سيرة تاجر مضادات الحنين

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-10-2024, 08:36 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-12-2020, 06:10 AM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سيرة تاجر مضادات الحنين (Re: ناذر محمد الخليفة)

    مطربنا الجميل ناذر:
    حللت أهلا ونزلت سهلاً.

    حيرة (من مجموعة ملف داخل كومبيوتر محمول):

    على بحر حيرتها

    أشعر كما لو أنها تريد أن تقول لي شيئا.

    قبلها، قمتُ بمراجعة مكتب الأمن عند مدخل المستشفى حيث يعمل الحرّاس المداومون في الموقع. سألتهم عما إذا كنت سأعمل الليلة كحارس موفد من الخارج في عنبر المرضى النفسانيين، أم سأذهب لمراقبة أولئك المصابين بداء الصدر؟

    بالنسبة لي، كغريبٍ ظلّ يعيش على أعصابه العارية طويلا، بدا الأمر، دوما، كمسألة أن أختار ما بين طريقتين للموت!

    مع ذلك، كان وجودي، إلى جانب أولئك المصابين بعطب ما في عقولهم، أو بخلل ما في جهازهم العصبيّ، يجعلني أشعر، في كل مرة، أحضر فيها إلى المستشفى هكذا، كحارس زائر، أو موفد من الخارج، كما لو أنني أجلس، دون شك، إلى شيء ما قابل للانفجار، في أي لحظة. "كالعادة، إذا لم تكن هذه هي المرة الأولى لك هنا، فكل ما عليك القيام به هو أن تجلس وتراقب حركة المصابين بمرض (إم.آر.آي. إس) المعدي. تأكد فقط أن أولئك المرضى يضعون قناعا طبيا واقيا، طبقا للمواصفات المعتمدة، في حال مغادرتهم لغرفهم للتمشية أو التدخين أو لأمر ما آخر. لا يهم.

    كندا دولة حرة!

    على أي حال، ما اسمك؟ نعم هاميد هاميد! أنّك يا هاميد لا تستطيع الحدّ للأسف حتى من حرية أولئك المصابين بالطاعون في هذه البلاد"! ذلك ما قد ظلوا يخبرونني به في العادة داخل ذلك المكتب حين أوفد إلى قسم أمراض الصدر.

    ما كان يثير حيرتي، أنا المريض بداء الوحدة الباحث عن الرفقة مثل كلب، أن رئيس وردية الليل، هذا المداوم في الموقع، ظلّ في كل مرة أُرسل فيها للعمل "هنا" يعطيني الانطباع نفسه كما لو أنّه يراني كحارس زائر للمرة الأولى في حياته. لم يعد ذلك يحزنني كثيرا. لقد عنّ لي في بعض الأحيان أن أسألهم هناك في المكتب الرئيسي لحظة توزيع جدول العمل الأسبوعيّ اللعين القيامَ بتثبيتي في موقع ما واحد عوضا عن كل هذا التنقل المُنهِك ما بين الورديات ومواقع الشركة المنتشرة بطول المدينة وعرضها. لكنني لم أفعل ذلك حتى الآن خشية أن أُواجه بعبارة عسكرية صارمة:

    "الأمر برمته يعتمد هنا على الأقدمية".

    الساعة الآن الثانية، بعد منتصف الليل.

    لم يحدث بعد هناك أي أمر ما ذو بال.

    منذ قليل، تناولت وجبة خفيفة. ساندويتش جبنة بيضاء. بعدها، أخذت أتمشّى جيئة وذهابا داخل طرقة العنبر، من غير هدف معين، قبل أن أعود إلى مكاني في انتظار أن يحدث شيء ما، أعلم من واقع خبرتي المحدودة أنه قلما يحدث.

    هناك، في ذاكرتي، لا تزال تومض ملامح باهتة من معالم الوطن البعيد، مثل وجه مراهقة منحتني ذات مساء فمها عبر حبل الغسيل خلسة. لقد بدا الأمر لي في الآونة الأخيرة كما لو أنني أسير داخل كابوس من الحنين لا نهاية له البتة.

    كنت أجلس إذن عند نهاية الطرقة الطويلة المضاءة، التي تطل عليها من الجانبين غرف المرضى المؤصدة، التي أخذ يتناهى من داخلها بين فترة وأخرى سعال جاف مكتوم؛ عندما رأيتها لأول مرة وهي تقبل من ناحية مدخل العنبر المواجه لجلستي المنعزلة تلك. ولسبب من الجوع الممض نفسه، وهي تقترب مني هكذا أكثر، وجدتني أفكِّر فيها كوجبة شهية على مائدة الغد. شفتان شهوانيتان. ربعه. ممتلئة العود قليلا. متوردة الخدين. لها نظرة الغرباء الحزينة الساهمة حتى وهي تنظر ضاحكة إلى محدثها. بدا من ملامحها وهيئتها العامة أنها ممرضة فلبينية على أبواب الثلاثين.

    حتى اللحظة الأخيرة، لم أكن واثقا أنها تقصد مجلسي ذاك. لقد تعودت لسنوات طويلة على ألا يراني الناس. كما لو أنني محض طيف. لكنها لدهشتي الشديدة حيَّتني بتردد. وبدت مترددة أكثر في الجلوس من قبل أن تلقي بثقلها كله على مقعد جلدي كان يقبع هناك، إلى جواري. لا أذكر أبدا آخر مرة وجدتني أنعم فيها بكل ذلك القرب الحميم من أنثى!!

    مضت دقيقتا صمت غالبت خلالهما أريج عطرها الخفيف الآسر.

