حل بحد ذاته. اتسم الخطاب السياسي و الجماهيري و النقابي و المنهجي في السودان بتناقضات مستمرة بين المنهج المعلن و ايضا يتناقض مع الخطاب السابق له و التالي له، و للأسف لا يرى الجماهير ذلك بل يؤيدون و يهتف التبع و يصفقون، و قيل قبل أن ذاكرة السودانيين كذاكرة السمك بل ادق، ربما هو تعبير قاسي و لكن فعلا القلة هم من يمتلكون القدرة على التحليل و ربط الأحداث قديمها و حاضرها و مستقبلها، بينما نجد في نظام كالنظام الأمريكي ترك مساحة كبيرة لهضم و إذابة هذه التناقضات في محتوى النظام الديموقراطي الذي تبنته منذ أكثر من قرن و تأسيس الولايات المتحدة بل جعلت تعزز هذه الديمقراطية التي استوعبت كل التناقضات في وعاء الديمقراطية الواسع و الذي التزمت به المؤسسات الحكومية التشريعية و القضائية و الشعب على حد سواء، ربما يرى البعض أن ذلك اي النظام الأمريكي ليس مثاليا و لكن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها أنه يحقق الإستقرار و التعايش السلمي و حقوق الإنسان بدرجة كبيرة، و كذلك الانظمة في الدول الغربية حتى الممالك القديمة بعد عصر النهضة تطورت و حافظت بجدارة على إرثها و تطبيق الديمقراطية، و في بعض الدول العربية تحديدا دول الخليج كان تطور النظام السياسي مواكبا لعدة محاور خاصة بتكويناتها الاجتماعية و الإقتصادية، و الشاهد في كل تلك الأمثلة ان التنمية أخذت حقها و حظها الوافر في أولويات هذه النظم، و رغم الجدل الواسع حول الأتحاد السوفيتي و الصين نجد أن الإستقرار كان سمة أساسية حققت نمو اجتماعي و اقتصادي، كما هناك أمثلة لامبراطوريات و جمهوريات اخرى، اليابان و ماليزيا و سنغافورة....إلخ، و كما ذكرت لن نتعمق في التفاصيل و لكن هناك عوامل أساسية هي التي أريد أن اسلط عليها الضوء أولا مستوى الشفافية في الخطاب السياسي ثانيا التوجه نحو التنمية ثالثا مستوى المصالح الشخصية او الفئوية او الحزبية و أثرها على التنمية رابعا مبدأ التحالفات الداخلية و الخارجية
و كل ذلك يضيق الفجوة في مقالنا هذا نحو الخطاب و الفعل السياسي، بالمقارنة البسيطة نجد أن الخطاب و الأفعال السياسية في السودان هدفها أحادي البعد و هذا النمط هو الذي يشرذم النظام و يشظي العمل السياسي و المجتمع و لا يهتم بالتنمية و الوحدة الوطنية و السيادة الوطنية.
يتبع >>>> ما هي السياسة و فنونها؟ هل السياسة فعل قذر كما يشاع؟ هل إرساء قواعد الديمقراطية أمر مستحيل في السودان؟ عل نتفق أن الصراعات الحالية كان من المقترض أن تدور داخل وعاء الديمقراطية ان خارجه؟ الى أي مدى يمكن توصيف الواقع السياسي في السودان (بممارسة سياسية)؟ إلى اي مدى ينطبق القول التدليس في اقوال و أفعال الرئيس؟
ثم الخلاصة و النهاية.
|
|
![Edit](https://sudaneseonline.com/db/icon_edit.gif)
|
|
|
|
|
|
|