|
Re: أبي (Re: sadiq elbusairy)
|
في عام 1993 كانت أول تجربة لي في الاغتراب جاء والدي لياخذني للمطار و دعت أمي التي كانت تنظر إلى بابتسامة كأنها البدر في السماء و قلت في نفسي هل أمي سعيدة بسفري و اغترابي لهذا الحد و أنا احدق في عينيها و اقسمت في نفسي ان رأيتها تبكي لن أسافر و لكني لم أرى طرف دمعة فقط كانت عيناها الجملتين رحمها الله تلمعان كجوهرة مصقولة بعناية، ذهبنا إلى المطار و قبل الدخول الى صالة المغادرة عانقت أبي كما لم أفعل من قبل و هو يدعو لي بالتوفيق و ذات النظرة التي كانت ترمقني بها أمي رأيتها في عيني أبي سافرت و بعد عدة أيام بعد أن استقر بي المقام في بلاد الغربة ارسلت لهما كلا على حدى قلت لأمي (أتدرين لقد اقسمت يوم وداعي عدم السفر إذا رأيت دمعة في عينيك) و قلت في رسالتي لأبي (أحسست بمقدار الألم الذي راودك يوم ودعت انت جدي عندما ذهبت للدراسة في لبنان) جاءني رد أمي قائلة (كنت أعلم ذلك و لكني لم أشاء أن افعل فإن فعلت ما سافرت و كانت حسرتي ستكون أكبر) علمت من اخواتي بعد حين أنها اي أمي بعد سفري تعبت و مرضت مرضا شديدا نتيحة لضغطها على نفسها لكي لا تدمع عينيها و جاءني رد أبي قائلا ( و أنا اختبرت احساس جدك يوم وداعي له عند سفري لبيروت فتلك أيام دول) شاء الله أن أعود بعد خمسة عشرة اعوام هذه القوة المكلفة هي جزء من عطاء التربية و المربي تترك في الضمير صلابة و إعتماد على الذات في حفل تأبين الوالد الذي أقامه نفر من طلابه بقاعة الشارقة قلت للحضور كان أبي معلما صبورا و مربيا فذا في إحدى المرات و كنا في السودان فأردت أن أخرج مع رصفائي من قرابتي لحضور حفلا أقامه أحد اقربائنا بالجريف غرب و كنت حينها لا أزال طالبا، طلبت من ابي خمسة حنيهات لزوم المواصلات و أشياء اخرى فتبسم و أخرج من جيبه جنيه واحد أخذته و سألته مندهشا لما جنيه واحد فقط قال لي One more pound will spoil you هكذا كان يرسل لي رسائل تربوية. خلاصة القول الأمر لا يتعلق بي شخصيا بل المعنى Home education هي الثروة التي يقدمها الأمهات و الاباء ليس للأبناء فحسب إنما هي للمجتمع و البلد القيمة الحقيقية للإسهام في بناء الوطن هي التربية الصالحة هذا ما نحتاجه لوطن معافى
|
|
|
|
|
|
|
|
|