    القتل هكذا بعطر أنثى من أمتع هبات هذا العالم المصنوع من الخفّة وجملة تلك الأشياء الأخرى القابلة للفناء، أو الزوال.

    في الأثناء، لم أعثر للأسف الشديد على أدنى قدر من تلك القوة اللازمة لبدء حوار هناك من أي نوع. ماذا أصابني حقّا وقد ظننت قبلها أن الليلة كلها لن تسع حجم الكلمات المختزنة في داخلي؟ مع ذلك، وددتُ فقط لو أنني أضع يدي على يدها، ثم أخبرها بصوت خافت أنه بعد انتهاء "هذه الوردية" لن أجد أبدا مَن تنتظر قدومي هناك، في البيت!

    كانت قد تجاوزت الثالثة بعد منتصف الليل بقليل.

    الحركة داخل العنبر لا تزال خافتة متباعدة. كنت لا أزال أنظر إليها من طرف خفي والتفكير فيها كوجبة شهيّة على مائدة الغد يعاودني. زاد من أواره ذلك السكون المحيط. فجأة، التفتت إليَّ. وجدتني بدوري أطالع عينيها من كل ذلك القرب. سألتني إن كنت أعرف شخصا من (آفركا) يدعى (باتريك) ظلّ يعمل لنفس شركة أمن الحراسات التي أعمل لحسابها.

    لم تكن نظرتها ساهمة حزينة هذه المرة. كانت نظرة تجمع، في آن، وهي تنفذ بتوسل إلى أعماقي السحيقة النائية، ما بين اليأس والرجاء. كانت نظرة سيدة متعبة تنتظر إجابة قدرية. "لا، يا سيدتي، للأسف، لا أعرف شخصا بهذا الاسم".

    مضت دقائق أخرى من الصمت القاتل الرحيم.

    كنت أستدير نحوها هذه المرة بنصفي الأعلى كله. كانت تبتسم بعصبيّة، وهي تشيح عني بوجهها نحو إحدى الغرف محاولة إخفاء ستارة الدموع الخفيفة التي أخذت تظلل عينيها السوداوين على غير توقع. قلت، في نفسي، وأنا أتتبعها بناظري إلى نهاية الوردية، وهي تدلف من غرفة لغرفة، "أنا أيضا (يا سيدتي)، أضعت فيما مضى حبا عظيما هنا وهناك".






                  

العنوان الكاتب Date
سيرة تاجر مضادات الحنين عبد الحميد البرنس09-04-20, 08:50 PM
  Re: سيرة تاجر مضادات الحنين جمال ود القوز09-05-20, 00:07 AM
    Re: سيرة تاجر مضادات الحنين عبد الحميد البرنس09-05-20, 05:30 AM
      Re: سيرة تاجر مضادات الحنين Osman Musa09-05-20, 07:35 AM
        Re: سيرة تاجر مضادات الحنين عبد الحميد البرنس09-05-20, 11:22 AM
          Re: سيرة تاجر مضادات الحنين osama elkhawad09-05-20, 02:29 PM
            Re: سيرة تاجر مضادات الحنين نعمات عماد09-05-20, 03:57 PM
              Re: سيرة تاجر مضادات الحنين ابو جهينة09-05-20, 05:27 PM
                Re: سيرة تاجر مضادات الحنين عبد الحميد البرنس09-06-20, 10:38 AM
            Re: سيرة تاجر مضادات الحنين عبد الحميد البرنس09-05-20, 10:12 PM
              Re: سيرة تاجر مضادات الحنين عبد الحميد البرنس09-06-20, 02:12 AM
                Re: سيرة تاجر مضادات الحنين elsharief09-06-20, 02:51 AM
                  Re: سيرة تاجر مضادات الحنين محمد عبد الله الحسين09-06-20, 10:52 AM
                    Re: سيرة تاجر مضادات الحنين عبد الحميد البرنس09-07-20, 00:01 AM
                  Re: سيرة تاجر مضادات الحنين عبد الحميد البرنس09-06-20, 06:18 PM
  Re: سيرة تاجر مضادات الحنين أبوذر بابكر09-06-20, 06:44 PM
    Re: سيرة تاجر مضادات الحنين ابو جهينة09-06-20, 08:02 PM
      Re: سيرة تاجر مضادات الحنين عبد الحميد البرنس09-07-20, 10:26 PM
    Re: سيرة تاجر مضادات الحنين عبد الحميد البرنس09-07-20, 05:32 PM
      Re: سيرة تاجر مضادات الحنين أبوذر بابكر09-08-20, 05:44 PM
        Re: سيرة تاجر مضادات الحنين عبد الحميد البرنس09-08-20, 09:59 PM
          Re: سيرة تاجر مضادات الحنين عبد الحميد البرنس09-09-20, 01:28 AM
            Re: سيرة تاجر مضادات الحنين عبد الحميد البرنس09-09-20, 10:19 PM
              Re: سيرة تاجر مضادات الحنين ابو جهينة09-11-20, 02:23 PM
                Re: سيرة تاجر مضادات الحنين عبد الحميد البرنس09-11-20, 06:44 PM
  Re: سيرة تاجر مضادات الحنين ناذر محمد الخليفة09-11-20, 08:09 PM
    Re: سيرة تاجر مضادات الحنين elsharief09-12-20, 00:43 AM
    Re: سيرة تاجر مضادات الحنين عبد الحميد البرنس09-12-20, 06:10 AM
      Re: سيرة تاجر مضادات الحنين عبد الحميد البرنس09-12-20, 08:20 PM
        Re: سيرة تاجر مضادات الحنين ابو جهينة09-12-20, 08:49 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de